يُمكنك التداول من العمل بحرية واستقلالية وجني الكثير من المال وأنت في منزلك، ولكن قبل أن تصل إلى هذه المرحلة يجب عليك أن تدرك الواقع الحقيقي للتداول الاحترافي بدوام كامل.
هنا تكمن بعض النقاط المجهولة والتي نادراً ما تتم مناقشتها والتي تشكل تحديات كبيرة للمتداولين الذين يرغبون باعتماد التداول كوظيفة دائمة، من المهم أن يكون لديك نظرة واقعية. علاوة على ذلك، من خلال معرفة ما يتطلبه الأمر لتكون متداولاً بدوام كامل، يمكنك الاستعداد بشكل فعال لهذه الرحلة، ومع ارتباط الأسواق العالمية ارتباطاً وثيقاً، يكون وقت التداول دائماً مفتوحاً في مكان ما حول العالم، ويمكن الوصول إلى العديد من هذه الأسواق الدولية بسهولة نسبية.
متى تعلم أنك تستطيع الاعتماد على التداول كوظيفة دائمة
لا توجد إجابة محددة لهذا السؤال، لأن ذلك يعتمد على الكثير من العوامل الفردية، مثل مهاراتك وخبرتك وتحمّل المخاطر وأهدافك المالية.
لايعتبر التداول عملاً سهلاً، بل يمكن أن يكون صعباً جداً، مع وجود العديد من المسارات للدخول، يمكن لأي شخص دخول السوق، لكن نجاحك النهائي يعتمد عليك، بناءً على المسار الذي تختاره، يمكن أن يصبح التداول فرصة مهنية بدوام كامل، أو فرصة بدوام جزئي، أو مجرد طريقة لزيادة دخلك، قبل اعتمادك على التداول كوظيفة دائمة يجب عليك التأكد مما يلي:
رأس مال كافٍ للتداول
أحد أهم العوامل لاعتمادك التداول كوظيفة دائمة ومصدراً للدخل هو امتلاكك رأس مال كبير بالقدر الكافي ، بالإضافة إلى ثقتك بإمكانياتك، كما يجب أن تدرك ما هو العائد السنوي الذي يمكنك تحقيقه من خلال التداول؟ بعد تحديدك لهذه العوامل بشكل دقيق، يمكنك حساب حجم رأس المال المطلوب لتصل إلى دخلك السنوي المستهدف.
يعتبر التداول مخاطرة إلى حد كبير، فحتى مع سجل حافل بالنجاح ورأس مال تداول كبير، ستمر بفترات لا تحقق فيها أي دخل. يُنصح بشدة الفصل بين حسابات تداولاتك ومدخراتك ونفقاتك اليومية.
تنظيم حساب التداول والإنفاق الشخصي والمدخرات
تلعب الطريقة التي تنظم بها حساب التداول والإنفاق الشخصي والمدخرات دوراً هاماً في نجاحك كمُتداول بدوام كامل، إنَّ تكرار سحب الأموال من حساب التداول يحد من نمو هذا الحساب. فعلى سبيل المثال، لن يكون نمو رأس مالك المستقبلي متسارعاً وكبيراً إذا كنت تكسب 4,000 دولار شهرياً من التداول ولكنك تحتاج إلى سحب 3,500 دولار شهرياً لتغطية نفقاتك.
تُعد فوائد الأرباح التي تضاف إلى رأس المال أقرب ما تكون سر النجاح في التداول، ولكن عمليات السحب المتكررة تقلل بشكل كبير من تأثير هذه الفوائد المركبة. إن ترك حساب التداول الخاص بك دون المساس به لأطول فترة ممكنة هو مفتاح تحقيق نمو استثنائي.
كلما زادت قيمة الأموال التي تحتاج إلى سحبها وكلما قل المبلغ الذي يمكنك الاحتفاظ به في حساب التداول، كلما زادت صعوبة تحقيق نمو كبير في رأس المال، وهذا يعني أن تحقيق التقدم سيكون صعباً وبطيئاً وقد ينتهي بك الأمر الوقوع في “دائرة مفرغة” كمُتداول.
الاستعداد لتبعات اعتمادك التداول كوظيفة دائمة
أن الأشخاص الذين ينخرطون في التداول فقط من أجل جني المال، هم أكثر عرضةً لتكبد خسائر مالية أكبر، لتجنب الوقوع في هذه الحالة، تأكد من فهم حقيقة التداول بدوام كامل وما يترتب عليه.
