تعد استراتيجية تداول الخيارات من الأدوات الفعالة التي يلجأ إليها المستثمرون لتعزيز أداء محافظهم. ورغم ما قد تبدو عليه من تعقيد في البداية، فإن فهم الخيارات يبدأ من إتقان قراءة سلسلة الخيارات Option Chain، أو ما يعرف بمصفوفة الخيارات.
تمثل هذه السلسلة جدولًا يضم كافة العقود المتاحة للتداول على أصل مالي معين، وتوفر نظرة شاملة على تفاصيل تلك العقود. ومن خلال تحليل بيانات السلسلة، يمكن للمتداولين رصد فرص واعدة واتخاذ قرارات مدروسة لإدارة المخاطر بذكاء. تابع معنا القراءة لتتعرف بالتفصيل على طريقة قراءة مصفوفة الخيارات خطوة بخطوة، وكل المعلومات المتوفرة حولها.
ما هي سلسلة الخيارات Option Chain؟
سلسلة الخيارات (بالإنجليزية: Option Chain)، أو ما يعرف بمصفوفة الخيارات، هي قائمة منظّمة تضم جميع عقود الخيارات المتاحة على ورقة مالية محددة، وتشمل كلًا من عقود الشراء (Calls) والبيع (Puts). تعد هذه الأداة أساسية للمتداولين، خصوصًا عند التحضير لتداولات اليوم التالي.
توفر مصفوفة الخيارات للمستخدمين ذوي الخبرة إمكانية تحليل تحركات الأسعار المحتملة، مع التركيز على مناطق السيولة المرتفعة والمنخفضة. يسهل هذا التحليل على المتداولين اتخاذ قرارات مدروسة استنادًا إلى قراءة دقيقة لحالة السوق. كما تتضمن Option Chain مجموعة من البيانات الحيوية، مثل:
- السعر المنفذ (Strike Price).
- سعر العرض الحالي (Bid).
- سعر الطلب الحالي (Ask).
- كمية العقود المعروضة.
- كمية العقود المطلوبة.
من خلال هذه المؤشرات، يحصل المتداول على رؤية واضحة لعمق السوق والسيولة المتاحة، مما يعزز قدرته على تقييم الفرص واتخاذ قرارات أكثر دقة وفعالية.
قد يهمك التعرف على: الخيارات الثنائية وكيف يتم التداول بها
مكونات سلسلة الخيارات
يتكون مخطط مصفوفة الخيارات عادةً من أربعة أعمدة رئيسية: التغير الصافي، وسعر العرض، وسعر الطلب، وآخر سعر تم التداول عليه. وتوفر هذه الأعمدة بيانات أساسية تساعد في قياس مزاج السوق وتوجيه قرارات المتداولين بدقة أكبر. لفهم طريقة قراءة السلسلة بشكلٍ أعمق، لا بدّ من المرور على أهم المكونات وهي:
نوع الخيار (Call / Put)
ينقسم كل خيار إلى نوعين: خيار الشراء (Call) وخيار البيع (Put) كالتالي:
- يمنح خيار الشراء المتداول الحق في شراء أصل معين بسعر محدد خلال فترة زمنية، دون أي التزام بالتنفيذ.
- بالمقابل، يمنح خيار البيع الحق في بيع الأصل بنفس الطريقة.
إن فهم الفرق بين هذين النوعين يشكل نقطة انطلاق ضرورية لأي شخص يريد التداول بذكاء في سوق الخيارات.
سعر التنفيذ (Strike Price)
يشير سعر التنفيذ إلى السعر المتفق عليه بين الطرفين لتنفيذ العقد. يصبح الخيار مجديًا حين يتحرك سعر الأصل بشكلٍ يتجاوز هذا السعر. على سبيل المثال، يربح المتداول في خيار الشراء إذا ارتفع السعر فوق سعر التنفيذ، والعكس في خيار البيع. بكلماتٍ أخرى، يلعب اختيار السعر المناسب دورًا حاسمًا في بناء استراتيجية تداول فعالة وتحقيق عوائد محتملة.
قد يهمك أيضًا: نمط كوزايمودو في التداول.
