ستحمل أحداث الفوركس المرتقبة في النصف الثاني من عام 2024 بشكل متوقع تأثيرًا كبيرًا على السوق المالي الأكبر لبيع وشراء العملات في العالم، من مؤتمرات اقتصادية وسياسات نقدية للبنوك المركزية، فضلًا عن تأثير التطور التكنولوجي ولا سيما في مجال الذكاء الصناعي على سوق الفوركس.
وفي خضم الأزمات المالية التي اندلعت منذ عام 2008 وما تلاها من أحداث شملت وباء كوفيد 19 وما نتج عنه من شلل للاقتصاد العالمي، وصولًا للمشكلات السياسية التي شهدها العالم أجمع منذ أواخر عام 2023 وحتى اليوم، بالإضافة للتقلبات الاقتصادية العالمية، كان لا بد لنا من الحديث عن انعكاس هذه الأحداث على سوق تبادل العملات الأجنبية الفوركس ضمن مقالنا لليوم. لذا تابع معنا القراءة لتعرف أكثر.
أحداث الفوركس المرتقبة للنصف الثاني من عام 2024
يعتبر سوق الفوركس أكبر الأسواق المالية في العالم لتداول العملات الأجنبية. حيث يتمتع بسيولة عالية بالإضافة لحجم تداول يومي كبير كان قد بلغ في عام 2022 أعلى مستوى قياسي له، حيث سجل 7.5 ترليون دولار امريكي.
ولهذا السبب، يعتبر سوق الفوركس شديد التأثر بالأحداث السياسية والاقتصادية وتغيرات السوق، والتقدم التقني حول العالم. سيما وأن سوق الفوركس قائم على شبكة كبيرة لا مركزية من المؤسسات المالية.
وفيما يلي نقدم لك أهم أحداث الفوركس المرتقبة في النصف الثاني من عام 2024 التي من شانها أن تغير في مسار سوق الفوركس، وذلك عبر التأثير على تقييم العملات الأجنبية بالإضافة لتأثيرها في معنويات المستثمرين:
دور السياسات الاقتصادية وإعلانات البنوك المركزية
تلعب البنوك المركزية دورًا محوريًا وهامًا في تداول سوق الفوركس، عبر اتباعها لسياسات نقدية من شأنها أن ترفع أو تخفض قيمة العملات. ومن أمثلة هذه البنوك البنك الاحتياطي الفدرالي في أمريكا، والبنك المركزي الأوروبي في دول منطقة اليورو، بالإضافة لبنك اليابان.
حيث يمكن لهذه القرارات أن تحدد سعر الفائدة وذلك إما عن طريق رفعه أو تخفيضه. وفي حال كانت السياسات النقدية الصادرة تشير إلى رفع سعر الفائدة فإن ذلك يسبب ارتفاع قيمة عملة البلد المعني، نتيجة توفير عوائد أعلى على الاستثمارات القائمة على العملة المعنية، وبالتالي عملية جذب لرأس المال والاستثمار الأجنبي.
أما في حال خفض البنك المركزي سعر الفائدة، فإن ذلك قد يسبب انخفاض قيمة العملة من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، عبر محاولة جعل عملية الاقتراض أرخص وهو الأمر الذي قد يسبب زيادة حجم الضغط التضخمي.
من ناحية أخرى، تختلف السياسات النقدية بين البنك الأوروبي المركزي وبنك الاحتياطي الفيدرالي وغيرها من البنوك المركزية كما يلي:
- كان من أحداث الفوركس المرتقبة في أوائل عام 2024 في مارس قيام بنك اليابان برفع سعر الفائدة لأول مرة، بعد أن كان سعر الفائدة سلبي لمدة طويلة في البلاد، حيث نتج عن ذلك انخفاض قيمة العملة اليابانية الـ “ين” حيث وصلت لأدنى مستويات لها في عام 2024، وانخفضت بنسبة 1.2% لتسجل قيمة 150.95 للدولار الواحد.
