كثير من الناس سمعوا بأزمة انقطاع التيار الكهربائي في الجمهورية العربية السورية منذ عدة سنوات، والتحديات الكبيرة التي يضطر السوريون لمواجهتا بشكل يومي. على سبيل المثال، إعاقة العديد من المهن التي تعتمد بشكل رئيس على الكهرباء، وإغلاق بعض المصانع والشركات، وفقدان البيانات والملفات الهامة.
ومع تزايد ساعات التقنين الكهربائي في بعض المناطق إلى 12 ساعة قطع مقابل ساعة واحدة توصيل، أصبح من الضروري إيجاد حل بديل للكهرباء. وهنا يبرز دور حلول الطاقة البديلة في سوريا والتي تلعب دورًا حيويًا في التغلب على هذه الأزمة. لذلك سنتعرف في هذا المقال على أبرز حلول الطاقة البديلة، مرورًا بأهم التسهيلات التي قدمتها الحكومة للحصول على هذه البدائل.
الوضع الحالي لقطاع الكهرباء في سوريا
بعد 13 عامًا من الحرب والعقوبات الغربية، يواجه قطاع الكهرباء في سوريا أزمة حادة. فوفقًا للتقارير، إن الخسائر المباشرة وغير المباشرة التي لحقت بالقطاع بلغت نحو 120 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك الأضرار الكبيرة في البنية التحتية للمنظومة الكهربائية، مثل محطات التوليد ومحطات التحويل وخطوط نقل الكهرباء. أدى هذا التدمير إلى شبه انهيار المنظومة الكهربائية في البلاد.
بناء على ذلك، تواجه وزارة الكهرباء السورية صعوبات كبيرة في إعادة تأهيل ما تم تدميره بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضت على قطاع الكهرباء. وقد أدى ذلك إلى انخفاض عدد ساعات التغذية الكهربائية للمواطنين إلى ساعتين أو أربع ساعات في اليوم. ولمواجهة هذه التحديات، تتجه أنظار الوزارة نحو الطاقات المتجددة، حيث تسعى إلى إدخال 2500 ميغاواط من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030.
لا تفوت الاطلاع على: أكثر الألعاب أونلاين ربحية في سوريا وطرق سحب أرباح الألعاب في سوريا
حلول الطاقة البديلة في سوريا
منذ سنوات، اضطر السوريون إلى البحث عن بدائل للكهرباء، وذلك في محاولة منهم لمواجهة المشكلة المتفاقمة لانقطاع التيار الكهربائي والتأكد من استمرار أعمالهم في محالهم ومصانعهم، وكذلك لإنارة منازلهم. وعليه، لقد تطورت العديد من الحلول المستخدمة على مر السنين، نذكر منها:
- بدءًا من إضاءة الليد واستخدام البطاريات.
- وصولًا إلى انتشار تقنيات الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية.
- شراء الأمبيرات من خلال الاشتراكات بالساعة.
- نهايةً عند المراوح الهوائية الصغيرة وبطاريات الليثيوم.
في الحقيقة، إن تكاليف هذه الحلول الفعلية لمشكلة الكهرباء مرتفعة بشكل عام. فعلى سبيل المقال، إن تكلفة الطاقة الشمسية في سوريا تتباين وفقًا لعدة عوامل، ومنها عدد الألواح المستخدمة وقوة البطاريات والأجهزة، إضافة إلى مكان الشراء وأجور العمالة. كما أن زيادة الطلب وقلة العروض على المواد اللازمة قد حد من إمكانية تركيب مثل هذه التقنيات على نطاق واسع، مما جعلها في متناول الفئات ميسورة الحال فقط.
صندوق دعم استعمال الطاقات المتجددة في سوريا
انطلاقًا من اعتماد حلول الطاقة البديلة في سوريا لتعويض العجز الكهربائي، تم إنشاء “صندوق دعم استعمال الطاقات المتجددة ورفع كفاءة الطاقة” في نوفمبر 2021 بموجب قانون صادر من الرئيس السوري بشار الأسد.
يبلغ حجم الصندوق نحو 10 مليارات ليرة سورية، ويهدف إلى تقديم الدعم للمستفيدين على شكل قروض بدون فائدة أو دعم للفوائد على القروض.
كما إن هذا الصندوق يستهدف تشجيع مستهلكي الكهرباء على استخدام مصادر الطاقة المتجددة، وزيادة مساهمة مصادر الطاقة المتجددة إلى النسب المستهدفة. إلى جانب خفض استهلاك الوقود الأحفوري والأنواع التقليدية الأخرى من الطاقة، وخلق فرص عمل حقيقية للمهتمين بهذا القطاع.
