ما هي الأصول غير الملموسة

في عالم الماديات قد يصعب على البعض فهم ماهية الأصول غير الملموسة. فبالنظر إلى تسميتها سيخطر لك أنها غير موجودة بشكل ملموس، وليس لها طبيعة مادية. لكن ذلك لا يعني أن أي شيء لا يمكنك رؤيته بأم العين أو لمسه، لا يمكنك فهمه.

فالأصول الغير ملموسة لا يمكن الاحتفاظ ولا التلاعب بها، إلا أنها تصنف بنفس الوقت كأصول طويلة الأجل في ميزانيات الشركات، تتراكم من حيث القيمة عامًا بعد عام.

لهذا السبب، نوضح في مقالنا هذا ماهية هذه الأصول وأنواعها، وطريقة حسابها أيضًا. خاصةً وأن هذا النوع من الأصول ليس له قيمة دفترية مسجلة، ولا يمكن إضافته للميزانية العامة للشركات.

الأصول غير الملموسة

يمكننا تلخيص مفهوم الأصول الغير ملموسة على أنها الأصول طويلة الأجل التي تتراكم قيمتها عامًا بعد عام، وليس لها شكل مادي. ولعلّ من أبرز أمثلتها العلامات التجارية والشهرة أو السمعة الحسنة لشركة ما، بالإضافة للعلاقات والحقوق الفكرية.

بالإضافة لذلك، تختلف الطرق المتبعة في تقييم الأصل غير الملموس، وذلك على عكس مفهوم الأصول الملموسة المتمثلة بأي شيء يمكنك تصنيفه تحت مسمى الممتلكات والمنشآت، والمعدات الملموسة ماديًا.

من ناحية أخرى، من الممكن أن تكون الأصول الغير الملموسة ذات قيمة كبيرة لمالكيها، وذات دور حاسم في مسار النجاح أو حتى الفشل على المدى الطويل. مع الإشارة إلى إمكانية فقدان الأصول غير الملموسة قيمتها في حال أفلست الشركة التي تمتلكها، أو فشلت في مهامها.

أنواع الأصول الغير ملموسة

يندرج تحت مسمى ” أصول غير ملموسة” كل من الأنواع التالية:

1. أصول غير محددة: الأصول الغير ملموسة من النمط “غير المحدد” لا يمكن شراؤها أو بيعها، وذلك لكونها موجودة فقط فيما يتعلق بالشركة. ومن الأمثلة عليها السمعة والشهرة، بالإضافة للعلاقات مع العملاء والاعتراف بالعلامة التجارية. كما تتسم الأصول غير المحددة أيضًا بعدم إمكانية قياسها، فضلًا عن استحالة بيعها، إلا أنها تساهم وبدور كبير في قيمة الشركة. من ناحية أخرى، تمتلك الأصول غير المحددة عمر محدود مثل “العلاقة مع العميل”، أي أنها مجرد أصل طالما يتم الحفاظ على هذه العلاقة.
2. أصول محددة أو مؤكدة: من الممكن الحصول على هذا النوع من الأصول كما يمكن فصلها عن الشركة، أي بيعها وشراءها على عكس النوع السابق. كما يقتصر هذا النوع على فترة زمنية محدودة. ومن أبرز الأمثلة على ذلك، براءات الاختراع أو العلامات التجارية بالإضافة لحقوق النشر وحتى المنح الحكومية غير النقدية. مع الإشارة إلى أن الأصول المحددة تبقى مع الشركة طوال فترة وجودها.

وفيما يلي سنلقي نظرة على بعض الأنواع الأكثر شيوعًا من الأصول غير الملموسة، ولا سيما العلامات التجارية والشهرة والملكية الفكرية:

العلامات التجارية

تعرف العلامة التجارية بأنها سمة تميز عملاً ما عن الآخر. تأتي العلامة التجارية على شكل شعار أو رمز أو اسم علامة ما. حيث تعتمد الشركات عادةً على التسويق وتقنيات التصميم والإعلان للتوصل إلى علاماتها التجارية، مما يتيح للمستهلكين التعرف بسهولة على شركة أو منتج من خلال علامته التجارية.

مثلًا، من منا لا يمكنه التعرف بسهولة على شركة Apple بمجرد رؤية شعار التفاحة، وغيرها الكثير من شركات سواء تكنولوجية مثل شركة SAMSUNG أو غذائية وحتى شركات ملابس ومواقع الكترونية للتسوق مثل أمازون وعلي بابا (يمكنك الاطلاع على: برنامج الأفلييت في موقع علي بابا).

