كنا قد أشرنا في مقال سابق عن مفهوم وأنواع المحاسبة، واليوم سنتطرق إلى مفهوم الدورة المحاسبية اللازمة لاكتمال المحاسبة، والتي تتطلب مجموعة من الخطوات الضرورية لتتبع وتسجيل وتحليل كل الأنشطة المالية في المؤسسة أو الشركة، بما يسهل عمل الأنشطة التجارية والمالية لأصحاب الأعمال.
علمًا أن دورة المحاسبة تبدأ بإجراء المعاملة المالية وتنتهي عند إصدار البيان المالي وإغلاق ما يُعرف بالدفاتر. ولمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع تابع معنا قراءة مقالنا لليوم حتى النهاية.
ما هي الدورة المحاسبية؟
تُعرّف الدورة المحاسبية بأنها عملية تتضمن ثماني خطوات لتسهيل المحاسبة المالية المرتبطة بالأنشطة التجارية لأصحاب الأعمال. حيث يتم عبرها تتبع وتحليل وتسجيل كل الأنشطة والمعاملات المالية ضمن الشركة أو المنظمة.
وتعتبر هذه العملية جماعية، تتشكل بدايتها بحدوث أو إجراء المعاملة المالية، فيما تتضمن نهايتها إدراج المعاملة في البيانات المالية وإغلاق الدفاتر مع مراعاة قواعد ومبادئ الرقابة الداخلية والأدوار من أجل الفصل بين الواجبات.
الإطار الزمني لدورة المحاسبة
يُعتبر البقاء ضمن الإطار الزمني لعملية المحاسبة أمرًا ضروريًا من أجل الحفاظ على الكفاءة، وهو ما يُطلق عليه اسم “الفترة المحاسبية”. ومن جهة أخرى، هناك اختلاف ما بين الشركات من حيث فترات دورة المحاسبة، وذلك تبعًا لاحتياجات إعداد التقارير المالية.
إلّا أن بعض المؤسسات تتجه لتحليل الأداء المالي لها على أساس شهري في حين قد يلجأ قسم آخر منها إلى التحليل السنوي. كما أن تحديد الإطار الزمني للدورة المحاسبية من بداية ونهاية يُسهم في تحديد بداية دورة جديدة تالية. وفي وقتنا الحالي يتم الاعتماد على البرامج المحاسبية لأتمتة دورة المحاسبة وتوفير الوقت والجهد، وهو الأمر الذي يتيح للمحاسبين برمجة تواريخ الدورة، فضلًا عن تلقي التقارير الآلية.
ما هي مراحل الدورة المحاسبية؟
تتضمن دورة المحاسبة ثماني خطوات أساسية، إلا أنه يمكن لكل شركة أن تعدّل هذه الخطوات بما يتناسب مع نموذج أعمالها وإجراءاتها في المحاسبة. ومن جهة ثانية، يُترك للشركات حرية الاختيار بين المحاسبة بالقيد الفردي، أو المحاسبة بالقيد المزدوج والتي تعتبر مطلوبة بشدة في الشركات من أجل بناء كل من بيان الدخل والميزانية العمومية، بالإضافة إلى بيان التدفق النقدي. وفيما يلي الخطوات الثمانية للدورة المحاسبية:
1- تحديد المعاملات
يُعتبر تحديد المعاملات الخطوة الأولى في دورة المحاسبة، خاصةً وأن الشركات تُجري عدد كبير من المعاملات طوال فترة دورة المحاسبة. لذلك يجب تسجيل كل معاملة بطريقة صحيحة ضمن دفاتر الشركة. بالإضافة لضرورة حفظ السجلات من أجل تسجيل جميع أنواع المعاملات. كما تعتبر تقنية نقاط البيع من أشهر التقنيات المستخدمة في تسجيل معاملات المبيعات.
2- تسجيل المعاملات أو إنشاء القيود اليومية
بعد الانتهاء من خطوة تحديد المعاملات، يتم الانتقال للخطوة الثانية وهي تسجيل المعاملات عبر إنشاء قيود في الدفاتر اليومية بما يسمى “القيود اليومية” لكل معاملة. ويتم ذلك من خلال الاختيار بين نوعي المحاسبة الاستحقاقية والنقدية.
حيث يتم تحديد موعد تسجيل المعاملات رسميًا. علمًا أن المحاسبة الاستحقاقية تتطلب مطابقة كل من الإيرادات والنفقات، لهذا السبب ينبغي تسجيل كل منهما في وقت البيع. في حين تتطلب المحاسبة النقدية تسجيل المعاملات عند استلام المبلغ النقدي أو دفعه.
ومن جهة أخرى، هناك نوعين من القيود: الأول القيد المزدوج والثاني هو القيد الفردي. حيث تحتاج المحاسبة بالقيد المزدوج لتسجيل قيدين لكل معاملة، وذلك بغية إدارة الميزانية العامة، فضلًا عن بيان الدخل وبيان التدفق النقدي.
