الركود العالمي هو تراجع كبير واسع النطاق في النشاط الاقتصادي، يسبب انخفاض الناتج المحلي الإجمالي، وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وانكماش الاستثمار في الأعمال التجارية. يؤثر على الاستثمارات مؤديا إلى تقلبات في الأسواق المالية، وانخفاض قيم الأصول. خلال هذه الفترات، يحرص المستثمرون الناجحون على الاستعداد المسبق لإدارة محافظهم الاستثمارية، وتحمل المخاطر من خلال اتباع مجموعة من الاجراءات، نقف عند هذه المشكلة، فنبدأ بدراستها وحصر نطاق تأثيرها ثم نناقش أهم النصائح للمستثمرين في فترات الركود العالمي، وأهم الاستراتيجيات التي يلجأ إليها المحترفون في هذا المجال لتفادي الخسائر المفاجئة.
أبرز ما تمر به الأسواق خلال فترات الركود العالمي
إن فهم ظروف السوق خلال فترات الركود العالمي أمر بالغ الأهمية بالنسبة للمستثمرين يساعدهم في التغلب على التحديات، ويسهل عليهم اقتناص الفرص. من أبرز معالم هذه الفترات:
- الانكماش الاقتصادي: خلال فترة الركود العالمي، يحدث انخفاض واسع النطاق في النشاط الاقتصادي، مما يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي، وانخفاض الاستثمار في الأعمال التجارية، وانكماش الناتج المحلي الإجمالي. يمكن أن يؤثر ذلك سلبًا على أرباح الشركات.
- ارتفاع البطالة: تميل البطالة إلى الارتفاع خلال فترات الركود حيث تقوم الشركات بخفض التكاليف، وتقليل القوى العاملة لديها مما يؤدي إلى انخفاض ثقة المستهلك وإنفاقه، ويؤثر على صناعات مثل: البيع بالتجزئة والسفر والترفيه.
- انخفاض أرباح الشركات: قد تشهد الشركات في مختلف القطاعات انخفاض الربحية بسبب انخفاض الطلب على منتجاتها وخدماتها. ويمكن أن يؤثر ذلك على أداء الأسهم وأسواق الأسهم، وخاصة تلك المتعلقة بالصناعات الدورية مثل: التصنيع والبناء.
- السياسات الحكومية: غالبًا ما تستجيب الحكومات لحالات الركود من خلال تدابير التحفيز المالي والنقدي، مثل تخفيض أسعار الفائدة، والتيسير الكمي، وحزم التحفيز المالي. تؤثر هذه السياسات بشكل متفاوت على فئات الأصول المختلفة، فتعزز أسعار السندات، ولكنها بالمقابل تزيد مخاوف التضخم.
- زيادة التقلبات في الأسواق: بسبب تقييد السيولة، وضغوط السوق الائتمانية، والأحداث الجيوسياسية.
يمكنك الإطلاع أيضا على: كيف يفكر الأثرياء: استراتيجيات الاستثمار لدى الأثرياء
أهم النصائح للمستثمرين في فترات الركود العالمي
يعد التنويع وتخصيص الأصول من الاستراتيجيات الحاسمة للمستثمرين للتخفيف من المخاطر والتغلب على تحديات الركود العالمي من خلال توزيع الاستثمارات عبر فئات الأصول والمناطق الجغرافية المختلفة، يمكن للمستثمرين تقليل تأثير تقلبات السوق والخسائر المحتملة. وفيما يلي بعض النقاط الرئيسية التي يجب مراعاتها:
التنويع عبر فئات الأصول
- يساعد تنويع فئات الأصول مثل: الأسهم والسندات والعقارات والسلع في توزيع المخاطر وتقليل تأثير انكماش السوق على المحفظة. تتمتع فئات الأصول المختلفة بمستويات مختلفة من الارتباط بالدورات الاقتصادية، وبالتالي فإن التنويع يمكن أن يساعد في تحقيق التوازن في أداء المحفظة الإجمالية.