بدأ الصندوق، في يونيو 2022، بقبول طلبات المواطنين الراغبين في الاستفادة من مشروعات الطاقات المتجددة وزيادة كفاءة الطاقة في القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية والاقتصادية، بما في ذلك الحصول على قروض لشراء ألواح الطاقة الشمسية.
اقرأ أيضًا: كسب المال من الاستبيانات: أشهر منصات تعبئة الاستبينات في سوريا وكيفية سحب الأرباح
تسهيل الحصول على الطاقة المتجددة في سوريا
للتشجيع على التحول إلى الطاقة النظيفة، منحت الحكومة السورية قروضًا للمواطنين من أجل تركيب أنظمة متجددة في القطاعات المنزلية والزراعية والصناعية والخدمية والتجارية. فمثلًا:
- حدد المصرف التجاري السوري سقف قرض مشروع المنظومة الكهروضوئية أو العنفة الريحية بـ 25 مليون ليرة سورية، مع مدة سداد تصل إلى 15 سنة.
- أما بالنسبة لمشروع السخان الشمسي، فتم تحديد سقف القرض بـ 5 ملايين ليرة وبمدة سداد لا تتجاوز 5 سنوات. وتتميز هذه القروض بعدم تحميل المقترض أي فوائد أو عمولات مصرفية.
- بينما بالنسبة للقطاع الزراعي، تم تحديد سقف قرض مشروع المنظومة الكهروضوئية أو العنفات الريحية بـ 75 مليون ليرة لمشروعات بحد أقصى 20 كيلوواط ساعي، وبمدة سداد لا تتجاوز 10 سنوات.
- أما في القطاعات الصناعية أو التجارية أو الخدمية، فتم تحديد نفس الحد الأقصى للقرض مع تقليص مدة السداد إلى 5 سنوات.
تكلفة تركيب نظام الطاقة الشمسية في سوريا
تبلغ تكلفة تركيب نظام الطاقة الشمسية أحد حلول الطاقة البديلة في سوريا في منزل صغير لأغراض الإنارة والأجهزة الكهربائية الأساسية نحو 18 مليون ليرة سورية. وتختلف أسعار ألواح الطاقة الشمسية وفقًا للماركة والجودة، فهناك طرازات عالمية بقدرات مختلفة، مثل 550 وات، بسعر يبلغ حوالي مليوني وأربعمائة ألف ليرة للوح الواحد.
بينما يبلغ سعر المجموعة الكاملة، والتي تتكون من عشرة ألواح شمسية بنظام 48 فولت وأربع بطاريات، بما في ذلك التمديدات والتركيب، لتوفير الاحتياجات الأساسية للكهرباء والإنارة لمنزل في بلدٍ آخر، 36,000,000 مليون ليرة سورية.
بالإضافة إلى ذلك، تبلغ تكلفة منظومة ألواح الطاقة التي تولد 3 كيلو واط ساعي 25 مليون ليرة، والتي تكفي لتشغيل الحاجات الرئيسية في البيت بدون سخان المياه وللمكيفات.
وبالرغم من ارتفاع هذه الأسعار مقارنة بالأوضاع الاقتصادية العامة، إلا أن هناك إقبالًا متزايدًا على تركيب ألواح الطاقة الشمسية نظرًا لزيادة الاعتماد عليها في مختلف المجالات – سواء المنزلية أو الصناعية أو الخدمية – بسبب الأوضاع الراهنة لقطاع الكهرباء. وعلى الرغم من ذلك، فإن مستوى التبني لا يزال محدودًا في بعض المناطق كجرمانا نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وليس بسبب ارتفاع أسعار البدائل فحسب.
أيهما أفضل في سوريا: الأمبيرات أم ألواح الطاقة الشمسية؟
على الرغم من أن الأمبيرات (المولدات الكهربائية التي تعمل على الوقود) وألواح الطاقة الشمسية من حلول الطاقة البديلة في سوريا، إلا أنه يوجد اختلاف واضح بين استخدامهما. وهذه بعض النقاط التي توضح الاختلاف:
- مصدر الطاقة: تعتمد الأمبيرات على الوقود المستورد والذي قد لا يكون متوفرًا دائمًا، بينما ألواح الطاقة الشمسية تعمل بواسطة ضوء الشمس وهو مصدر متجدد ومستدام.
- التأثير على البيئة: الأمبيرات التي تعمل على الوقود تنتج تلوثًا للبيئة، بينما ألواح الطاقة الشمسية لا تنتج أي انبعاثات ضارة.
- متطلبات الصيانة: تتمتع ألواح الطاقة الشمسية بمدة صلاحية تصل إلى 25 سنة دون الحاجة إلى صيانة كبيرة، بخلاف مولدات الأمبيرات التي تتطلب صيانة وإصلاح أكثر تكرارًا.