- كما كان من المنتظر من ضمن أحداث الفوركس المرتقبة للنصف الثاني من 2024 قيام البنك الاحتياطي الفدرالي بخفض أسعار الفائدة، إلى أن التوقعات جاءت عكس ذلك، حيث استمر البنك الاحتياطي الفيدرالي بتثبيته لسعر الفائدة المرتفع للمرة السابعة على التوالي في محاولة منه لخفض مستويات التضخم والوصول للنسبة المرجوة. والرسم البياني التالي يوضح المعدل المستهدف من قبل البنك الاحتياطي الفيدرالي للاقتراض قصير الأجل وتثبيت أسعار الفائدة بين 5.25% و5.50%.
- من ناحية أخرى، قام البنك المركزي الأوروبي بتخفيض سعر الفائدة إلى 3.75% لأول مرة منذ 2019، وذلك بعد فترة تثبيت لأسعار الفائدة لمدة تصل لـ 9 أشهر، وجاء ذلك كخطوة لتيسير السياسة النقدية على الرغم من استمرار مخاوف التضخم.
- كما تتّبع دول مجلس التعاون الخليجي سياسات مالية هادفة لتنويع المجالات الاقتصادية والابتعاد عن الاعتماد الكلي على النفط، وهو الأمر الذي يمتد تأثيره خارج إطار العملة المحلية لدول مجلس التعاون الخليجي، ويزيد من التقلبات والفرص ضمن سوق الفوركس.
دور الأخبار السياسية والانتخابات في سوق الفوركس
تغير الأخبار السياسية من مجرى أحداث سوق الفوركس، وهناك استراتيجية تداول فوركس قائمة على الأخبار سبق وأشرنا إليها في مقال سابق. حيث من الممكن أن تسبب الأخبار والتقلبات السياسية تغيرات في الإنفاق الحكومي للدول، فضلًا عن تعديلات لبعض الأنظمة والقرارات الاقتصادية مثل الهوامش أو الرافعة المالية.
من ناحية أخرى، تشكل الانتخابات في مراحلها قبل النهائية أحداثًا مؤثرة على سوق العملات الأجنبية الفوركس، أي أنه في حال كانت نتائج الانتخابات الأولية إيجابية لطرف ما داعم للنمو، فإن أسعار الصرف ستتأثر بشكل إيجابي والعكس صحيح. ومن الأمثلة على ذلك تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف بـ (Brexit) حيث انعكس ذلك على سعر صرف الجنيه الاسترليني.
(قد يهمك أيضًا: أهم مواقع الأخبار الاقتصادية التي تهم كل متداول في سوق الفوركس).
الانتخابات الأمريكية 2024 وتأثيرها على سوق الفوركس
تعتبر الانتخابات الرئاسية الأمريكية 2024 من أحداث الفوركس المرتقبة للنصف الثاني من عام 2024، حيث سيتواجه كل من الرئيس الحالي جو بايدن مع الرئيس الأسبق دونالد ترامب، وهو الأمر الذي يجعل الأسواق المالية مثل الفوركس على استعداد لسلسلة من الاضطرابات المتوقعة.
ويعود ذلك لاختلاف المنهج السياسي لكل رئيس من ناحية السياسة والجغرافيا التجارية، وحتى الإنفاق المالي، وسنتطرق إلى كل محور على حدة:
أولًا: من ناحية تأثير السياسة التجارية للمرشحين الرئاسيين على سوق الفوركس، من المتوقع أن يبقى كل من الرئيسين بايدن وترامب على نفس النهج في الدفاع عن سياسات الحماية الأمريكية، إلا أن الرئيس ترامب كان قد اقترح فرض تعريفة تصل لـ 60% على كل الواردات القادمة من الصين.
وهو الأمر الذي من شأنه أن يصعّد كثيرًا في تدابير الحماية وينعكس بشكل كبير على سوق الفوركس مما يشكل تضخم في تصاعد التعريفات الجمركية بطريقة تعزز عملة الدولار الأمريكي، ولكن بنفس الوقت ينعكس ذلك سلبًا على العملات الثانية المتأثرة مباشرةً بالتعريفات الجمركية المتصاعدة مثل CNY أو ما يعرف باليوان الصيني بالإضافة لـليورو EUR.
