في ظل خطر التهديدات السيبرانية على الاستقرار المالي، تنامى الاهتمام بالتأمين السيبراني للشركات. فالمخاطر الكبرى لم تعد تقتصر على الحيز المادي فقط. لأن مجرد حادث إلكتروني واحد يمكنه أن يدمر شركة بحد ذاتها أو يغلقها بشكلٍ نهائي.
لذا لا بد من التوجه إلى التأمين السيبراني للمساعدة على التعافي من أية خسائر مالية كبيرة تنتج عن تهديدات سيبرانية، كعمليات الاحتيال أو الاختراقات أو حتى برامج الفدية.
ولأن غالبية الشركات الصغيرة تركز بشكلٍ كبير على النمو ودعم موظفيها وتحسين خدماتها ومنتجاتها، فإنها تتغاضى بشكلٍ أو بآخر عن موضوع الأمن السيبراني. مقالنا لليوم يسلط الضوء على هذه النقطة لضمان النجاح على المدى الطويل.
التأمين السيبراني للشركات: المفهوم والأهمية
يمكن تعريف الأمن السيبراني للشركات أو بتعبير آخر “تأمين المسؤولية السيبرانية|، على أنه إحدى أنواع السياسات التي تساعد مختلف الشركات على التعافي من العواقب والتأثيرات المالية الناتجة عن الحوادث السيبرانية، من خلال توفير أفضل السياسات لحماية الشركة ضد التهديدات المختلفة والتي من بينها انتهاكات البيانات وهجمات برامج الفدية، وتعطل النظام.
حيث يغطي التأمين السيبراني مجموعة كبيرة من التكاليف من أمثلتها الاضطرابات التشغيلية، إضافةً إلى الرسوم القانونية وجهود الإصلاح، فضلًا عن الأضرار التي تلحق بالسمعة والغرامات التنظيمية.
- وتبرز أهمية التأمين السيبراني اليوم مع الاعتماد المتزايد للشركات على التكنولوجيا، بحيث أصبحت أصولها الرقمية أكثر قيمة، إلا أنها أكثر عرضة للخطر. وتتضمن هذه الأصول الرقمية على سبيل المثال كل من سجلات العملاء والأنظمة التشغيلية، إضافةً إلى بيانات الأعمال. حيث تحتاج هذه الموارد لتأمين قوي وموثوق مدعوم من خبراء يساعدون الشركات على الاستجابة بفعالية في حال طرأت أية مشكلات.
- من جهةٍ أُخرى، لا يمكن اليوم إغفال أهمية التأمين السيبراني للشركات مهما كان نوعها أو حجمها، فنحن اليوم في عصر رقمي متسارع. لهذا السبب، تبرز أهمية التأمين السيبراني ضد الهجمات من خلال التخفبف من المخاطر قدر الإمكان.
- كما تجدر الإشارة أيضًا إلى أن التأمين السيبراني لا يمكن أن يحل مكان “ممارسات الأمن السيبراني” القوية المتّبعة من قبل الشركات نفسها، بل يكملها، ما يساعد الشركات على إدارة التأثير المالي الناتج عن أية حوادث الكترونية، وذلك عبر تقاسم العبء مع شركات التأمين.
وبالحديث عن التأثير المالي، قد تتراكم تكاليف الحوادث الالكترونية بشكلٍ متسارع وذلك اعتمادًا على نوع الهجوم ووقت التوقف عن العمل، وحجم العمل أيضًا، وعليه تشتمل النفقات النموذجية ما يلي:
- الرسوم القانونية والتنظيمية.
- الاستجابة للحوادث إضافةً للتوجيه من الخبراء.
- التحقيقات الجنائية الرقمية.
- إشعارات انتهاك الخصوصية.
- أموال مسروقة.
- إصلاح النظام وإعادة بنائه.
- استعادة البيانات.
- مدفوعات الفدية.
- خسارة الدخل بسبب التوقف عن العمل.
- مطالبات المسؤولية تجاه الطرف الثالث.
- العقوبات والغرامات التنظيمية.
ملاحظة مهمة:
حتى مع أهمية ممارسات الأمن السيبراني الضرورية والقوية. إلا أن “وجود سياسة تقدم شبكة أمان لأية خسائر مالية محتملة وبالتكامل مع مزودين ذوي خبرة” يمكن أن يضيف قيمة لا تقدر بثمن في حال حدوث أزمات من هذا النوع.