أي بمعنى آخر، تتكون المحاسبة ذات القيد المزدوج لكل معاملة مالية من طرفين أحدهما مدين والآخر ودائن وهما متساويان. أما بالنسبة للمحاسبة ذات القيد الفردي، فيمكن مقارنتها بإدارة دفاتر الشيكات. حيث تقتصر مهمتها على تقديم تقرير بالأرصدة إلا أنها لا تتطلب أي إدخالات متعددة.
3- النشر
بعد الانتهاء من تسجيل المعاملة على شكل قيد في دفتر اليومية للشركة، ينبغي نشر المعاملة في حساب ضمن دفتر الأستاذ العام. وهو عبارة عن دفتر يوفر تفصيلات لكل الأنشطة المحاسبية تبعًا للحساب.
وهو الأمر الذي يتيح للمحاسب مراقبة كل من المراكز والحالات المالية لكل حساب. ويعتبر حساب النقد من بين أشهر أنواع الحسابات ضمن دفتر الأستاذ العام، حيث يوضح هذا الحساب مقدار النقد المتاح.
وفي السابق، اُعتبر هذا الدفتر معيارًا ذهبيًا لتسجيل المعاملات، إلا أن البرامج المتطورة الالكترونية قلّلت من أهميته، كون هذه البرامج تقوم بتسجيل كل المعاملات تلقائيًا وبسهولة عالية.
4- حساب ميزان المراجعة أو الميزانية التجريبية غير المعدلة
كما سبق وذكرنا هناك فترة تعرف باسم الفترة المحاسبية، وعند نهاية هذه الفترة التي تكون إما شهرية أو سنوية، يتم حساب ما يُعرف بـ “ميزان المراجعة” والذي يبيّن الأرصدة غير المعدلة للشركة ضمن كل حساب.
ليتم بعد ذلك نقل ميزان المراجعة إلى المرحلة الخامسة من الدورة المحاسبية من أجل الاختبار والتحليل. وتأتي أهمية هذه الخطوة لدورها في التأكد من تساوي إجمالي الرصيد الدائن مع إجمالي الرصيد المدين. ويتم في هذه المرحلة الكشف عن عدد كبير من الأخطاء في حال عدم تطابق الأرقام السابقة. (قد يهمك أيضًا: ما هو مفهوم تخصيص التكلفة).
5- تحليل ورقة العمل
ويتم في هذه المرحلة من الدورة المحاسبية التأكد من مدى تساوي المدينين والدائنين عبر إنشاء ورقة عمل تحدد القيود المعدلة. وفي حال وجدت اختلافات ينبغي إجراء ما يلزم من تعديلات. من جهة أخرى، يُفيد تحليل ورقة العمل أيضًا في إجراء تعديلات على الإدخالات من أجل مطابقة الإيرادات والنفقات في حالة المحاسبة الاستحقاقية.
6- تعديل القيود اليومية
وهي الخطوة السادسة من القيود اليومية، وتتلخص في قيام المحاسب بإجراء التعديلات اللازمة. وفي حال لزم الأمر أحيانًا، يتم تسجيل هذه التعديلات عل شكل قيود يومية.
7- إنشاء البيانات المالية
بعد الانتهاء من القيود التعديلية، يتم إنشاء البيانات المالية والتي تتضمن عادةً كل من بيان الدخل والميزانية العمومية، بالإضافة لبيان التدفق النقدي. (قد يهمك أيضًا: ما هو بيان الربح والخسارة بالنسبة لمشروع تجاري).
8- إغلاق الدفاتر
تعتبر مرحلة إغلاق الدفاتر هي الخطوة الأخيرة من الدورة المحاسبية، وتوفر البيانات الختامية تقرير شامل لتحليل الأداء المالي للشركة خلال فترة المحاسبة. وعند الانتهاء من إغلاق الدفاتر، تبدأ دورة محاسبة جديدة بنفس تسلسل الخطوات السابق ذكرها، مع وجود فترة لإعداد تقارير جديدة.
حيث تكون المهلة جيدة ومناسبة لتقديم ما يلزم من مستندات والتخطيط لفترة إعداد التقارير القادمة، بالإضافة لمراجعة المهام في المستقبل وتقويم الأحداث أيضًا.
ما أهمية دورة المحاسبة؟
تساعد الدورة المحاسبية الشركات والمؤسسات بالاحتفاظ بدفاتر دقيقة، فضلًا عن تحليل الأحداث المالية، بالإضافة إلى إعداد البيانات المالية اللازمة. ما ينتج عنه إدارة فعالة للأعمال دون فقدان أي بيانات أو معلومات مالية هامة. وحتى مع اعتماد نظام المحاسبة الالكتروني، ينبغي التأكد من صحة كل البيانات لتقليل المخاطر المالية (قد يهمك: إدارة العقود كأداة قوية لتقليل المخاطر المالية)، وكي لا تتفاقم الأخطاء بمرور الوقت .
