إن مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة هو أداة تحليلية تستخدم لتقييم المشاعر السائدة في سوق العملات الرقمية. حيث يعكس هذا المؤشر التوازن بين الخوف والجشع لدى المستثمرين، مستندًا إلى مجموعة من البيانات الإحصائية التي تشمل تقلبات الأسعار، وحجم التداول، وآراء المستثمرين. وفي ظل التقلبات العالية التي تشهدها العملات المشفرة، يصبح من الضروري فهم هذه المشاعر، حيث أن الخوف يمكن أن يؤدي إلى عمليات بيع جماعية، بينما الجشع قد يعزز من الرغبة في الشراء. ويساعد مؤشر الخوف والجشع على توجيه استراتيجيات الاستثمار، مما يمكّن المتداولين من اتخاذ قرارات سليمة ومدروسة في بيئة السوق الديناميكية.
مفهوم مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة
هو أداة تشير إلى الحالة العاطفية للمشاركين في سوق العملات الرقمية. حيث يقدم المؤشر درجة رقمية بسيطة من خلال تجميع نقاط بيانات متعددة تتعلق بالمشاعر. تتراوح هذه الدرجة من 0 (خوف شديد) إلى 100 (جشع شديد).
كما يمكن أن يستخدم بعض المتداولين في العملات الرقمية هذا المؤشر لتحديد الانعكاسات المحتملة في السوق، خاصة عندما تتجه المشاعر نحو الأطراف المتطرفة من المقياس. وقال وارن بافت، رئيس شركة بيركشاير هاثاواي، في رسالة شهيرة كتبها لمساهمي الشركة عام 1986: “نحن نحاول ببساطة أن نكون خائفين عندما يكون الآخرون جشعين وأن نكون جشعين فقط عندما يكون الآخرون خائفين.”
ويكمن المنطق وراء مؤشر الخوف والجشع في هذا القول، في محاولة لتحديد الفرص. حيث قد يكون السوق مبالغًا في شرائه أو بيعه، وهذا ما يشير إليه جشع وخوف المستثمرين.

كيفية قراءة مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة
كما ذكرنا أعلاه يقدم المؤشر درجة رقمية من 0 وحتى 100، تندرج قراءة المؤشر حسب هذه الدرجة كالتالي:
- عندما يسجل المؤشر ما بين 0-24، فهذا يشير إلى خوف شديد. فإذا كان السوق يميل بشكل كبير نحو الهبوط، فهذا يدل على أنه لا يوجد الكثير من الأشخاص المتبقيين للبيع، وقد يمثل ذلك فرصة للشراء.
- عندما يسجل المؤشر ما بين 76-100، فهذا يشير إلى جشع شديد. أي عندما يكون معظم المستثمرين جشعين ويشعرون بالخوف من فقدان الفرصة (FOMO)، فقد يكون عدد المشترين قليلًا، وهذا قد يدل على انعكاس نحو الانخفاض.
ملاحظة: قد لا يكون من الحكمة استخدام المؤشر بشكل منفرد لاتخاذ قرارات استثمارية. بل يُفضل دمجه مع عوامل متعددة لتوليد فرضية أكثر معلومات حول التحركات المحتملة التالية للسوق.
كيف يتم حساب مؤشر الخوف والجشع في العملات الرقمية؟
يتم حساب مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة من خلال تجميع مجموعة متنوعة من نقاط البيانات التي تعكس مشاعر السوق والأنشطة المتعلقة بالعملات الرقمية. يتم إنشاء المؤشر بواسطة موقع alternative.me ويستخدم المدخلات التالية:
- التقلبات.
- زخم السوق/الحجم.
- مشاعر وسائل التواصل الاجتماعي.
- الاستطلاعات.
- الهيمنة.
- اتجاهات جوجل.
وتابعوا معنا الآن نتعرف ونتعمق بفهم هذه المدخلات بشكل موسع:
التقلبات (25%)
يتم قياس التقلبات السوقية الأخيرة والانخفاضات القصوى مقارنة بالقيم المتوسطة على مدار الثلاثين إلى التسعين يومًا الماضية. ويُعتبر أن “ارتفاع التقلبات بشكل غير عادي هو علامة على سوق خائف”. يعني ذلك أنه عندما يكون هناك تقلب كبير في الأسعار، فإن المستثمرين يشعرون بالقلق.