في المال (ITM) وعند المال (ATM) وخارج المال (OTM)
ندعو خيار الشراء “في المال IN The Money” عندما يتجاوز السعر السوقي للأصل سعر التنفيذ، بينما يحدث العكس مع خيار البيع. إذ يعد “في المال” عندما ينخفض السعر السوقي عن سعر التنفيذ. يمكّن هذا المفهوم المتداول من تقدير القيمة الفعلية للعقد، ويساعده في تحديد توقيت التنفيذ أو الإغلاق.
في حين، تحدث حالة “عند المال At The Money” عندما يتساوى سعر التنفيذ مع السعر الحالي للأصل. في هذا الوضع، لا يكون هناك ربح أو خسارة واضحة، ويشكل ذلك نقطة توازن في السوق. يلعب فهم هذا المفهوم دورًا مهمًا في تحليل التقلبات وتحديد نقاط الدخول أو الخروج.
يحدث خيار الشراء “خارج المال Out The Money” عندما يكون سعر التنفيذ أعلى من السعر الحالي للسوق، بينما يعد خيار البيع كذلك إذا كان سعر التنفيذ أقل من السعر السوقي. ورغم أن هذه الخيارات لا تمتلك قيمة جوهرية في الوقت الحالي، إلا أنها قد تشير إلى تحركات محتملة في الأسعار، مما يفتح المجال أمام فرص تداول مستقبلية.

أهمية سلسلة خيارات NSE
توفر مصفوفة الخيارات نيفتي مجموعة من الفوائد التي تجعلها أداة تحليلية مهمة للمتداولين، سواء في سوق الخيارات أو السوق النقدي. وتبرز أهميتها في النقاط التالية:
- فهم وضع السوق من خلال الخيارات: تتيح سلسلة خيارات NSE نظرة سريعة على العقود “داخل المال” (ITM) و”خارج المال” (OTM)، مما يساعد المتداولين في تقييم الوضع الحالي للسوق واتخاذ قرارات مبنية على بيانات حقيقية.
- تقييم عمق السيولة: تمكّن السلسلة المتداول من تحليل السيولة المرتبطة بأسعار التنفيذ المختلفة، ما يوفر أساسًا قويًا لبناء قرارات تداول مدروسة.
- مقارنة أقساط الخيارات: تسهّل السلسلة مقارنة أقساط الخيارات المختلفة بحسب تواريخ الاستحقاق وأسعار التنفيذ، ما يساعد في اختيار الخيار الأنسب من حيث التكلفة والعائد.
- رصد التحركات السوقية المفاجئة: يمكن استخدام سلسلة الخيارات كمؤشر تحذيري لاحتمالية حدوث تحركات حادة في المؤشر، ما يمنح المتداولين فرصة للاستعداد وإدارة المخاطر.
- قراءة الاتجاهات الاقتصادية الكبرى: بخلاف سلاسل خيارات الأسهم التي تركز على أداء شركة محددة، تعكس سلسلة خيارات المؤشر (مثل نيفتي) اتجاهات السوق على المستوى الكلي، مما يجعلها أداة تحليل اقتصادي فعالة.
- تحليل الاستراتيجيات المركبة: تتيح السلسلة دراسة استراتيجيات مثل الـ Straddle والـ Strangle عند مستويات تنفيذ مختلفة، مما يساعد المتداول على مواءمة استثماراته مع مشاعر السوق السائدة.
- أداة شاملة للمتداولين: بفضل تنوع البيانات التي تقدمها، تعد مصفوفة الخيارات أداة تحليلية قيمة لكل من متداولي الخيارات والمستثمرين في السوق النقدي، لما توفره من دعم في اتخاذ قرارات استثمارية دقيقة وواعية.
استخدامات مصفوفة الخيارات
تلعب سلسلة الخيارات دورًا محوريًا في دعم المتداولين لفهم السوق ووضع استراتيجيات دقيقة. وعليه، تعرف معنا على أبرز الاستخدامات العملية لهذه الأداة:
- التحذير من التحركات المفاجئة: تتيح مصفوفة الخيارات رصد إشارات مبكرة لاحتمال حدوث تقلبات حادة في المؤشر، ما يمنح المتداولين فرصة للاستعداد واتخاذ قرارات استباقية للتعامل مع التغيرات السريعة.
- تطوير استراتيجيات متعددة: تتيح السلسلة بناء استراتيجيات تداول متنوعة باستخدام خيارات عند مستويات تنفيذ مختلفة، ما يمكّن المتداول من الاستفادة من تحركات السوق المحتملة والتكيف مع الاتجاهات المستقبلية.
