بالتزامن مع الدور البارز الذي يلعبه الذكاء الاصطناعي في إدارة الاستثمار. والانتشار الواسع لبرامج الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي. يتساءل البعض هل ChatGPT جاهز للتداول وإعطاء قرارات صائبة؟ ما هي نتائج استخدام ChatGPT كمستشار في عالم التداول والاستثمار؟ هل يلغي ChatGPT دور مستشاري التداول؟.
للإحاطة بالأسئلة السابقة نقدم دراسة شاملة وموضوعية لمجموعة من النقاط الهامة. بما فيها: ChatGPT وقدراته الحالية في مجال الاستثمار، ChatGPT وآفاقه المستقبلية، كيفية الاستفادة من ChatGPT لدعم قراراتك الاستثمارية. مستقبل التداول في ظل وجود الذكاء الاصطناعي وأدواته المختلفة.
مقدمة عن ChatGPT واستخداماته في مجال التداول
أفرزت تقنيات الذكاء الاصطناعي AI مجموعة واسعة من الأدوات التي دخلت مجالات مختلفة، وحققت نتائج باهرة. إلى أن وصلت إلى مجال الاستثمار والتداول حيث القرارات كثيرة، و “الذكاء” والتحليل الدقيق مطلوب على نحو واسع. الأمر الذي جعل عالم التداول المالي يزخر بالعديد من هذه التقنيات الجديدة، التي تعد بتحسين الأداء وتوفير الوقت. من بينها روبوتات المحادثة (AI Chatbot) التي كان أبرزها ChatGPT، وهو:
- نموذج ذكاء اصطناعي مطور من قبل شركة OpenAI.
- يعتمد على تقنية معالجة اللغات الطبيعية (NLP) ومجموعة من النصوص (البيانات) لتوليد استجابات مشابهة للاستجابات البشرية.
- حظي GPT بانتشار واسع بسبب استخدامه في مجالات مختلفة كان أحدها مجال التداول.
قد يهمك الإطلاع على: أهم طرق الربح من الذكاء الاصطناعي
ما هو التداول بال ChatGPT أو ما يعرف بال ChatGPT Trade
يعتبر ChatGPT Trade أحد الميزات العديدة التي يقدمها ChatGPT مصمم بشكل خاص لإنشاء محادثات متعلقة بعمليات التداول بما يشمل: تداول الأسهم والعملات المشفرة وغيرها من الأدوات المالية. من استخداماته أيضًا نذكر:
- إنشاء محادثات متعلقة بتحليل الأسواق المالية.
- وضع استراتيجيات استثمار مختلفة.
- دراسة حركة الأسواق وتأثير آخر المستجدات العالمية الاقتصادية منها والسياسية على عجلة الاقتصاد.
- مناقشة المواضيع المالية الأخرى كخطط الإدخار والتقاعد.
- الإجابة عن أسئلة محددة مثل: إعطاء مجموعة من القيم والمدخلات وطلب حساب معايير استثمار محددة.
- توصيف حالة محددة وتحديد الخيارات المتاحة عندها يمكن ل ChatGPT أن يميز بين الخيارات ويعطيك إيجابيات وسلبيات كل منها.
- يساعد ChatGPT Trade في استراتيجيات تقييم المخاطر وتحديد درجة المخاطر المرتبطة بقرار استثماري معين.
- يساعد جي بي تي مبتدئي التداول في مرحلة التعلم. إذ إنه يعرفهم بكل المصطلحات الجديدة التي تظهر أمامهم ويحتاجونها بشكل بسيط ومركز مما يختصر عليهم الكثير من الوقت (تعرّف على: تعلم تداول العملات الرقمية: الدليل الشامل للمبتدئين).
كيف يعمل ChatGPT Trade وبماذا يتميز عن ChatGPT القياسي
في محاولة للإجابة عن التساؤل: هل ChatGPT جاهز للتداول. ندرس آلية عمله بادئ الأمر. من خلال تحديد النقاط التالية:
- تشبه الطريقة التي يعمل بها ChatGPT Trade المخصص للتداول نموذج ChatGPT القياسي.
- يكمن الاختلاف بين النموذجين في أن ChatGPT Trade مدرب على مجموعة محددة من البيانات المتعلقة بالتداول والتمويل مما يزيد دقة وقدرة النموذج على الإجابة عن الأسئلة التي تناقش أمور الأسواق المالية والتداول والتمويل.
- يقوم المستخدمون بإدخال أسئلتهم المتعلقة بالتداول أو التمويل. يقوم النموذج بالإجابة عن هذه الأسئلة مستخدمًا بيانات التدريب وخوارزميات معالجة اللغات الطبيعية.
- يوفر بذلك ChatGPT معلومات حول اتجاهات السوق، والمشورة الاستثمارية، وتقييم المخاطر، وغيرها من المواضيع ذات الصلة في مجال التداول.