كما أن احتراف التداول يتطلب العمل لمدة 12 ساعة يومياً، كما أن العمل في عطلات نهاية الأسبوع يُعد جزءاً لا يتجزأ من الخطة.وعليك أن تأخذ بعين الاعتبار أنك ستكون وحيداً معظم الوقت، أمام شاشتك، مع تفاعل اجتماعي محدود للغاية. غالباً ما يتلقى الأشخاص الذين يخوضون غمار التداول لأسباب خاطئة مفاجأة مؤلمة، ولا يمتلكون القدرة على التحمل والمواصلة عند مواجهة الصعوبات. وإذا كنت شخصاً اجتماعياً بطبعك، فقد يكون التداول خياراً خاطئاً تماماً بالنسبة لك.(إقرأ أيضاً حول؛ إدارة الوقت وإدارة المخاطر في هذا المقال)
امتلاك الخبرة الكافية
تتطلب مهنة التداول المحترف مهارات وخبرات متقدمةً، بالإضافة إلى معرفة شاملة بأسواق المال وتحليلها. كما تتطلب هذه المهنة قدرةً عاليةً على إدارة المخاطر واتخاذ القرارات السريعة في ظل الظروف المتغيرة. بالإضافة إلى مهارات التواصل والتحليل والتفكير النقدي والقدرة على اتخاذ القرار.
تلعب خبرتك كمُتداول الركيزة الأساسية في نجاحك. تتحرك الأسواق المالية في دورات، ومعظم المتداولين الجدد لم يختبروا دورة سوق كاملة. إذا كنت قد تعرضت فقط لفترة صعود للسوق (Bullish Market)، فإن عمليات البيع المكثفة وتحركات السوق الهبوطية (Bearish Market) طويلة الأمد يمكن أن تدمر خطتك بسهولة وتثبت أن نظام التداول الخاص بك لا يعمل في جميع الظروف.
الاستعداد للمخاطرة
إذا كنت مستعداً للتعامل مع حالة عدم اليقين، فقد تكون مستعداً لتحمل المخاطرة في عالم التداول، بمقارنة التداول مع العمل الحر، فأنت لايمكن أن تتوقع مبيعات الشهر القادم وكم من المال الذي ستجنيه في نهاية الشهر، وكذلك الأمر في عالم التداول ، فمن الشائع التعامل مع فترات الانخفاض وعدم تحقيق دخل لأسابيع، بغض النظر عن مهارتك في التداول، ستمر حتماً بمثل هذه الفترات. وبصفتك متداولًا، عليك أن تكون مدركاً لذاتك وتقيّم نفسك بصدق. لا تقلق، إذا لم تكن من محبي المخاطرة المتهورين، ومازلت تفكر باتخاذ التداول كمهنة دائمة، يمكنك الاستمرار في التعلم والقراءة حتى تصبح جاهزاً لهذه المخاطرة.
امتلاكك خطة تداول رابحة
هناك مقولة قديمة في العمل مفادها أنه إذا لم تخطط، فأنت تخطط للفشل، ينطبق هذا على التداول أيضاً، المتداولون الناجحون لديهم خطة تداول مكتوبة يتبعونها بدقة، إن امتلاك خطة تداول يمنحك ميزة كبيرة على المتداولين الآخرين الذين يفتقرون إلى خطة وخصوصاً عند اعتمادك التداول كوظيفة دائمة لك، وهنا بعض الأساسيات التي يجب عليك امتلاكها ضمن إطار التخطيط:
- اختيار أسلوب التداول: يجب أن يعكس أسلوب التداول شخصيتك واهتماماتك ويتوافق مع أهدافك ووقتك المتاح. الخيارات تشمل التداول اليومي والتداول المتأرجح والتداول الآجل والاستثمار على المدى الطويل.
- استراتيجية التداول: يجب أن تحدد خطة تداولك بالتفصيل نهجك في الأسواق وكيفية اختيار الصفقات، يمكن أن يعتمد اختيار الصفقة على مؤشرات فنية أو تحليل أساسي أو كليهما. يجب أن تحدد خطتك أيضاً نقاط دخول وخروج الصفقات، وطرق إدارة المخاطر، وحجم المراكز التي ستتداول بها، بالإضافة إلى السعي الدائم إلى تطوير استراتيجياتك.
- تحديد توقعات واقعية: التداول ليس طريقاً سهلاً للثراء، بل ينطوي على مخاطر، يجب أن تكون توقعاتك للأرباح واقعية وأن تدرك إمكانية حدوث خسائر،تجنب مطاردة الأرباح السريعة أو المخاطرة برأس مال كبير في صفقة أو تداول واحد.
- تحليل شامل للسوق: يجب أن تتضمن خطة تداولك تحليلاً شاملاً للسوق لتحديد فرص التداول المحتملة. وهذا يشمل تحليل الرسوم البيانية، ودراسة اتجاهات السوق، ومراقبة الأخبار والمؤشرات الاقتصادية، وتقييم الظروف العامة للسوق.