- شروط الطرح: هناك شروط معينة لطرح ألواح الطاقة الشمسية في الأسواق، حيث يجب أن تمر على مراكز بحوث الطاقة للتأكد من مطابقتها للمواصفات.
- التكلفة: على الرغم من تكلفة ألواح الطاقة الشمسية المرتفعة تحاه الاشتراك اليومي للأمبيرات، فبحسبة بسيطة سنجد أن ألواح الطاقة الشمسية أوفر بكثير من الاشتراك في الأمبيرات على المستوى اليومي.
اقرأ أيضًا: قائمة شركات تداول العملات الرقمية في سوريا ومشكلة توثيق الحسابات
ما هي التحديات التي يواجهها قطاع الكهرباء في سوريا؟
التحدي الرئيسي الذي يواجهه قطاع الكهرباء في سوريا هو تأثير العقوبات الأمريكية، والتي وصفها الوزير بأنها “أكبر عقبة أمام إعادة إعمار سوريا”. وفيما يلي أبرز التحديات الرئيسية التي تواجه قطاع الكهرباء في سوريا:
- الأضرار والدمار في البنية التحتية للطاقة بسبب الحرب الأهلية الطويلة.
- تأثير العقوبات الغربية، والتي كان لها “تأثير مدمر للغاية” على القطاع.
- انقطاعات الكهرباء التي تستمر من ساعتين إلى أربع ساعات في اليوم بسبب محدودية إمدادات الطاقة.
- التأثير المتفاقم على قطاعات أخرى مثل الصناعة والرعاية الصحية والتعليم وإمدادات المياه، مما يعيق تعافي البلاد من سنوات الأزمة.
ما هي خطط سوريا لمعالجة نقص الكهرباء؟
بالتأكيد لا يمكن أن يبقى واقع الكهرباء كما هو في سوريا، حيث تخطط الحكومة لتطوير حلول الطاقة البديلة في سوريا لمعالجة نقص الكهرباء. وعليه، إليك أبرز الأهداف والخطط التي تعمل الحكومة عليها لتطوير الواقع الكهربائي:
- إضافة ما يصل إلى 2500 ميغاواط من الطاقة الشمسية و1500 ميغاواط من طاقة الرياح بحلول عام 2030.
- استثمار أراضٍ في الصحراء وما حولها لإنشاء محطات طاقة بديلة.
- حاليًا، هناك 100 ميغاواط من الطاقة الشمسية متصلة بالشبكة الكهربائية.
- العمل مع “الدول الصديقة” لتطوير مشاريع الطاقة المتجددة، مثل محطات طاقة الرياح بقدرة 200 ميغاواط في محافظة حمص وغيرها من المناطق ذات إمكانات الرياح.
اقرأ أيضًا: أهم طرق الربح من الانترنت في سوريا وطرق سحب أرباح الانترنت في سوريا
مشاريع الألواح الشمسية في سوريا
كما ذكرنا تعتبر الألواح الشمسية في سوريا إحدى أهم وأبرز حلول الطاقة البديلة في سوريا، وفي يوليو عام 2023، أعلنت هيئة الاستثمار السورية عن منح استثمار لمشروع إنشاء مصنع لإنتاج ألواح الطاقة الشمسية في مدينة عدرا بسوريا. يبلغ حجم الاستثمار في هذا المشروع أكثر من 81 مليار ليرة سورية (5.76 مليون دولار أمريكي)، وسيكون قادرًا على إنتاج 150 ألف لوح شمسي سنويًا.
الهدف الرئيسي من هذا المشروع هو توفير ألواح شمسية عالية الجودة وبأسعار معقولة للطلب المحلي، وبالتالي تقليل الاعتماد على الواردات. هذه الخطوة تندرج ضمن خطة سوريا لتعزيز مشاريع الطاقة النظيفة.
في نهاية هذا المقال، بعد أن تعرفنا على حلول الطاقة البديلة في سوريا وعلى الواقع الكهربائي في ظل الظروف الراهنة، يمكن القول أنه على الرغم من التحديات الاقتصادية والسياسية التي تواجهها سوريا، إلا أن البلاد لديها إمكانات واعدة لتطوير مصادر الطاقة البديلة. حيث تتمتع سوريا بوفرة في مصادر الطاقة الشمسية والرياح، مما يجعلها مؤهلة لتطوير مشاريع واسعة النطاق للطاقة المتجددة.
وبالتالي إن اعتماد سوريا على الطاقة البديلة سيكون له فوائد اقتصادية واجتماعية كبيرة، بما في ذلك خلق فرص عمل جديدة وتعزيز الأمن الطاقي.