أنواع التأمين السيبراني المناسب للشركات
قبل أن ندخل في أهم أنواع التأمين السيبراني المناسب للشركات، ينبغي أن نشير إلى وجود فئتين أساسيتين للتأمين السيبراني هما: تغطية الطرف الأول، وتغطية الطرف الثالث. وعليه يُقسم التأمين السيبراني للشركات إلى:
تأمين الطرف الأول ضد المخاطر السيبرانية
يُستخدم هذا النوع من التأمين السيبراني بغرض التعافي من خسائر مالية تواجهها الشركات مباشرةً بعد وقوع الحادث الالكتروني. بمعنى أن تأمين الطرف الأول صُمم لحماية الشركة في حال تأثرت أنظمتها أو بياناتها. وبالتالي يغطي هذا النوع من التأمين السيبراني ما يلي:
- الاستجابة للحوادث: يقدم تأمين الطرف الأول السيبراني كل من الدعم والمشورة أثناء وقوع الحدث الالكتروني، ويتضمن ذلك كل من التوجيه القانوني إضافةً لإزالة البرامج الضارة مع التحقيق في الأسباب، فضلًا عن إخطار الأشخاص بمجرد اختراق بياناتهم.
- تلف وتوقف النظام عن العمل: وهنا يفيد تأمين الطرف الأول في استعادة أنظمة الكمبيوتر، إضافةً للبيانات الخاصة بالشركة، فضلًا عن تغطية الدخل المفقود أثناء توقف الأنظمة.
- الجرائم الالكترونية: يساعد تأمين الطرف الأول في استعادة الأموال المسروقة من كل من المتسللين أو المحتالين، بالإضافة إلى سداد مدفوعات الفدية في حال لزم الأمر. إلا أنه لا يُنصح بهذه العملية (أي لا يُنصح بدفع الفدية للمهاجمين).
تُعتبر تغطية الطرف الأول مفيدة جدًا في حال كانت الشركة تعتمد على أجهزة الكمبيوتر أو تقوم بتخزين بيانات حساسة، أو تعتمد آلية نقل وتحويل الأموال عبر الانترنت.
تأمين الطرف الثالث ضد الهجمات السيبرانية
يوفر تأمين الطرف الثالث ضد الهجمات السيبرانية الحماية للشركة في حال قيام شخص (كأن يكون عميل أو حتى “عملية ما”) بمقاضاة الشركة نتيجة حادث الكتروني مرتبط بأنظمته أو بياناته. وعليه، يغطي التأمين السيبراني للشركات من نوع الطرف الثالث كلًا من:
- الأضرار: يغطي تأمين الطرف الثالث التكاليف التي يتعين على الشركة دفعها للآخرين قانونيًا.
- الرسوم القانونية: من خلال تغطية تأمين الطرف الثالث لتكلفة الدفاع عن النفس في المحاكم، والتي تتضمن دفع تكاليف الطرف الآخر في حال لزم الأمر.
- الغرامات والعقوبات: يقصد بذلك تغطية تأمين الطرف الثالث للغرامات التنظيمية الناتجة عن الفشل في حماية البيانات بالشكل الصحيح.
يُعتبر تأمين الطرف الثالث مفيدًا سيما للشركات التي تتعامل مع بيانات حساسة للعملاء، أو أنها تدير أنظمة العملاء ومن أمثلتها شركات التكنولوجيا مثل شركة ميتا على سبيل المال (قد يهمك: الاستثمار في أسهم شركة ميتا Meta)، إضافةً للمؤسسات المالية و تجار التجزئة، فضلًا عن مقدمي الرعاية الصحية.
قد يهمك أيضًا: مفهوم هجوم مصاصي الدماء للعملات المشفرة
التأمين السيبراني في الشركات: آلية العمل
حتى تحصل المؤسسات سواء كانت كبيرة أو صغيرة الحجم على سياسات التأمين السيبراني للشركات، ينبغي القيام بسلسلة من الخطوات وهي:
- التقديم: ويقصد بذلك التقدم بطلب من أجل الحصول على تأمين سيبراني للشركة، وعليه يقوم الطرف المسؤول عن تقديم الأمن السيبراني بتقييم المخاطر الأمنية بالإضافة إلى تحديد نقاط الضعف المحتملة، والغرض من ذلك هو توفير تغطية مصممة بشكلٍ خاص للمخاطر المحتمل التعرض لها.
- التغطية: وهو ما يشير إلى سياسات التأمين السيبراني للشركات، حيث تغطي غالبية السياسات مجموعة واسعة من المخاطر السيبرانية والتي من أمثلتها:
- جرائم الكترونية مثل برامج الفدية أو اختراق البيانات.
- حوادث سيبرانية ناتجة عن أخطاء موظفين.