زخم السوق/الحجم (25%)
يقارن هذا المكون حجم التداول الحالي وزخمه مرة أخرى مع متوسطات الثلاثين والتسعين يومًا الماضية. حيث تشير الأحجام العالية في سوق صاعد إلى أن السوق جشع. بمعنى آخر، إذا كان هناك نشاط تداول كبير، فهذا يدل على رغبة المستثمرين في الدخول إلى السوق.
مشاعر وسائل التواصل الاجتماعي (15%)
تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا كبيرَا في مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة. فعلى سبيل المثال، يقوم المطورون بتحليل ما يُقال على منصة X (المعروفة سابقًا بتويتر). حيث يتم تحليل عدد المشاركات المتعلقة بعملة البيتكوين (BTC) والهاشتاغات الخاصة بها. كما يقومون بدراسة سرعة وتفاعل هذه المشاركات، حيث يُفترض أن معدل التفاعل غير العادي يتوافق مع “سلوك السوق الجشع”. فإذا كان هناك الكثير من الحديث الإيجابي حول البيتكوين، فقد يعني ذلك أن المستثمرين متحمسون.
الاستطلاعات (15%)
إن هذا المدخل متوقف حاليًا في وقت كتابة هذه السطور بتاريخ 3 مارس 2025. ولكن بشكل عام وبالتعاون مع strawpoll.com وهو منصة استطلاع رأي عامة كبيرة إلى حد ما، يتم إجراء استطلاعات رأي أسبوعية حول العملات المشفرة ويُسأل الأشخاص عن رأيهم في السوق. عادةً، نرى 2000 إلى 3000 صوت في كل استطلاع، لذا نحصل على صورة لمشاعر مجموعة من مستثمري العملات المشفرة. ولا تولى هذه النتائج الكثير من الاهتمام، لكنها كانت مفيدة للغاية في البداية.
الهيمنة (10%)
إن هيمنة عملة ما، تُشبه حصة القيمة السوقية لسوق العملات المشفرة بالكامل وخاصة بالنسبة لعملة البيتكوين. حيث نعتقد أن ارتفاع هيمنة البيتكوين ناجم عن الخوف من الاستثمارات في العملات البديلة المضاربية للغاية (وبالتالي انخفاض). وخاصة أنه قد أصبحت عملة البيتكوين ملاذًا آمنًا للعملات المشفرة بشكل متزايد. ومن ناحية أخرى، عندما تتقلص هيمنة البيتكوين، يصبح الناس أكثر جشعًا من خلال الاستثمار في عملات بديلة أكثر خطورة، ويحلمون بفرصتهم في الارتفاع الكبير التالي. على أي حال، عند تحليل هيمنة عملة أخرى غير البيتكوين، يمكنك القول بالعكس، حيث أن المزيد من الاهتمام بعملة بديلة قد يستنتج سلوكًا صعوديًا / جشعًا لتلك العملة المحددة.
اتجاهات جوجل (10%)
من خلال تتبع استفسارات البحث المختلفة على جوجل المتعلقة بالبيتكوين، وخاصة التغيرات في أحجام البحث، يمكن الحصول على فكرة عن شعور المستثمرين. حيث يمكن للمستثمرين فحص اتجاهات البحث على جوجل بأنفسهم. فعلى سبيل المثال، بلغ حجم البحث عن مصطلح “كيفية شراء البيتكوين” ذروته في عام 2017، ومنذ ذلك الحين بدأ في الانخفاض تدريجيًا.

لماذا يعتبر مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة مهمًا؟
بشكل عام، يُعتبر التحليل العاطفي (مؤشر الخوف والجشع) أحد المصادر الأربعة للمعلومات التي يمكن لمستثمري العملات الرقمية استخدامها لاتخاذ قرارات استثمارية، بينما المصادر الثلاثة الأخرى هي:
- التحليل الفني: تحليل حركة الأسعار التاريخية، والأنماط، والمؤشرات.
- التحليل الأساسي: تحليل العوامل المالية، والاقتصادية، والنوعية.
- التحليل على السلسلة: تحليل بيانات المعاملات، ونشاط المحفظة، وتدفقات البورصة، وما إلى ذلك.