- بالمقابل قد توفر الأصول الدفاعية مثل السندات الحكومية وسندات الشركات عالية الجودة الاستقرار والدخل، في حين أن الاستثمارات البديلة مثل الذهب أو صناديق الاستثمار العقاري (REITs) يمكن أن توفر فوائد التنويع.
- إن إدراج الأصول غير المترابطة في المحفظة، مثل صناديق التحوط أو الأسهم الخاصة، يمكن أن يعزز التنويع، وربما يقلل من مخاطر المحفظة الإجمالية.
التنويع الجغرافي
- يوفر الاستثمار في مناطق جغرافية مختلفة فوائد التنويع، ويقلل تأثير الركود في أي سوق منفردة بحيث يتم تعويض الخسائر التي تحدث في سوق معين ضمن دولة ما بالأرباح التي يتم الحصول عليها من الأسواق الأخرى.
- قد توفر الأسواق الناشئة فرصا للتنويع خلال فترة الركود العالمي، حيث أن دوراتها الاقتصادية يمكن أن تكون أقل ارتباطا بالأسواق المتقدمة. ومع ذلك، يجب على المستثمرين أن يضعوا في اعتبارهم مخاطر العملة والعوامل الجيوسياسية عند الاستثمار دوليا.
تعديل تخصيص الأصول
- خلال فترات الانكماش، من المفيد جدا تعديل توزيع الأصول لتقليل المخاطر والخسائر المحتملة، وقد يشمل ذلك تقليل التعرض للقطاعات الأكثر دورية مثل القطاع الاستهلاكي التقديري والصناعات والطاقة، وزيادة المخصصات للقطاعات الدفاعية مثل الرعاية الصحية والمرافق العامة والسلع الاستهلاكية الأساسية.
- إن إعادة توازن المحفظة بانتظام للحفاظ على توزيع الأصول المرغوب فيه يساعد في ضمان بقاء المحفظة متوافقة مع قدرة المستثمر على تحمل المخاطر وأهدافه الاستثمارية.
تقنيات إدارة المخاطر
تعد إدارة المخاطر أداة حاسمة للمستثمرين تساعدهم في التغلب على تحديات الانكماش الاقتصادي، وتجنبهم الخسائر المحتملة من خلال تنفيذ تقنيات إدارة المخاطر مثل: أوامر وقف الخسارة، والتحوط، وتحديد أهداف استثمارية واقعية، يمكن للمستثمرين التخفيف من تأثير تقلبات السوق، وحماية محافظهم الاستثمارية:
أوامر وقف الخسارة
يساعد إعداد أوامر وقف الخسارة المستثمرين على الحد من الخسائر المحتملة عن طريق بيع الأصول تلقائيًا عندما تصل إلى سعر محدد مسبقًا. تتيح هذه التقنية للمستثمرين تحديد عتبة المخاطرة الهبوطية، وحماية رؤوس أموالهم في حالة تراجع السوق.
التحوط
يساعد استخدام استراتيجيات التحوط، مثل الدخول في العقود الآجلة المستثمرين على تعويض الخسائر المحتملة في محافظهم الاستثمارية، والحماية من تحركات السوق السلبية، وتقليل تأثير المخاطر الهبوطية على استثماراتهم.
تحديد أهداف استثمارية واقعية
إن وضع أهداف استثمارية واقعية والحفاظ على نهج منضبط للاستثمار يجنب المستثمرين الإفراط في المخاطرة وسلوك المضاربة من خلال مواءمة قرارات الاستثمار مع أهدافهم المالية وقدرتهم على تحمل المخاطر، بحيث يستطيع المستثمرون بناء محافظ استثمارية مرنة تكون في وضع أفضل لتحمل انكماش السوق.
يمكنك الإطلاع على: أفضل الوظائف لعام 2024 : وظائف تجعلك غنيا
المحافظة على المنظور طويل المدى
إن تشجيع المستثمرين على الاتجاه نحو استراتيجيات الاستثمار طويلة الأمد أمر ضروري لبناء ثروة مستدامة وتحقيق الأهداف المالية. فيما يلي بعض النصائح للمستثمرين لاعتماد نهج استثماري طويل الأمد:
متوسط تكلفة الدولار
- يتضمن متوسط التكلفة بالدولار استثمار مبلغ ثابت من المال على فترات منتظمة، بغض النظر عن ظروف السوق. يمكن لهذه الاستراتيجية أن تساعد المستثمرين على التخفيف من تأثير تقلبات السوق من خلال توزيع مشترياتهم الاستثمارية مع مرور الوقت.