- تحليل حركة الأسهم: تساهم السلسلة في استخراج رؤى تحليلية دقيقة حول سلوك الأسهم، ما يساعد في التنبؤ باتجاهاتها واتخاذ قرارات أكثر وعيًا.
- تقييم السيولة وعمق السوق: تمكّن سلسلة الخيارات المتداول من قياس مستوى السيولة المرتبط بكل عقد، مما يوفر مؤشرًا على مدى سهولة الدخول والخروج من الصفقات وتأثير ذلك على جدوى الاستثمار.
- الوصول السريع إلى البيانات: توفر السلسلة واجهة موحدة تحتوي على بيانات أساسية حول عقود الخيارات، ما يسهل على المتداولين الوصول إلى المعلومات المهمة بسرعة، وبالتالي دعم قراراتهم بفعالية أعلى.
نقاط أساسية عند تحليل بيانات سلسلة الخيارات
بعد فهم تخطيط مصفوفة الخيارات، تأتي خطوة تحليل البيانات الواردة فيها، وهنا لا بد من المرور على عدة عناصر أساسية ينبغي التركيز عليها ومراعاتها عند قراءة مصفوفة الخيارات وهي:
- السعر الأخير: يعبّر السعر الأخير عن آخر سعر تم تنفيذ تداول الخيار عنده. لكن لا يمكن الاعتماد عليه دائمًا كمؤشر دقيق لقيمته الحالية، خصوصًا إذا لم يُسجل أي تداول جديد مؤخرًا. لذلك، ينصَح بمراجعة أسعار العطاء والطلب المباشرة للحصول على صورة أوضح.
- أسعار العطاء والطلب: يمثّل سعر العطاء أعلى قيمة يرغب المشترون في دفعها، بينما يشير سعر الطلب إلى أدنى قيمة يقبلها البائعون. الفارق بينهما، والمعروف بـ “فارق العرض والطلب”، يعد مؤشرًا مهمًا على سيولة الخيار. كلما كان الفارق أضيق، ازدادت سهولة تنفيذ الصفقات بتكاليف أقل.
- الحجم (Volume): يوضّح حجم التداول عدد العقود التي تم تداولها خلال الجلسة الحالية. حيث يعكس ارتفاع الحجم نشاطًا أكبر ويشير إلى اهتمام ملحوظ بذلك الخيار. وغالبًا ما يُقارن هذا الرقم بالفائدة المفتوحة للحصول على تقييم أدق لحركة السوق.
الفائدة المفتوحة (Open Interest)
تمثّل هذه الفائدة إجمالي العقود غير المسوّاة حتى نهاية يوم التداول. حيث تضاف العقود الجديدة إلى الفائدة المفتوحة، في حين تُزال العقود التي تم إغلاقها أو تسويتها. عادةً ما يشير ارتفاع هذا المؤشر إلى اهتمام متزايد من السوق.
تعرض منصات التداول المتقدمة، مثل AvaTrade، هذه البيانات بطريقة مرئية سهلة القراءة والتنقل. كما يسهّل تصميم الواجهة على المتداول الوصول السريع إلى أهم المعلومات وتحليلها بكفاءة، ما يعزز دقة القرارات الاستثمارية دون تأخير.

إدارة المخاطر باستخدام مصفوفة الخيارات
تشكل إدارة المخاطر حجر الأساس الذي يُبنى عليه النجاح في تداول الخيارات. وتتيح سلسلة الخيارات أدوات متقدمة يمكن من خلالها قياس المخاطر وتوقع أثر تحركات السوق. من بين هذه الأدوات، تبرز “اليونانيات” كوسائل تحليل دقيقة تستخدم لفهم استجابة الخيار لتغيرات مختلفة:
- Delta (دلتا): تحدد مدى تأثر سعر الخيار بأي حركة في سعر الأصل الأساسي. يشير ارتفاع دلتا إلى حساسية أكبر، ويستخدم كمؤشر احتمالي لانتهاء الخيار داخل نطاق الربحية.
- Gamma (غاما): تبين مدى تغير قيمة دلتا نفسها مع مرور الوقت. وتساعد هذه القيمة في قياس مدى استقرار مركز الخيار، حيث تدل القيم المرتفعة على احتمالية أكبر لتقلبات مفاجئة.