يميل المستثمرون في الأسواق المالية إلى التفكير الجماعي. لذلك، إذا كنت تعرف كيف يفكر القطيع وكيف يتمركز، فقد تتمكن من الحصول على ميزة تتفوق بها على الغالبية. حيث يستفيد مؤشر الخوف والجشع من النفس الجماعي للقطيع، مما يقدم للمستثمرين بعض الرؤى المفيدة. والتي تشمل:
- التوقيت: عند استخدام مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة في السوق، ستتمكن من معرفة متى يصل السوق إلى حالة الخوف الشديد، وهذا يساعد المستثمرين في توقيت دخولهم.
- التوافق: ربما لديك فرضية تعمل عليها بأن السوق على وشك الانعكاس، ولكن لا بد من إثباتها والتأكد منها. هنا يأتي دور تحليل مؤشر الخوف والجشع، فإذا كانت البيانات تتماشى مع فكرتك فهذا مفيد للغاية كمستثمر. حيث كلما كان لديك دليل أكثر لدعم فرضيتك، زادت ثقتك.
تفسير مؤشر الخوف والجشع في العملات الرقمية
يجب أخذ مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة في سياقه وبالإشارة إلى متغيرات أخرى. فقد يعني الخوف الشديد أن البيتكوين تم بيعه بشكل مفرط، ولكنه لا يعني بالضرورة أنه يجب على المستثمر الشراء. لذلك يجب على المستثمرين فحص أسباب الخوف أو الجشع في السوق والتحقيق في دلالات تلك المشاعر. وفيما يلي بعض الأسئلة التي قد تطرحها:
- هل السوق يبالغ في رد فعله؟ هل هذا الخوف أو الجشع مبرر؟
- إذا كان السوق يشعر بالخوف أو الجشع بسبب أخبار معينة، هل تمثل هذه الأخبار تهديدًا وجوديًا للبيتكوين كأصل؟
- هل تتوافق قيمة المؤشر مع بعض البيانات الفنية المهمة، مثل مستوى دعم أو مقاومة تاريخي كبير؟
- هل كان السوق خائفًا أو جشعًا لفترة طويلة، مما أدى إلى وصوله إلى مستويات متطرفة؟
- هل يتجاهل السوق عوامل أساسية مهمة؟
- هل يتوافق المؤشر مع إشارات على مؤشرات عقود العملات الرقمية الآجلة؟
- إذا كان السوق يشعر بالخوف، كيف يتفاعل مع الأخبار السلبية؟
- إذا كان السوق يشعر بالجشع، كيف يتفاعل مع الأخبار الإيجابية؟
ما الذي يشير إليه الخوف أو الجشع الشديد؟
يشير الخوف الشديد إلى أن المستثمرين قلقون بشأن انخفاض الأسعار. بينما يشير الجشع الشديد إلى أن المستثمرين متحمسون بشأن ارتفاع الأسعار. وإذا قمنا بتطوير هذا المفهوم بشكل أكبر، يصبح واضحًا لماذا يمكن أن تكون هذه المبالغات غير عقلانية.
فإذا كان سعر البيتكوين (BTC) ينخفض على مدار أشهر، وشهد انخفاضًا كبيرًا يتزامن مع الخوف الشديد، فمن الممكن جدًا أن يكون السوق قد تم بيعه بشكل مفرط. ويبقى السؤال، هل من المنطقي أن يكون المستثمرون خائفين ببساطة بسبب حركة الأسعار الهابطة؟ أم أن السوق الآن أكثر احتمالاً للانعكاس؟
تجربة فكرية مختارة من الجشع الشديد في البيتكوين
إذا نظرنا إلى بعض الأمثلة المختارة من الخوف أو الجشع الشديد في البيتكوين، يمكننا أن نرى أنها تزامنت مع انعكاسات كبيرة. وفيما يلي بعض الأمثلة التي قد تساعدك في تحديد فائدة مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة في المرة القادمة التي يصل فيها إلى مستويات متطرفة:
المثال الأول
في 9 يناير 2021، بعد ارتفاع كبير في سعر البيتكوين إلى حوالي 40000 دولار، عندها وصلت العملة إلى 95 على مؤشر الخوف والجشع. وهو أعلى تسجيل منذ بدء التسجيلات في فبراير 2018. وقد كان شهر يناير عام 2021 هو بداية الصعود الجنوني لعملة بيتكوين.