- من خلال استثمار مبلغ ثابت باستمرار، يمكن للمستثمرين شراء المزيد من الأسهم عندما تكون الأسعار منخفضة وعدد أقل من الأسهم عندما تكون الأسعار مرتفعة مما يؤدي إلى خفض متوسط تكلفة السهم بمرور الوقت، وتقليل مخاطر القيام باستثمارات كبيرة في لحظات غير مناسبة.
البقاء مستثمرًا خلال دورات السوق
يعد الاستمرار في الاستثمار خلال دورات السوق أمرًا بالغ الأهمية للاستفادة من إمكانات النمو طويلة المدى للسوق. في حين أن تقلبات السوق قصيرة المدى قد تسبب عدم اليقين، فقد أظهرت البيانات التاريخية أن السوق يميل إلى الاتجاه الصعودي على مدى فترات زمنية أطول مما يجعل المستثمر الذين يواصل استثماره خلال فترات الركود في وضع يسمح له بالاستفادة من الانتعاش النهائي ومراحل النمو اللاحقة متجنبا الدخول والخروج المستمر من الاستثمارات الذي يؤدي إلى ضياع الفرص والخسائر المحتملة.
فوائد الاستثمار طويل الأجل
- توفر استراتيجيات الاستثمار طويلة الأجل الفرصة للاستفادة من العوائد المركبة، حيث يتم إعادة استثمار أرباح الاستثمارات لتوليد أرباح إضافية مع مرور الوقت. يمكن لهذا التأثير المركب أن يعزز بشكل كبير نمو المحفظة الاستثمارية.
- يتمتع المستثمرون على المدى الطويل أيضًا بميزة التخلص من تقلبات السوق قصيرة المدى، والاستفادة من مسار النمو الإجمالي للسوق. يمكن أن يساعد هذا النهج المستثمرين على تجنب ردود الفعل غير المحسوبة على تقلبات السوق، ويسمح لهم بالتركيز على أهدافهم المالية.
تجنب القرارات المتهورة
تؤدي ردود الفعل العاطفية تجاه تقلبات السوق إلى اتخاذ قرارات متهورة قد تقوض نجاح الاستثمار على المدى الطويل، فالالتزام بخطة استثمارية محددة جيدا، وتجنب ردود الفعل غير المحسوبة على تحركات السوق، يسمح للمستثمرين بتقليل احتمالية اتخاذ قرارات ضارة بسبب الخوف أو الذعر (قد يهمك: هل يكفي الشغف للنجاح؟ أسباب فشل المستثمر العاطفي).
قائمة أفضل الاستثمارات في فترات الركود
يعتمد أفضل استثمار خلال فترات الركود على الظروف الفردية، ودرجة تحمل المخاطر وأهداف الاستثمار، ومع ذلك هناك عدة أنواع من الاستثمارات التي تعتبر مواتية لفترات الأزمات والانكماش الاقتصادي ومنها:
- السندات الحكومية: خلال فترة الركود، يسعى المستثمرون في كثير من الأحيان إلى الحصول على سلامة واستقرار السندات الحكومية، وخاصة تلك الصادرة عن دول قوية ومستقرة ماليا. تعتبر السندات الحكومية استثمارات منخفضة المخاطر نسبيًا، ويمكن أن توفر مصدرًا موثوقًا للدخل من خلال مدفوعات الفائدة.
- الأسهم الدفاعية: الأسهم الدفاعية تنتمي إلى الشركات التي توفر السلع والخدمات الأساسية التي لا يزال الناس بحاجة إليها حتى أثناء فترات الانكماش الاقتصادي. يشمل هذا الشركات في قطاعات مثل السلع الاستهلاكية الأساسية ( الأغذية والمشروبات والمنتجات المنزلية). تميل هذه القطاعات إلى أن تكون أقل حساسية للدورات الاقتصادية، ويمكن أن توفر درجة كبيرة من الاستقرار للمحفظة الاستثمارية خلال فترات الركود.