ثانيًا: تأثير الجغرافيا السياسية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على سوق الفوركس، يختلف منهجي الرئيسين بايدن وترامب من ناحية الجغرافيا السياسية، فالرئيس بايدن كان قد أشار إلى توجهه للحد من التوترات الجيوسياسية من خلال تمكين وتعزيز التعاون الدولي، في وقت يؤكد فيه ترامب على تهديداته في الانسحاب من حلف شمال الأطلسي الناتو، فضلًا عن تقليل دعم الولايات المتحدة الأمريكية لأوكرانيا.
وهي جميعها أمور تؤثر على سوق الفوركس، لأنه وفي حال نجح الرئيس ترامب من الممكن أن تتصاعد التوترات الجيوسياسية. وبالتالي سيزداد الطلب على الدولار الأمريكي كونه الأكثر أمانًا، مما سيشكل هبوطًا لكل من اليورو EUR بالإضافة للبيزو المكسيكي MXN، خاصةً مع تعرض كلا المنطقتين لعدة عوامل خطر جيوسياسية.
ثالثًا: تأثير الإنفاق المالي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على سوق الفوركس، لكل من الرئيسين بايدن وترامب رؤية مختلفة للسياسات الضريبية المحتملة، فمثلًا يتجه جو بايدن لفرض ضرائب أعلى على الطبقة الثرية في المجتمع الأمريكي من شركات وأفراد، وذلك من أجل إدارة مستدامة لمستويات الدين الأمريكي.
أما ترامب فكان قد دعا سابقًا إلى تخفيضات ضريبية أكثر من قبل، في إشارة منه لتحفيز النمو الاقتصادي على المدى القريب. إلا أن ذلك لا يخلو من المخاوف المرتبطة بالقدرة على تحمل الديون في المدى البعيد.
وبالنسبة لسوق الفوركس، سيسبب الإنفاق المالي القوي دعم للنمو الاقتصادي بالإضافة لتعزيز قيمة الدولار الأمريكي. لكن مخاوف الديون على المدى البعيد من الممكن أن تسبب عمليات بيع كبيرة للعملة الأمريكية، مما سيثير مخاوف القلق عند المستثمرين من ناحية زيادة العائدات على المدى الطويل.
رابعًا: تأثير السياسة النقدية في الانتخابات الرئاسية الأمريكية على سوق الفوركس، يبدو أن سياسة بايدن تتجه لدعم استقلال البنك الاحتياطي الفيدرالي، وهو ما لا يوافق عليه ترامب. حيث يقترح ترامب عدم تجديد الولاية لرئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي “باول” خاصةً بعد الرفع الأخير لأسعار الفائدة.
ونتيجة لذلك، ستسبب التدخلات السياسية ومهما كانت في قرارات البنك الاحتياطي الفيدرالي تقويض لاستقلالية البنك، مما قد يضعف الدولار الأمريكي.
دور المؤشرات الاقتصادية في سوق الفوركس
يتم تقييم قيمة العملة من ناحية القوة والضعف من خلال المؤشرات الاقتصادية الرئيسية، والتي تشمل معدلات التضخم بالإضافة لبيانات التوظيف ومعنويات المستهلك، فضلًا عن أسعار الفائدة ومبيعات التجزئة (ننصحك بقراءة مقالنا عن: التقارير الاقتصادية وتأثيرها على سوق الفوركس). لذلك تعتبر التغيرات في المؤشرات الاقتصادية من أحداث الفوركس المرتقبة في أي وقت.
حيث يتبع معظم المتداولين المؤشرات الاقتصادية ويقومون بمقارنتها مع الزمن لمعرفة الفرص المناسبة للتداول. ومن أهم العملات الرئيسية التي تعتبر حساسة للمؤشرات الاقتصادية هي الأزواج التالية:
- EUR/USD.
- USD/JPY.
- GBP/USD.
- USD/CHF.
(يمكنك أن تقرأ أيضًا: تداول أزواج العملات الثانوية Minors في سوق الفوركس).