(يمكنك الاطلاع أيضًا على: ما هو مصطلح EBITDA في عالم المال والأعمال).
من جهةٍ أخرى يُطرح تساؤل: من يقوم بتنفيذ الدورة المحاسبية؟
يقع على عاتق المحاسبين عادةً مهمة تنفيذ مراحل الدورة المحاسبية، وفي حال كانت الشركة صغيرة ويعمل بها شخص واحد فقط (متجر على سبيل المثال)، يمكن لصاحب العمل أن يقوم بمهام المحاسبة، أو أن يستعين بشركات محاسبة لمساعدته في ذلك.
مزايا وعيوب المحاسبة
تمتلك المحاسبة مزايا تتمثل في تقديم المساعدة لأصحاب العمل لاتخاذ قرارات مالية وتقييم الأعمال، بالإضافة لتقييم النواحي الضريبية وتوفير معلومات مالية لأطراف أخرى مثل المستثمرين والهيئات القانونية.
لكن ومن جهة أخرى، قد تكون المعلومات أحيانًا متحيزة نوعًا ما ومن المحتمل أن يتم التلاعب بها، هذا فضلًا عن تغيّر قيمة النقد والذي يُعتبر مقياسًا لأداء الأعمال.
ما هو الفرق بين دورة المحاسبة ودورة الميزانية؟
تركز دورة المحاسبة على الأحداث التاريخية عبر جمع المعاملات وتحليلها وتقييمها بعد أن تحدث، حيث تسهم في إعطاء معلومات لأطراف خارجية كالمستثمرين على سبيل المثال.
في حين، تقدر دورة الميزانية الإيرادات والمصاريف على فترات زمنية محددة مستقبلًا ولم تحصل بعد، أي أنها مرتبطة بالأداء التشغيلي في المستقبل والتخطيط للمعاملات المستقبلية. وذلك من خلال استخدام بيانات محاسبية سابقة تساعد في عمليات التنبؤ بالإيرادات والمصروفات، وكل ذلك لأغراض وأهداف الإدارة الداخلية للشركة حصرًا.
متى تبدأ دورة المحاسبة؟
تبدأ دورة المحاسبة ضمن فترة تعرف باسم الفترة المحاسبية، ويتم خلالها إعداد البيانات المالية. علمًا أن هذه الفترة تختلف من مؤسسة لأخرى كونها تعتمد على عوامل متنوعة.
إلا أن غالبية المنظمات تعتمد الفترة المحاسبية السنوية، ومن الضروري التقيد بالمواعيد المحددة للدورة المحاسبية من أجل تسليم الأوراق والبيانات المالية المطلوبة للجهات المعنية في أوقاتها المحددة.
كيف يمكن للشركات تحسين دورة المحاسبة؟
تتجه غالبية الشركات اليوم للاعتماد على الأتمتة من أجل تحسين دورات المحاسبة. حيث يتم استخدام الحلول الآلية الشاملة من أجل توسيع نطاق العمل ومواجهة أي تعقيدات إضافية. ونوضح لك فيما يلي كيف تتم أتمتة دورة المحاسبة باستخدام برامج المحاسبة المعروفة، وليكن على سبيل المثال برنامج zoho:
- يتم بدايةً اختيار برنامج المحاسبة المرغوب به للقيام بأتمتة دورة المحاسبة، مع مراعاة اختيار برنامج يلبي متطلبات العمل.
- تثبيت البرنامج المطلوب وإعداده حسب الإرشادات اللازمة.
- إنشاء حساب للمدير أو صاحب العمل وإضافة كل المعلومات المرتبطة، مثل اسم الشركة وعنوانها وغيرها من معلومات الاتصال.
- إدخال كل المعلومات المالية في البرنامج، مثل المبيعات والمشتريات والمدفوعات والفواتير والإيصالات.
- يقوم البرنامج بعد ذلك بإنشاء التقارير المالية حسب المعلومات التي تم إدخالها.
- يتم بعد ذلك مراجعة التقارير وإجراء التعديلات الضرورية إن لزم الأمر.
ما سبب تسمية دورة المحاسبة باسم “دورة”؟
يطلق على الدورة المحاسبية مصطلح دورة لأنها عملية متكررة بشكل مستمر في كل فترة محاسبية، بدءًا من تسجيل المعاملات وانتهاءً بإعداد البيانات المالية.
في الختام:
تساهم الدورة المحاسبيه في تسهيل عملية المحاسبة وتقليل الجهد والوقت المطلوب من المحاسبين، من خلال خطواتها الثمانية ضمن كل فترة محاسبية. الأمر الذي يحافظ على الدقة في البيانات والتقارير المالية، ويوفر التحليل الفعال للأداء المالي للشركات والمؤسسات.