هل ChatGPT جاهز للتداول وإعطاء قرارات تداول ناجحة
يعتبر ChatGPT جاهزاً للتداول “إلى حد ما”، ونقصد بإلى حد ما أن GPT لم يصل بعد إلى أفضل أداء ممكن، ولا تزال الثغرات وإشارات الاستفهام موجودة حول استخدامه في عالم التداول المتسارع والغني بالأحداث (تعرّف على: ماهو المستشار الآلي robo-advisor وماذا قدمه في عالم الاستثمار). للتوضيح أكثر قمنا بإجراء التجربتين التاليتين للتحقق من دقة إجابة GPT على أسئلة المستخدمين:
- التجربة الأولى: سألنا GPT عن مستقبل أسعار الذهب خلال الفترة القادمة وما تبقى من عام 2024
تؤكد النتيجة أن جي بي تي وبالاعتماد على البيانات التي تم تدريبه عليها لم يمتلك بعد القدرة على التنبؤ بالأسعار، وهذا لاينفي أن هناك تقنيات ذكية كالتعلم الآلي والعميق يمكن استخدامها في هذا الإطار، ولكن حتى الآن تحتاج هذه التقنيات إلى متخصصين، ولم تطبق بعد بشكل فعلي ضمن إصدارات GPT الحالية.
- التجربة الثانية: سألنا GPT ماهي أفضل الاستثمارات في الوقت الحالي؟
فأجاب كما يظهر لدينا في الصورة أدناه، مما قد يشير إلى أن استخدام جي بي تي في الأسئلة والمناقشات العامة قد يكون مجديًا أكثر من استخدامه للتنبؤ والحصول على إجابات مخصصة.
من الجدير بالذكر، أن التداول باستخدام تشات جي بي تي لم يصل إلى شكله النهائي ولا يزال الحذر والتدقيق في القرارات التي يأخذها GPT احتياطاً واجباً. سنترك تفسير هذه الإجابة للفقرات التالية التي سنشرح فيها قيود استخدم GPT في مجال التداول ومخاطره.
اقرأ أيضاً: تنبؤ شات جي بي تي بحركة الأسهم: واقع أم وهم؟
ماهي مخاطر وقيود استخدام ChatGPT في مجال التداول
يعتبر الكثير من خبراء التداول أن ChatGPT قد يقدم لهم المميزات المتعددة، ويختصر عليهم الكثير من الوقت. متغافلين عن بعض السلبيات والمخاطر التي تعترض الاستفادة الكاملة من ChatGPT ومنها:
- ارتباط النتائج بشكل وثيق بالبيانات التي تم تدريب النموذج عليها: تعتمد إجابة ChatGPT واقتراحاته على البيانات المتوفرة حتى آخر موعد قبل عمليات التدريب. فالنتائج معتمدة بشكل وثيق على المواد التي تم تعلمها حتى لحظة معينة من الزمن.
- الافتقار إلى التحليل بالزمن الحقيقي: نقصد بهذه الخاصية قدرة النموذج على تحليل البيانات المتوفرة حتى تاريخ اللحظة والاعتماد عليها في عملية تكوين الإجابة.
- صعوبة التعامل مع تعقيدات الأسواق المالية: يقدم ChatGPT إجاباته بالاعتماد على تحليل لبيانات غير لحظية، وبالتالي لن تكون آخر المستجدات جزءاً من البيانات التي قامت خوارزمية GPT بالتدرب عليها. كما أن التعامل مع تعقيدات السوق يجعل من الصعب على GPT إجراء التحليلات المعقدة للأسواق المالية كالتحليل الأساسي والفني.
- الافتقار إلى الذكاء العاطفي: إن الاستفادة من امتلاك الذكاء العاطفي، والقدرة على فهم واستغلال بعض الحالات العاطفية المرتبطة بالتداول مثل: الخوف والطمع والاندفاع يعتبر أمراً هاماً جداً في نجاح التداول (قد يهمك: أسباب فشل المستثمر العاطفي).
- خطأ في إساءة الفهم: قد يخطئ GPT في فهم سؤالك، فيعطيك معلومات خاطئة أو غير مكتملة عن موضوع معين. بسبب نقص المعلومات عن هذا الموضوع أو خطأ في فهم السياق. لذا عليك أن تكون واضح جداً بشأن أسئلتك، وحذر بشأن إجابات تشات جي بي تي متحققاً منها.
- القيود التنظيمية: تفرض بعض الهيئات قيوداً تنظيمية على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في التداول. لذا على المتداولين التحقق أولاً من القواعد التنظيمية قبل استخدام أدوات GPT.
- الأمان والخصوصية: إن مشاركة البيانات الخاصة بالمتداولين على تشات جي بي تي قد يشكل خطراً على هذه البيانات في حال الوصول إليها من قبل المهاجمين (قد يهمك: أهم نصائح تخزين العملات المشفرة بشكل آمن في المحفظة).