- هجمات سيبرانية من قبل موظفين أو مجموعة من الأشخاص المطلعين من الداخل.
لكن تجدر الإشارة إلى أن معظم السياسات لا تغطي كل من:
- حوادث ومشاكل سابقة حصلت قبل حصول الشركة على سياسة التأمين.
- تكاليف الترقية أو تكاليف تحسين أنظمة الشركة.
- أحداث ومشاكل سيبرانية ناتجة عن تجاهل ثغرات أمنية معروفة.
- المطالبة: ويتم الانتقال لهذه الخطوة في حال وقوع حادثة الكترونية. حيث تتضمن عملية المطالبة مجموعة من الخطوات وهي:
- الإبلاغ عن الحادث السيبراني: أي إبلاغ شركة التأمين المتعاقد معها من خلل التطبيق أو عبر البريد الالكتروني، أو الهاتف أو موقع ويب والذي يُعتبر متاح على مدار الساعة طيلة أيام الأسبوع.
- الدعم الأولي: ويقوم بذلك خبير فني مهمته تقييم الوضع بسرعة، إضافةً لتقديم المشورة لغرض احتواء المشكلة السيرانية مع تقليل الأضرار.
- إدارة المطالبات: من خلال موظف متخصص في معالجة المطالبات يعمل مع فريق الشركة لتوجيه العملية، إضافةً للتنسيق مع الشركاء الخارجيين في حال لزم الأمر.
- التحديثات والإغلاق: عبر توفير تحديثات منتظمة طوال الوقت. كما يلخص التقرير النهائي الحادث السيبراني وكيف تم حله.
اقرأ أيضًا: ما هو هجوم القوة الغاشمة في العملات المشفرة
تكاليف وأقساط التأمين السيبراني
تختلف تكاليف التأمين السيبراني للشركات حسب شركة التأمين. لكن الأمر المهم هو أنه ومهما كانت تكلفة وأقساط التأمين ستبقى أقل وأرخص بكثير من التكاليف المحتملة من أجل التعامل مع حادث سيبراني.
لهذا السبب، يساعد الاستثمار في التأمين السيبراني في توفير ضغوط مالية كبيرة على المدى الطويل. وفيما يلي سنوضح أبرز العوامل الرئيسية التي تؤثر على تكلفة سياسة التأمين:
- حجم العمل والصناعة: غالبًا ما تدفع الشركات ذات الحجم الكبير أو التي تعمل في صناعات عالية المخاطر كالتمويل أو الرعاية الصحية، مقدارًا أكبر من الأقساط.
- الإيرادات السنوية: ويُقصد بذلك وجود تناسب طردي بين أرباح الشركة أو العمل وبين القسط. أي كلما كانت الأرباح أكبر، كلما زادت احتمالية التعرض ومعها القسط أيضًا.
- حجم البيانات الحساسة: بمعنى أن الشركات التي تتعامل مع كميات كبيرة من البيانات المالية أو الشخصية ستكون أكثر عرضة للمخاطر السيبرانية من غيرها. لذلك، غالبًا ما تكون أقساط سياساتها التأمينية أعلى وأكثر قيمة.
- وضع الأمن السيبراني: في حال كانت الشركة نفسها تتبع تدابير قوية في الأمن السيبراني، فهذا يعني أقساط تأمين سيبراني أقل. كونها أساسًا ونتيجة تدابيرها تقلل من خطر وقوع حوادث سيبرانية.
- وجود خدمات الوقاية: تشتمل بعض سياسات التأمين السيبراني على خدمات استباقية من ضمنها مراقبة التهديدات، وإن مثل هذه الخدمات تتطلب تكلفة إضافية تؤثر بدورها على التكلفة الإجمالية.
أفضل شركات التأمين السيبراني في الشرق الأوسط
نقدم لكم القائمة التالية التي تتضمن أفضل شركات التأمين السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا MENA:
شركة Cowbell
تقدم شركة Cowbell تقييم المخاطر السيبرانية بشكلٍ مستمر، سواء من الخارج إلى الداخل أو بالعكس، لتقدم بذلك تغطيات صُممت خصيصًا لمخاطر محددة في دقائق فقط. ما يمكّن حاملي الوثائق ويتيح لهم تحسين وضعهم ليواجهوا أية مخاطر سيبرانية.
كما تتيح الشركة أيضًا إمكانية تعديل تغطية التأمين السيبراني الخاصة بالعميل حسب تغييرات العمل، من خلال استخدام إمكانيات المراقبة المستمرة. دون أن تحتاج الشركة أو العميل لتثبيت أية برامج أو حتى أجهزة.

