الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص؟، لعله السؤال الذي راود عدد كبير من الناشئين وطلاب الجامعات الباحثين عن الاستقلالية المادية والنجاح الذاتي. سيما مع وجود تجارب عديدة لمجموعة من رواد الأعمال ممن حققوا منجزات في الأعمال، دون أن يكملوا مسيرتهم الدراسية.
لكن بنفس الوقت، هناك جانب لا يمكن إنكاره متمثل بدور الكلية أو الجامعة بوضعك على الطريق الصحيح لاكتساب الخبرة والإدارة، وصقل مهاراتك الشخصية كالتواصل والقيادة لفائدتها فيما بعد في أي مشروع خاص ترغب بالبدء به.
يحمل مقالنا لليوم أفكار تساعدك في تكوين إجابة ملائمة حول الاستمرار بالدراسة الجامعية أو البدء بمشروعك الخاص. تابع معنا القراءة حتى النهاية لمزيد من التفاصيل.
أيهما أفضل الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص؟
حتى تتخذ القرار المناسب حول الأفضلية بين الدراسة الجامعية أو المشروع الخاص، عليك أن تدرك إيجابيات وسلبيات هذا الأمر. فعلى الرغم من إمكانية تحقيق الحرية المالية عند البدء بمشروعك الخاص، إلّا أن ترك الدراسة الجامعية قد لا يكون الخيار الأنسب لك. كما أنه من الضروري الإجابة عن مجموعة من الأسئلة لاتخاذ القرار الصائب، مثلًا:
- هل أنت قادر على تمويل العمل الخاص بك ذاتيًا؟.
- هل يمكنك أخذ قرارٍ سريعٍ بشأن فكرة أو فرصة عملٍ مستعجلة؟.
- هل يمكنك تطوير مهاراتك؟ وما مقدار السرعة والصعوبة في ذلك؟.
- هل تمتلك الشهادات المهنية اللازمة لمشروعك؟.
- أي من الخيارين: الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص سيقدم لك مهارات تواصل أكبر مع الآخرين؟.
جميع هذه الأسئلة سنجيب عنها ضمن الجدول التالي:
عامل المقارنة |
الاستمرار في الدراسة الجامعية |
ترك الدراسة والبدء بمشروع خاص |
التمويل الذاتي للعمل | ستكون عملية تمويل مشروعك أكثر تحديًا وصعوبة، لما تتطلبه جامعتك منك من مصاريف ونفقات. | يساعدك ترك الدراسة الجامعية في تمويل مشروعك الخاص بسهولة ودون أعباء. |
القدرة على اتخاذ القرار بشأن فكرة ملحة ومستعجلة | نتيجة طول المدة الدراسية في الجامعة، فإنه من الصعب تنفيذ القرارات المتعلقة بالبدء بمشروعك الخاص. | ترك الدراسة الجامعية يساعدك في اتخاذ قرارات بسرعة بالإضافة لسهولة تنفيذها. |
سرعة وصعوبة تطوير المهارات | تساعدك الجامعة في تعلم مهارات مهمة وصعبة طيلة فترة الدراسة. | أنت هنا المسؤول عن تعلم المهارات وتطوير نفسك واكتساب الخبرة. |
الشهادات المهنية | تقدم لك الجامعة شهادات مهنية تساعدك في سوق العمل وتعزز الثقة بينك وبين عملائك. | تتطلب العديد من الشهادات المهنية خبرات تعادل الدرجة العلمية، وهو ما يزيد من صعوبة الحصول عليها دون الالتحاق بالجامعة. |
مهارات التواصل | تقدم لك الجامعة شبكة متينة من زملاء الدراسة والأساتذة والاتصالات. هذا فضلًا عن دورها في تنظيم عدد من معارض التوظيف التي يمكنك من خلالها مقابلة العملاء والشركاء المحتملين أيضًا. | تزداد صعوبة التواصل مع الآخرين مع غياب شبكة الخريجين. لأتك أنت وحدك المسؤول عن تكوين العلاقات ضمن مشروعك. |
إيجابيات ترك الدراسة الجامعية للبدء بمشروع خاص
فيما يلي مجموعة من الإيجابيات في حال اخترت ترك الدراسة الجامعية للبدء بمشروعك الخاص:
- التخلص من تكاليف الدراسة والقروض الطلابية: خاصةً في حال كنت تخطط للبدء بعملك الخاص، سيكون من الصعب أن توازن بين نفقات دراستك وبين تكاليف المشروع. ويتجه بعض الطلاب أحيانًا للحصول على قروض تجارية لتمويل العمل وهو ما يزيد الأعباء المادية عليهم.
- اغتنام الفرصة: قد تقف الدراسة الجامعية عائقًا أمام بعض الفرص التي لا تتكرر، لذلك من الضروري اغتنامها لأنه في حال قمت بتأجيلها حتى التخرج من كليتك، ستفقد فرصتك في النجاح في سوق الأعمال.