- إدارة المخاطر: لتقليل الخسائر وحماية رأس المال، يجب أن تتضمن خطة تداولك قواعد صارمة لإدارة المخاطر. حدد نسبة مئوية من رأس مالك ستخصصها لكل صفقة، والتزم بها، لا تتجاوز هذا المبلغ بأي حال; هذا المبلغ يجب أن يعكس ما أنت على استعداد بخسارته في كل صفقة، استخدم أيضاً أوامر وقف الخسارة لتحديد خسائرك المحتملة، وحدد أيضاً نقاط جني الأرباح لتحقيق الأرباح.
- إدارة الصفقات المفتوحة: يجب أن تحدد خطة تداولك كيفية إدارة صفقاتك المفتوحة، يشمل ذلك تحديد متى يجب تعديل أوامر وقف الخسارة، ومتى يكون جني جزء من الأرباح (باستخدام أوامر وقف الخسارة المتحركة على الأرجح)، ومتى الخروج من الصفقة بالكامل.
- المحافظة على الانضباط : بعد أن تضع خطة تداولك مكتوبة، التزم بها. من الضروري تجنب الانحراف عن خطتك بسبب تقلبات السوق التي تثير مشاعرك مثل الخوف أو الجشع، ثم اتخاذ قرارات غير مدروسة، درب نفسك على التحلي بالانضباط والاتساق عند الدخول والخروج من الصفقات.
- المتابعة وتقييم التداول: يعد الاحتفاظ بسجل مفصل لنشاط التداول، بما في ذلك نقاط الدخول والخروج وأسباب الدخول في الصفقة والنتائج، أمراً ضرورياً. كما أن المراجعة والتقييم المتكرر للصفقات ضروري لتصبح متداولاً جيداً، سيسمح لك تقييم ومراجعة صفقاتك السابقة بتحديد الأنماط والنقاط القوية والمجالات التي تحتاج إلى تحسين.
- التعليم المستمر للحفاظ على نجاحك: من الضروري مواكبة اتجاهات السوق والأخبار الاقتصادية واستراتيجيات التداول الجديدة. اقرأ الكتب، واحضر الندوات عبر الإنترنت، وتابع مصادر الأخبار المالية الموثوقة، وتفاعل مع المتداولين ذوي الخبرة لتعزيز معرفتك ومهاراتك.
تداول الأسهم ليس لعبة. إن مجرد جمع بعض المعلومات وبدء التداول ليس خطة عمل ناجحة. للنجاح، يجب أن يكون لديك خطة تداول مكتوبة تتكيف مع ظروف السوق وتتطور مع اكتسابك للخبرة. يجب أن تكون الخطة خاصة بك وتعكس أسلوب تداولك وأهدافك.
امتلاكك سجل حافل من النجاحات ومهارات التداول القوية
يشير امتلاك سجل حافل من النجاحات المتسقة في التداول إلى قدرتك على تحقيق أرباح ثابتة بمرور الوقت. هذا الإنجاز ليس دليلاً على الحظ فحسب، بل هو شهادة على مهاراتك وخبرتك في تحليل السوق واتخاذ قرارات تداول ذكية.
يتطلب تحقيق سجل حافل من النجاحات المتسقة انضباطاً صارماً وإدارة مخاطر فعالة، فهذا يعني الالتزام بخطة تداول مدروسة واتخاذ قرارات مدروسة بناءً على تحليل دقيق للرسوم البيانية والمؤشرات وأخبار السوق، كما يتطلب الأمر قدرة على التحكم في المشاعر والتمسك بخطة التداول حتى في مواجهة التقلبات في السوق.
إذا كنت تمتلك سجلاً حافلاً من النجاحات المتسقة، فهذا يعني أن لديك ما يلزم لجعل التداول كوظيفة دائمة، فلديك المهارات والخبرة والانضباط اللازمة لتحقيق أرباح ثابتة على المدى الطويل.
في ختام هذا المقال، نأمل أن تكون قد حصلت على الفائدة المرجوة والمعلومات الكافيه لما يتطلبه الأمر لجعل التداول كوظيفة دائمة، وتذكر أن النًّجاح في هذا المجال رحلةٌ تتطلب التزاماً صارماً وتعلماً مستمراً وتكيّفاً مع ظروف السوق المتغيرة، وبناءً على ما سبق، إذا كنت تمتلك المهارات والخبرة والانضباط اللازمين، مع الرغبة القوية في التعلم والتطوير، فلا تتردد في اتخاذ خطوة نحو تحقيق حلمك وتحويل شغفك بالتداول إلى مهنة ناجحة تُدر عليك دخلاً ثابتاً وتُتيح لك الاستمتاع بحرية مالية حقيقية.