- الذهب والمعادن الثمينة: غالبًا ما يُنظر إلى المعادن الثمينة مثل الذهب على أنها ملاذ آمن خلال أوقات الازمات الاقتصادية. قد يلجأ المستثمرون إلى الذهب كوسيلة للتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملة، مما يجعله خيارًا استثماريًا جذابًا خلال فترات الركود العالمية.
- صناديق الاستثمار العقاري (REITs) هي الشركات التي تمتلك أو تدير أو تمول العقارات المدرة للدخل. يمكن لبعض أنواع صناديق الاستثمار العقارية التي تركز على العقارات التجارية مثل مباني المكاتب أو الشقق أو مرافق الرعاية الصحية، أن توفر تدفقات دخل مستقرة نسبيًا حتى في الازمات الاقتصادية.
- أسهم توزيع الأرباح عالية الجودة: الاستثمار في أسهم عالية الجودة تدر أرباحًا، ولها تاريخ من توزيعات الأرباح المستقرة يوفر مصدرًا سلبيا للدخل خلال فترة الانكماش. الشركات التي تتمتع بميزانيات عمومية قوية، وتدفقات نقدية مستدامة في وضع أفضل للحفاظ على أرباحها حتى في الظروف الاقتصادية الصعبة.
- صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs): يمكن لصناديق الاستثمار المتداولة التي تتبع القطاعات الدفاعية أو فئات الأصول، مثل السلع الاستهلاكية الأساسية أو الرعاية الصحية أو السندات، أن توفر التنويع والاستقرار أثناء فترات الركود في السوق.
الاستثمار في الأسهم خلال فترات الركود
تحتفظ أنواع معينة من الأسهم بأداء جيد نسبيًا خلال فترات الركود، وتعتبر أكثر أمانا من غيرها، فيما يلي قائمة بافضل فئات الأسهم التي يعتمد عليها المستثمرون الناجحون في الأزمات المالية:
- الشركات التي تنتج وتبيع السلع الاستهلاكية الأساسية مثل: الأغذية والمشروبات والمنتجات المنزلية وأدوات العناية الشخصية. تشمل الأمثلة شركة بروكتر أند غامبل، وكوكا كولا، وول مارت.
- شركات الرعاية الصحية التي تقدم المنتجات والخدمات الأساسية، بما في ذلك الأدوية والأجهزة الطبية ومرافق الرعاية الصحية. ومن الأمثلة على ذلك: جونسون آند جونسون، وفايزر، ومجموعة يونايتد هيلث، ومختبرات أبوت.
- شركات المرافق التي تقدم الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والغاز الطبيعي. تتمتع هذه الشركات عادة بطلب مستقر بغض النظر عن الظروف الاقتصادية. تشمل الأمثلة: NextEra Energy، وDuke Energy، Dominion Energy، Southern Company.
- شركات الاتصالات التي تقدم خدمات الاتصالات الأساسية بما في ذلك اللاسلكي والإنترنت والكابل. تشمل الأمثلة AT&T Verizon Communications ,T-Mobile US, Comcast Corporation.
- الشركات التي لديها تاريخ حافل في دفع أرباح ثابتة غالبا ما تكون خيارا هاما بسبب قدرتها على توفير استقرار الدخل للمستثمرين. تشمل الأمثلة الأسهم التي تدفع أرباحًا من قطاعات مثل السلع الاستهلاكية والمرافق والرعاية الصحية.
في الختام، وبعد الحديث عن أهم النصائح للمستثمرين في فترات الركود العالمي، نشير إلى أن أفضل استراتيجية لمواجهة الأزمات الاقتصادية هي الاستعداد لها من خلال تطوير استراتيجية استثمار طويلة المدى، ومراعاة التنويع قدر المستطاع، والحرص على متابعة النصائح والاستشارات المالية من أصحاب الخبرة والاستشاريين الماليين.