سلبيات ترك الدراسة الجامعية للبدء بمشروع خاص
يترتب على ترك الدراسة الجامعية والبدء بعملك الخاص بعض السلبيات من بينها:
- ضعف التعلم لبعض المهارات والصناعات: توفر الدراسة الجامعية مهارات في صناعات ومجالات قد ترغب في متابعتها. حيث يمكنك تعلم هذه التقنيات ضمن الفصول أو عبر الخبرة العملية، ما يسهل عليك الانخراط ببعض المجالات فيما بعد.
- فقدان الشهادات الجامعية: تتطلب بعض الشهادات الصناعية شهادات علمية خاصةً من نوع تكنولوجيا المعلومات وشهادات التدريب والتطوير للشركات، لما لها من دور في تعزيز المعرفة والشهرة بالإضافة لتعزيز ثقة العملاء أيضًا.
- فقدان شبكة التواصل: ترك الدراسة الجامعية من شأنه أن يقلل من عملية التواصل مع العملاء وغيرهم من الشركاء المحتملين وهو الأمر الذي تقدمه الجامعات لخريجيها.
أهم النقاط الواجب مراعاتها قبل ترك الدراسة الجامعية للبدء بمشروع خاص
حتى تجيب عن السؤال “الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص؟”، ينبغي أن تدرك بعض النقاط الأساسية قبل أن تخطو هذه الخطوة وإليك أهمها:
مدى ارتباط التعليم الجامعي في مجال مشروعك الخاص
يعتمد اختيارك حول الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص على مجال العمل الذي تختاره ومقدار ارتباطه بالتعليم الجامعي. فمثلًا، هناك مشاريع عدة لا تتطلب منك شهادات جامعية، إلا أن وجود معرفة أكاديمية قد يفيدك حقًا في صقل مهارات التواصل والإدارة وتنظيم الوقت.
هذا فضلًا عن بعض الأفكار القانونية والضريبية التي يمكن للجامعات أن تعطيك إياها. أي بمعنى آخر، إن كنت تمتلك شهادة جامعية ما، فإنها ستؤثر عليك إيجابًا على المستوى الشخصي، حتى وإن لم يكن تأثيرها كبير أو فاعل في مجال العمل المختار ولا ضرر كبير على مستقبل عملك في حال عدم امتلاكها.
بالمجمل، أنت من تقرر ذلك. إلا إذا كان اختيارك لمشروع يتطلب وبشدة شهادة أكاديمية جامعية، فأنت حينها ملزم بالحصول عليها لتحقيق النجاح في عملك لتتمكن من حجز مقعد لك في قطاع ريادة الأعمال.
امتلاك روح المبادرة والمهارات اللازمة
حتى تنخرط في أفكار مشاريع ريادة الأعمال عليك أن تتأكد من قدرتك وامتلاكك للمهارات اللازمة وروح المبادرة. لأنك وبهذه الخطوة تؤسس عملًا كاملًا أو شركة أو حتى مشروع صغير برأس مال بسيط.
لهذا السبب، عليك أن تسأل نفسك فيما إذا كنت قادرًا على البقاء بعيدًا عن أهلك وأصدقائك لبعض الوقت في المراحل التأسيسية لعملك، ومدى قدرتك على تحمل الفشل والأخطاء. بالمختصر اسأل نفسك: هل تمتلك روح المبادرة والمغامرة؟. وإن كنت من الأشخاص المتخوفين من الفشل أو الراغبين بالأمان دومًا، فلا تخاطر بالبدء بمشروع تجاري خاص. (ننصحك بقراءة مقالنا: الفرق بين رواد الأعمال وأصحاب المشاريع الصغيرة).
معادلة الشغف والصبر
تظهر معادلة الشغف والصبر والفرص من ضمن الإجابات عن السؤال: الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص؟. بمعنى أن الفرص أحيانًا لا تحتمل الانتظار حتى الانتهاء من الدراسة الجامعية. لذلك إن كان شغفك كبير ولا تحتمل الصبر لتحقيق حلمك، يمكنك ترك دراستك الجامعية والبدء بعملك مع الاستعانة بمستشار أعمال على سبيل المثال.
خاصةً مع وجود مستشارين في جميع الاختصاصات المالية والتقنية واللوجستية وغيرها. بالإضافة لذلك، أنت فقط من يمكنك الحكم وتقدير مدى حاجة عملك لاهتمامك الكامل ووقتك الثمين.
إن لم تكن قادرًا على الموازنة بين وقت عملك الذي تطمح إليه ودراستك، فمن الأفضل لك أحيانًا ترك دراستك ولو كان بشكل مؤقت. أما إن كنت قادرًا على الجمع بين الاثنين معًا، فذلك إنجاز حقيقي.
امتلاك الخبرة العملية في مجال المشروع الخاص
تعتبر الخبرة العملية ضرورية جدًا في مجال الصناعة أو العمل المختار، يمكنك إن كنت محتارًا بين الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص أن تعمق مهاراتك لتكتسب الخبرة في مجال العمل الذي تحبه، قبل أن تبدأ بالعمل مباشرةً.