يعود السبب في أهمية العلامة التجارية إلى دورها في تعزيز قيمة الشركة والمساعدة في الحفاظ على ولاء العملاء. ومن الشائع جدًا تجاهل العديد من المستهلكين للأسعار المرتفعة نوعًا ما، بمجرد الولاء لشركة ما حتى ولو كان سعر المنتج أغلى من منتج مماثل مقدم من قبل شركة منافسة.

مثلًا يفضل بعض الرياضيين منتجات شركة Nike على منتجات Adidas والعكس صحيح أيضًا. وهذا الأمر ينطبق أيضًا على العديد من الشركات الشهيرة الأخرى.

السمعة الحسنة (الشهرة)

يتلخص مفهوم السمعة الحسنة أو (الشهرة) بأنها الأصول غير الملموسة والمرتبطة بمعاملة شراء إحدى الشركات لشركة أخرى. وعندما تستحوذ شركة معينة على شركة ما، فإن أي مبلغ يتجاوز القيمة العادلة لصافي الأصول المستهدفة يمثل شهرة الشركة.

وفي حال كان المبلغ أعلى من القيمة الدفترية للهدف، فذلك يؤدي إلى سمعة حسنة أو (شهرة) إيجابية. وبالمقابل إن أي مبلغ أقل من القيمة الدفترية يعتبر شهرة سلبية.

وكمثال على ذلك نذكر لك قيام الملياردير الشهير إيلون ماسك بشراء منصة تويتر المشهورة بطائرها الأزرق. حيث أنفق ماسك قرابة الـ 44 مليار دولار للاستحواذ على الشركة، نظرًا لأن علامتها التجارية معروفة في جميع أنحاء العالم. (يمكنك الاطلاع على: أهم الاستثمارات البديلة للأغنياء).

الملكية الفكرية

تصنف الملكية الفكرية كنوع من الأصول الغير الملموسة المحمية قانونًا. أي أنه لا يمكن استخدام هذا الأصل من قبل شركة أو فرد آخر إلا بتصريح من المالك نفسه.

كما أن أي استخدام غير مصرح به للملكية الفكرية لشخص آخر يسمى انتهاكًا، سواء كان ذلك الاستخدام (عن قصد أو عن غير قصد) أو تقليد أو حتى نسخ اسم العلامة التجارية أو الشعار، أو الأصول الأخرى الخاصة بكيان آخر.

ومن أهم الأشكال الشائعة للملكية الفكرية ما يلي:

• حقوق النشر: من ضمن حقوق النشر والطبع تلك المتعلقة بالأعمال الفنية من روايات وصور وقصائد وحتى أفلام. كما أن هناك حقوق نشر لتطبيقات برامج الكمبيوتر والأكواد البرمجية وغيرها الكثير.
• الأصول الرقمية: تتمثل الملكية الفكرية الرقمية على شكل رقمي (IP) وهي عبارة عن عناوين رقمية يتم إنشاؤها والتعامل معها وتخزينها.
• الامتيازات.
• براءات الاختراع.
• العلامات التجارية.
• الأسرار التجارية.

كيف يمكن لشركة الحصول على أصول غير ملموسة؟

بشكل عام يوجد طريقتين يمكن من خلالهما لشركة ما أن تحصل على أصول غير ملموسة. إما عن طريق إنشاء هذه الأصول من داخل الشركة نفسها، أو الاستحواذ عليها من شركة أخرى.

تطوير الأصول الغير ملموسة داخل الشركة

لعل أكثر الأمثلة وضوحًا علة ذلك هو بيع إعلانات مستهدفة. حيث تقوم شركات التواصل الاجتماعي مثلًا بجمع البيانات السلوكية لمستخدميها مثل المنشورات والإعجابات، وهذا أصل غير ملموس، لتطور من مسار منصاتها وتوسعها عبر هذه الأصول.

أو من خلال السمعة الحسنة (الشهرة) التي تبنيها الوكالة الإبداعية بمواهبها المستقلة، عبر دفع مبالغ كبيرة وخلق تجربة عمل إيجابية، وهذا يعد أيضًا أصل غير ملموس.

مثلًا، عند نشر منشور ما لشخص يجيد الأعمال اليدوية على TikTok ووصوله لأعداد كبيرة من المتابعين وبسرعة كبيرة، فإن ذلك يعزز سمعة الشخص في مجاله ويصنف بنفس الوقت كأصل غير ملموس.

استحواذ شركة على أصول غير ملموسة لشركة أخرى

عندما استحوذت شركة Facebook على Instagram في عام 2012 اكتسبت فيسبوك ملكية كل شيء يقوم عليه التطبيق. ابتداءًا من كود برمجي وعلامة تجارية وتصميم وعلاقات ووصولًا للملكية الفكرية، فضلًا عن سمعة Instagram.