- التخصيص المحدود: يقدم جي بي تي نتائج أفضل عند سؤاله أسئلة عامة، إلا أنه لا يزال غير دقيق عند التعامل مع حالات خاصة وأسئلة محددة جدا. كموائمة الإجابات مع خطتك الاستراتيجية وأهدافك الاستثمارية.
اقرأ أيضًا: أهم طرق الاستثمار في الذكاء الاصطناعي في 2024 وتحقيق عوائد كبيرة
مستقبل التداول باستخدام ChatGPT
لايزال مستقبل التداول في ظل وجود الذكاء الاصطناعي واستخدامه أمراً مثيراً للجدل يتطلب المناقشة. وبالرغم من أن الرؤية لاتزال غير واضحة بشكل كامل إلا أننا نشير إلى أبرز الاتجاهات المستقبلية:
- بمرور الوقت، سنشهد تطوراً كبيراً في ChatGPT وزيادة في قدرته على معالجة البيانات المتقدمة كما سنشهد استخداماً واسعاً له في مجالات مختلفة، وتعزيزاً لدوره في مجال الاستثمار والتداول، والأمر سيكون نتيجة لعدة عوامل منها: تدريبه على نطاق واسع من المعلومات، تطوير التقنيات التي يعتمد عليها بما يسمح له بتحليل الأنماط والعلاقات المعقدة التي قد نجدها في الأسواق المالية، وتطوير استراتيجيات ديناميكية تلائم الطبيعة المتغير لأسواق التداول.
- التداول الخوارزمي وتوليد الاستراتيجيات: سنشهد تطوراً في قدرة جي بي تي على تحليل كميات هائلة من البيانات التاريخية والاعتماد عليها في صياغة استراتيجيات تداول يمكن الاعتماد عليها. بالمقابل يمكن استخدامه لتطوير خوارزميات التداول وصولاً إلى نتائج أفضل.
- استخدام معالجة اللغات الطبيعية (NLP) في دراسة حركة السوق: في المستقبل سيستخدم GPT بشكل أكبر لتحليل أخبار وسائل التواصل الإجتماعي والمقالات الإخبارية وتحديد اتجاهات ومشاعر السوق، ودراسة تقارير الأرباح. مما قد يساعد المتداولين في اتخاذ القرارات.
- التوصيات المخصصة: سيكون جي بي تي في المستقبل قادراً على توليد توصيات مخصصة للمتداولين وفقاً لأهدافهم الاستثمارية وقدرتهم على تحمل المخاطر وبما يشمل تقديم تفسيرات وتوضيحات لكل حالة أو قرار.
- زيادة في استخدام جي بي تي في مجال تعلم أساسيات الاستثمار والتداول: أثبت GPT كفاءة في توضيح وشرح المصطلحات المتعلقة بالتداول وأهم المفاهيم التي يحتاجها أي متداول في بداية رحلته. حيث أن استخدامه يوفر الوقت والجهد من خلال تقديم أمثلة وتوضيحات تفصيلية لبعض الأمور.
- في الوقت الحالي، لا يستطيع GPT تفسير هذه الأمور في الوقت الفعلي أو التكيف مع التغيرات المتسارعة في أسواق التداول، مما يؤدي إلى نصائح تجارية قد لا تكون دقيقة بنسبة 100%. نظراً لهذه القيود، فإن التداول المالي الناجح لا يزال أمراً متروكاً لنا. ولا يمكن المبالغة في التأكيد على أهمية التعليم المناسب وفهم ديناميكيات السوق. هذا هو المكان الذي تلعب فيه منصات التداول دورًا حيويًا.
- دعم العملاء: يمكن لChatGPT أن يعمل كمساعد افتراضي للمتداولين، فيقدم لهم مجموعة من الخدمات ويجيب عن أسئلتهم المتعلقة بمنصات واستراتيجيات التداول واقتراح استراتيجيات تخفيف للمخاطر.
- التكامل مع منصات التداول: سيحدث مستقبلاً دمج ل ChatGPT في منصات وتطبيقات التداول، لتقديم خدمات متعددة وتعزيز تفاعل المستخدمين من خلال تمكين الأوامر الصوتية وإدارة المحافظ اعتمادًا على تعليمات المستخدمين.
نتوصل في النهاية إلى الإجابة عن سؤال المقال الأساسي: “هل ChatGPT جاهز للتداول؟” بالقول: لايزال الطريق مفتوحًا أمام تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبالرغم من التطور المتسارع لتقنيات AI، إلا أننا ننصح بالاستخدام الحذر ل ChatGPT باعتباره مساعداً ومستشاراً في عمليات التداول. فبالرغم من قدراته وإمكاناته الرائعة. لا يمكن الاستغناء عن الدور الكبير للتعلم والتجربة في صقل الخبرة والاستفادة من التقنيات المتاحة على النحو الصحيح، فالأخطاء واردة والطريق لايزال طويلاً أمام التداول باستخدام ChatGPT.