مثلًا تستطيع أن تعمل بدوام جزئي مع شخص ضمن نفس المجال لتكتسب منه المهارات اللازمة وتتعرف لمقدار اهتمامك بهذه المهنة. علمًا أن العديد من رواد الأعمال نجحوا نتيجة ملازمتهم لأشخاص من نفس المهن، اكتسبوا منهم المعرفة والخبرة اللازمة ليبرعوا فيما بعد بنفس المجال.
حالة الاستقرار المادي
تعتبر كل من الدراسة الجامعية والمشروع الخاص من أنواع الاستثمارات، فكلاهما يحتاج لجدول زمني ونفقات وتكريس للوقت والجهد وإنشاء ميزانية. لهذا السبب، عليك أن تولي حالة الاستقرار المادي أهمية قصوى قبل الشروع بعمل جديد.
مثل فهم التكاليف الإجمالية والمخزون الافتتاحي ومقدار رأس المال للبدء بالعمل. إن لم يتوفر الدعم المالي اللازم عليك أن تبقى في دراستك الجامعية ريثما تؤمنه بطرق أحرى مثل التوجه لعمل إضافي مثلًا.
(قد يهمك أيضًا: أفضل تطبيقات تنظيم الأعمال الصغيرة).
امتلاك نظام دعم قوي
من الضروري جدًا للمرء أن يستمد الدعم من أشخاص قريبين منه، مثل أسرته أصدقائه أو حتى زملائه في المهنة، أو رواد أعمال آخرين. لذلك ننصحك بأن تحيط نفسك بأشخاص داعمين وإيجابيين ومشجعين.
ومن المفيد أيضًا الاستعانة بالخبراء والمثقفين من أجل أخذ التوجيهات والنصائح. وفي حال عدم توفر هذه البيئة المحيطة، يمكنك الاستعانة ببعض المواقع على الانترنت، إما من خلال مجموعات عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو بودكاستات تعلم ريادة الأعمال والاستثمار، بالإضافة لمواقع استشارات للأعمال الصغيرة مثل موقع FinFlx الشهير.
قائمة مشاهير حول العالم لم يكملوا دراستهم الجامعية
تتضمن القائمة التالية أشهر الشخصيات العالمية ذات الثراء، والتي لم تكمل دراستها الجامعية بل تابعت شغفها في مجال معين وأبدعت به:
المخترع “توماس أديسون”
من منا لم يسمع بـ توماس أديسون مخترع المصباح المتوهج، هل كنت تعلم أن أديسون لم يكمل تعليمه وترك المدرسة في سن الثانية عشر نتيجة صعوبات في التعلم؟. لكن ذلك لم يقف عائقًا في اختراعه للمصباح والكاميرا والفونوغراف والكثير من المنجزات الأخرى.
مؤسس شركة ابل “ستيف جوبز”
يعتبر ستيف جوبز من أبرز وجوه شركة ابل الرائدة في مجال التكنولوجيا والتصميم. وهو مثال للشخص الذي ترك الدراسة الجامعية ليبدأ بمشروع خاص، نما وتطور ليصل لابتكار منتجات تقنية عملاقة مثل ايباد وأيفون وماكنتوش.
الكاتب “مارك توين”
مارك توين من أشهر الكتاب الأمريكيين، ترك مدرسته في سن الثانية عشر وبدأ العمل كمتدرب في مهنة الطباعة، لينتقل للكتابة ويصبح فيما بعد أشهر كتاب عصره. ومن أشهر مؤلفاته ” توم سوير” و” مغامرات هكلبيري فين”.
رائد صناعة الترفيه “والت ديزني”
جميعنا شاهد مسلسلات وأفلام ديزني المتحركة. حيث تعود تسمية الشركة لوالت ديزني المؤسس المشارك للشركة، والذي ترك الجامعة ولاحق شغفه في الرسم وصناعة الرسوم المتحركة. فابتكر شخصيات مشهورة جدًا حتى وقتنا الحالي مثل “ميكي ماوس”. وتمكن الآن من بناء أكبر امبراطورية إعلامية في العالم. حيث تبلغ القيمة السوقية لديزني اليوم حوالي 164.41 مليار دولار أمريكي. توضح الصورة أدناه سعر سهم شركة ديزني ليوم 2 آب 2024.
في الختام:
إن كنت حائرًا بشأن الدراسة الجامعية أم المشروع الخاص، يمكنك أن تدرس جميع الجوانب المتعلقة بقرارك قبل اتخاذه، سواء كانت عوامل مشجعة أو عقبات.
حاول أن تختار ما يلائم ميزانيتك ويحقق شغفك بنفس الوقت. لأنك أنت وحدك المسؤول عن مستقبل عملك وتطوره، إما أن ترسم له طريق النجاح ولو كان ذلك بعقبات ومحطات فاشلة، أو أن تستغني عن حلمك وتؤجله لبعض الوقت.