كيفية تقييم الأصول غير الملموسة

يمكن تقييم الأصول الغير ملموسة للشركات بثلاث طرق هم:

1. نهج السوق: يعتمد هذا التقييم على القيمة المتوقعة بناءًا على التحليل النسبي. حيث يركز نهج السوق على وضع قيمة على الأصول غير الملموسة المماثلة. ومن الصعوبات في هذا النهج هو التفاصيل المحدودة المتوفرة حول الأصول المماثلة التي تمتلكها شركات أخرى.
2. نهج الدخل: يمكن استخدام هذه الطريقة عندما يكون لأصول الشركة غير الملموسة تدفق نقدي. ومن بين بعض أساليب الدخل نذكر طريقة الإعفاء من الأتاوات، والتي تقدر مدفوعات الأتاوات المحتملة المستمدة من استخدام الأصل، أو تجنب خسارة الدخل.
3. نهج التكلفة:طريقة تعتمد على فكرة الاستبدال ولا تأخذ في الاعتبار أي فوائد مستقبلية على أساس الوقت أو المبلغ.

الأصول الغير الملموسة والأصول الملموسة

فيما يلي أبرز الاختلافات بين نوعي الأصول الملموسة وغير الملموسة:

الأصول الملموسة	الأصول غير الملموسة
لها شكل مادي.	ليس لها شكل مادي.
يمكن الاحتفاظ والتلاعب بها.	لا يمكن الاحتفاظ ولا التلاعب بها.
يمكن تحديد قيمة الأصول الملموسة إما من خلال تحديد القيمة السوقية العادلة (FMV) للأصل، أو من خلال بيع الأصل نقدًا.	قيمة الأصول الغير الملموسة =القيمة السوقية للأعمال- صافي قيمة الأصول الملموسة. أو من خلال سعر الشراء وجداول الاستهلاك الخاصة بالأصول.
لها نوعين: حالية متداولة، وثابتة.	لها نوعين: محددة، وغير محددة.
من أمثلتها: الأراضي والمركبات والمعدات والأثاث.	من أمثلتها: العلامة التجارية، الملكية الفكرية.

كيف يتم الإفصاح عن الأصول الغير الملموسة في الميزانية العمومية للشركة؟

تظهر معظم الأصول غير الملموسة في الغالب كأصول طويلة الأجل في ميزانيات الشركات. حيث يتم تحديد القيمة بناءًا على سعر الشراء أو الاستحواذ، بالإضافة إلى جداول الاستهلاك الخاصة بهذه الأصول.

بعض الأصول غير الملموسة، مثل الشهرة، لا تظهر في الميزانيات العمومية للشركات، لأن قيمتها لا يمكن أن تتوزع بمرور الوقت.

حساب قيمة الأصول الغير ملموسة

من أبسط الطرق في حساب قيمة الأصول الغير ملموسة لشركة ما هي طرح الأصول من الخصوم، ثم طرح الرقم الناتج من القيمة السوقية للشركة. أي باتباع الصيغة التالية: قيمة الأصول غير الملموسة = القيمة السوقية للأعمال – صافي قيمة الأصول الملموسة.

مثلًا، في حال كانت أصول شركة ما تصل إلى مليار دولار أمريكي، وكان قد بلغ إجمالي التزاماتها 500 مليون دولار أمريكي، بالتالي فإن الفرق بينهما سيكون 500 مليون دولار أمريكي. أي أن مبلغ 500 مليون دولار هو قيمة صافي الأصول الملموسة للشركة.

وعندما نطرح هذا الرقم من القيمة السوقية، والتي سنفرضها على سبيل المثال بقيمة 2 مليار دولار، فإن قيمة الأصول الغير ملموسة ستكون 1.5 مليار دولار، كما يلي:

1.5 مليار (قيمة الأصول غير الملموسة) = 2 مليار (القيمة السوقية للأعمال) – 500 مليون (صافي قيمة الأصول الملموسة).

في ختام المقال:

تتعدد أنواع الأصول التي تمتلكها الشركات من أصول ملموسة يمكن التعامل معها ماديًا، وأصول غير ملموسة ليس لها وجود مادي، إلا أن لها قيمة كبيرة ترتد على أصحابها.

حيث تنعكس الأصول الغير ملموسة بشكل إيجابي على مجالات الاستثمار ككل، كأداة لجذب العديد من الأغنياء للاستثمار في أسهم شركات كانت قد نالت شهرة كبيرة وتداول بين الناس.

فالسمعة الحسنة والعدد الكبير من المستخدمين كانا السبب في استقطاب العديد للاستثمار في أسهم شركة ميتا وذلك على سبيل المثال لا الحصر. لذا، على الشركات حراسة وحماية هذا النوع من الأصول بطريقة موازية لحماية الأصول الملموسة، خاصةً مع التأثير الكبير لها في مسار تقدم الشركات على المدى الطويل.