ومن أهم المؤشرات الاقتصادية التي تؤثر على سوق الفوركس ما يلي:
مؤشر الناتج المحلي الإجمالي
يعتبر مؤشر الناتج المحلي الإجمالي من المؤشرات الأساسية المؤثرة في سوق الفوركس، كونه يمثل مدى صحة الاقتصاد العام لأي بلد كان. وفي حال كان هذا المؤشر مرتفع فإن ذلك قد يشير عادةً إلى احتمال ارتفاع عملة البلد المعني والعكس صحيح.
بيانات التوظيف
تشير بيانات التوظيف في أي بلد إلى مدى جودة الاقتصاد، وفي حال كان معدل التوظيف مرتفع، فإن ذلك ينعكس على عملة البلد ويسبب ارتفاعها والعكس صحيح أيضًا. أي يدل ارتفاع الطلب على العمالة عادةً إلى نشاط اقتصادي قوي.
تقارير التضخم
يعد الارتفاع في مقاييس التضخم ومن أمثلته مؤشر أسعار الاستهلاك، من العوامل المهمة التي تؤثر في سوق الفوركس. أي أنه عند ارتفاع مقياس التضخم ستنخفض معه قيمة العملة مرافقًا ذلك لانخفاض في القوة الشرائية. وبشكل معاكس يسبب الانكماش الاقتصادي ارتفاع في كل من قيمة العملة وقوتها الشرائية أيضًا.
تشير الصورة أدناه إلى تسجيل التضخم في منطقة اليورو نسبة 2.6% في شهر فبراير 2024، وذلك بانخفاض بسيط عن 2.8% كانت قد سجلت في شهر يناير من العام نفسه.
بيانات الميزان التجاري
تمتلك بيانات الميزان التجاري تأثير قوي ومباشر على سوق الفوركس، وهي بيانات تبرز الفرق بين صادرات الدولة ووارداتها. وعندما تتجاوز الصادرات قيمة الواردات فإن ذلك يعزز العملة نتيجة ازدياد الطلب على منتجات البلد المعني. وفي حال عانى الميزان التجاري من عجز، فإن ذلك يسبب إضعاف العملة مما سيجبر الدولة على اقتراض العملات الأجنبية.
دور المؤتمرات الاقتصادية المرتقبة في النصف الثاني من 2024
فيما يلي قائمة بأهم المؤتمرات والمعارض الاقتصادية المهمة لسوق العملات الأجنبية، والتي تعتبر من أحداث الفوركس المرتقبة للنصف الثاني من عام 2024:
- iFX Expo Cyprus 2024 المقرر في 20 حزيران 2024.
- Infopro Digital | FX Markets USA (Virtual version) والمقرر في الأول من تموز 2024
- MoneyShow | MoneyShow Toronto 2024 وهو مقرر في 13 سبتمبر 2024.
- WBR | TradeTech FX Europe المقرر في 16 سبتمبر 2024.
- FINEXPO | Traders Fair South Africa في 21 سبتمبر 2024.
- BrokersView | BrokersView Dubai Expo October المقرر في 11 أكتوبر 2024 في دبي.
- MoneyShow | MoneyShow Orlando 2024 في 17 أكتوبر 2024.
- Infopro Digital | FX Markets Europe في الأول من نوفمبر 2024.
- Investor Conferences | The London Trader Show أيضًا في الأول من نوفمبر 2024.
- FINEXPO | Traders Fair Hong Kong المقرر في 14 ديسمبر 2024.
- Expo Show International | African Expo Show Nigeria في 31 ديسمبر 2024.
- Expo Show International | African Expo Show Ghana في 31 ديسمبر 2024.
- Expo Show International | Expo Shows المقرر في 31 ديسمبر 2024.
في الختام:
ستؤثر أحداث الفوركس المرتقبة في النصف الثاني من عام 2024 بالتأكيد على سوق العملات الأجنبية Forex، وهذا ما يجعل المتداولين والمستثمرين في هذا المجال منتظرين لانعكاسات هذه الفترة على السوق.
لذلك، من المهم جدًا البقاء على اطلاع بأحدث الأخبار السياسية والاقتصادية ومراقبة المؤشرات الاقتصادية عن كثب، من أجل اختيار استراتيجيات مناسبة تقلل من المخاطر في حال حدوث أي طارئ.