فضلًا عن ذلك، تستخدم الشركة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتي يمكنها تحديد التهديدات الأمنية التي تهدد الشركات. ولأن Cowbell تسمح لك بإلقاء نظرة واضحة على احتمالية وشدة المخاطر التي يمكن تأمينها، ستتمكن بذلك من اختيار التغطية المناسبة عبر تقييم التعرض المستمر الآلي.
شركة Upfort Shield
تُعتبر Upfort Shield من بين أشهر شركات التأمين السيبراني في الشرق الأوسط، حيث توفر طبقات من الأمان السيبراني والتي تتميز بفعاليتها في تقليل احتمالية برامج الفدية، وما يشابهها من هجمات أمن سيبراني.
تتميز الشركة أيضًا بتغطياتها القوية وقيمها الرائدة في السوق، إضافةً إلى إمكانية اكتشاف الروابط الخطيرة التي تستخدم لسرقة البيانات وتنزيل البرامج الضارة، فضلًا عن اختراق الأمان. كما تدعم Upfort Shield تقنيات الذكاء الاصطناعي لتضيف طبقة إضافية من الحماية.
شركة AIG
تتميز شركة AIG للتأمين السيبراني بتحليلات وبيانات تقييم مخاطر الانترنت، إضافةً إلى خدمات منع نقاط الضعف. وبالنسبة للتغطيات تقدم الشركة تغطية للتكاليف المالية المتعلقة بالاختراق السيبراني، إضافةً لتكاليف الطرف الأول كاستعادة البيانات وإدارة الأحداث.
هذا فضلًا عن تكاليف الطرف الثالث وانقطاع الشبكة والسرقات السيبرانية. كل ذلك مع ميزة التقارير التفصيلية التي تضمن كل من التسجيل والتحليل والمقارنة التي تقدم للشركات المتعاقدة معها.
شركة AXIS
تشتهر شركة AXIS للتأمين السيبراني بخدماتها التي تقلل من المخاطر وتحمي الشركات من الخسائر المالية. حيث تقدم خدمات الأمن السيبراني التي تساعد في التعافي من عواقب الهجمات السيبرانية، فضلًا عن انتهاكات البيانات الالكترونية.
مع خبرة كبيرة في إدارة أمن البيانات والتوجيه للاستعداد للاستجابة للأحداث الالكترونية. وذلك لمختلف أنواع الشركات سواء كانت صغيرة أو كبيرة أو متوسطة الحجم.
شركة Liberty Mutual وشركة AXA
تقدم شركة Liberty Mutual للتأمين السيبراني حلولًا للمساعدة في حماية الشركات من خروقات الخصوصية وأمان الشبكة، والتي من الممكن أن تنتج عن أحداث وتهديدات سيبرانية خاصةً، مع تأثير هذه الهجمات أحيانًا وتسببها في ضياع الوقت والمال وعلاقات العملاء. (اقرأ أيضًا: منصة Creatio لإدارة علاقات العملاء)
من جهةٍ أخرى، تساعد شركة AXA عملائها على فهم المخاطر السيبرانية وكيفية علاجها، عبر تقديم خدمات استباقية ودعم مخصص، فضلًا عن تغطيات مرنة تحمي مجموعة كبيرة من الشركات قبل وأثناء وقوع الحادث السيبراني. كما تتعهد الشركة بتغطية التعرضات السيبرانية إضافةً لمعالجة الاختراقات.
شركة Coalition
تعد كل من الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم هدفًا مهمًا للخسائر الالكترونية، لذا تساعد شركة Coalition في التأمين السيبراني للشركات من خلال حماية عملهم عبر منع وقوع الحوادث المحتملة.
وذلك عبر توفير المال والوقت بشكلٍ استباقي دون الحاجة لدفع أموال إضافية مقابل أدوات الأمان الخاصة بها. كما تقدم شركة Coalition إخطارات في حال تعرضت كلمة مرور الموظفين أو بياناتهم للخطر عند حدوث خروقات للبيانات من الطرف الثالث.

في الختام:
بساعد التأمين السيبراني للشركات على الحماية من المخاطر والتهديدات الالكترونية بطريقة فعالة، فهو درع حماية من شأنه المحافظة على بيانات الشركات الحساسة وأنظمتها.
سيما وأن بعض الهجمات الالكترونية من شأنها أن تقود الشركة نحو الإفلاس، أو تعرض بياناتها وخصوصياتها للانتهاك. حتى وإن كانت الشركة صغيرة الحجم، من المهم أن تولي جانب الأمن السيبراني وحمايته أهمية كبيرة منذ التأسيس.