- إذا نظرت إلى مخطط الأسعار أدناه، هل هناك شيء مهم حول هذا المستوى السعري؟
- هل كانت هناك أي مؤشرات تشير إلى انعكاس محتمل في ذلك الوقت في يونيو 2019؟

المثال الثاني
في 14 مارس 2020، خلال “انهيار COVID“، وصل البيتكوين إلى 8 على مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة. ولم يسجل سوى نتيجة أقل مرة واحدة في عام 2019. حيث سُجِل أدنى سعر للبيتكوين بالضبط في اليوم السابق من قراءة المؤشر في 13 مارس 2020. حيث اتضح أن هذا الانخفاض، الذي بلغ حوالي 4,000 دولار، كان الأدنى الذي تداول به سعر البيتكوين لأكثر من أربع سنوات.
- هل كانت ردود فعل السوق تجاه فيروس كورونا مبررة، أم كانت ناتجة فقط عن الخوف؟
- ما الذي دفع السوق إلى هذا الانهيار الكبير؟
- هل كان ذلك نتيجة للذعر العام (وانتقال السوق بشكل عنيف إلى “تجنب المخاطر”) أم كان تعبيرًا عن البيتكوين كأصل؟
- هل كان هناك شيء مهم حول السعر الذي وجد فيه البيتكوين الدعم؟
بالتأكيد تتفاوت الأجوبة على الأسئلة السابقة حسب المحلل، ولكن ذكرناها لأنها تمثل بابًا يساعدك في تحليل وفهم مؤشر الخوف والجشع.
مؤشر الخوف والجشع في التحليل: بعض الإرشادات
من المهم أن ندرك أن استخدام مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة بشكل منفرد قد يؤدي إلى فقدان رأس المال. مثل العديد من المؤشرات الفنية، يُعد المؤشر نقطة بيانات مفيدة يمكن دمجها في فرضية أوسع، ولكن من دون خبير مساعد، قد يكون مؤديًا إلى نتائج مضللة. وإليك بعض الإرشادات حول كيفية دمج المؤشر في تحليلك:
- ابحث عن المحاذاة: راجع الأمثلة التاريخية التي وصل فيها المؤشر إلى مستويات متطرفة ولاحظ ما تزامن مع ذلك، سواء من حيث التحليلات الفنية أو الأساسية أو التحليلات على السلسلة. فعلى سبيل المثال، هل يوجد ارتباط إيجابي ملحوظ بين المؤشر ومؤشر فني آخر؟
- ابحث عن الشذوذ: هل كانت هناك حالات ارتفع فيها المؤشر في أي اتجاه ولكن السعر لم يتبع ذلك؟ ماذا حدث بعد ذلك؟ هل أدى ذلك إلى حركة أكبر في الأسعار؟ هل ينحرف المؤشر عن السعر في أي لحظة؟
- فهم عيوب المؤشر: لا تُدخل أي عنصر في تحليلك ما لم تكن على دراية بكيفية عمله. وتحقق من كيفية حساب رقم الخوف والجشع ثم انتبه على ما قد يكون مفقودًا. هل هناك نقاط بيانات إضافية يمكنك إدراجها لتحسين دقة التحليل؟
- فكر في الاستراتيجيات التي يمكن أن يكملها المؤشر: حيث يجب عليك التفكير في كيفية استخدام المؤشر في استراتيجيات التداول الخاصة بك، بما يتعلق بدخول وخروج المراكز. هل يمكنك ضبط تنبيه عندما يصل المؤشر إلى مستويات متطرفة لبدء استراتيجية متوسط تكلفة الدولار؟ كيف كانت نتائج هذه الاستراتيجية تاريخيًا عند تنفيذ اختبار الأداء؟
في الختام، يُعتبر مؤشر الخوف والجشع للعملات المشفرة أداة مفيدة لتقييم المشاعر في أسواق العملات الرقمية، حيث يجمع بين العديد من المدخلات المدروسة والمعنوية. وعند دمجه بشكل صحيح مع عوامل سياقية أخرى مهمة، يمكن أن يساعد المستثمرين في اتخاذ قرارات أكثر اطلاعًا بناءً على الحالة العاطفية للسوق.