- Theta (ثيتا): تعبر عن مقدار فقدان الخيار لقيمته بمرور الزمن، في حال لم تحدث تغيرات في السوق. تحظى هذه القيمة باهتمام المتداولين الذين يحتفظون بالخيارات لفترات طويلة، إذ تظهر التأثير الزمني على العائد المتوقع.
- Vega (فيغا): تقيس مدى تفاعل سعر الخيار مع التغيرات في مستوى التقلب الضمني. ارتفاع فيغا يعني استجابة أكبر لتحركات السوق المفاجئة، ويستخدم لتقييم طبيعة العقود الأكثر حساسية.
تُستخدم هذه القيم الأربع لتقدير المخاطر بدقة، إلا أن هناك أيضًا يونانيات ثانوية مثل Rho، Ultima، Lambda، Vomma، Zomma، تضيف طبقات تحليلية أعمق لفهم سيناريوهات السوق المختلفة. من خلال هذا الإطار التحليلي المتكامل، يصبح بإمكان المتداول تصميم استراتيجيات أكثر دقة، وضبط مخاطره وفقًا لظروف السوق الآنية.
تعرف على: أفضل شركات التداول بالخيارات الثنائية مميزاتها وعيوبها
الفروقات والتشابهات بين خيارات الشراء والبيع
يشكّل كل من خيار الشراء (Call) وخيار البيع (Put) ركيزتين أساسيتين في سوق الخيارات. يُستخدم كل نوع لتحقيق أهداف استثمارية مختلفة، ويعد فهم الفروق بينهما أمرًا جوهريًا في بناء استراتيجيات تداول فعالة. وفي سياق ذلك، دعنا نقدم لك الفروقات الأساسية بين خيارات الشراء والبيع:
الفروق الأساسية بين خيارات الشراء والبيع
يتضح التباين بين بين خيارات الشراء والبيع في الجوانب التالية:
- تحمل خيارات البيع دلتا سلبية، أي تنخفض قيمتها عند ارتفاع سعر الأصل الأساسي، بينما ترتفع قيمة خيارات الشراء مع هذا الارتفاع.
- تتراجع قيمة خيار البيع عند زيادة أسعار الفائدة، في حين تميل خيارات الشراء إلى الارتفاع في السيناريو ذاته.
- تؤدي التوزيعات النقدية المرتقبة إلى رفع قيمة خيار البيع وخفض قيمة خيار الشراء.
- تُسعّر خيارات البيع ذات سعر التنفيذ الأدنى عادةً بأقل من تلك ذات سعر تنفيذ أعلى، بينما يحدث العكس في خيارات الشراء.
أوجه التشابه بين خيارات الشراء والبيع
رغم اختلاف الأهداف، تشترك خيارات البيع والشراء في عدة خصائص رئيسية، هي:
- يُستخدم كليهما للتحوط من تقلبات السوق وتقليل الخسائر المحتملة.
- تتأثر قيمتهما بعنصر الزمن، حيث يقيس معامل ثيتا مقدار انخفاض القيمة مع مرور الوقت.
- تُظهر كلتا الأداتين حساسية واضحة تجاه التقلب الضمني؛ إذ يؤدي ارتفاعه إلى زيادة قيمة الخيارات بسبب تزايد الطلب.
- تتيح خيارات البيع والشراء إمكانيات متنوعة للمراكز الطويلة والقصيرة، مما يمنح المتداول مرونة في اختيار النهج الأنسب لحركة السوق.
على الرغم من أن البيانات المُستخرجة من سلسلة الخيارات تعد أداة مفيدة للتحليل قصير الأجل، ينبغي للمتداول أن يدمجها مع مؤشرات أخرى وأن يقيّم المشهد العام للسوق قبل اتخاذ القرار. كما يمثل الوعي الذاتي بقدرات التداول، إلى جانب فهم سلوك السوق، خطوة ضرورية لبناء قرارات استراتيجية مدروسة.
في الختام، تمثل سلسلة الخيارات (Option Chain) أداة محورية لفهم ديناميكيات السوق واتخاذ قرارات تداول مدروسة. من خلال قراءتها، يمكن للمتداولين تحليل الأسعار والأحجام وتواريخ انتهاء الصلاحية، وبالتالي تحديد فرص واستراتيجيات فعالة.