يحتاج التداول إلى مهارات متنوعة غير مقتصرة على إتمام الصفقات، وإجراء التحليل الفني والأساسي وقراءة المؤشرات الفنية. كامتلاك الذكاء العاطفي وتحديد المشاعر المحركة لعمليات التداول، ولعل أبرز هذه المشاعر “الخوف من فقدان الفرصة” أو ما يعرف علمياً بال FOMO. يحتاج المتداولون إلى معرفة شرح مصطلح FOMO في التداول والعمل على التغلب عليه. باعتباره حالة تحجب الحكم المنطقي عند اتخاذ قرارات التداول.
والحل الأبرز يكون بامتلاك المعرفة الكافية حول سيكولوجية التداول المعتدلة المناسبة وتحقيق الانضباط العاطفي أثناء التداول وهو ما سنضيء عليه في هذا المقال. فنستكشف ما هي ظاهرة ال FOMO؟ ما هو مصدرها؟ كيف نعالجها في حال وجودها؟ وكيف يحمي المتداولون أنفسهم من تداعيتها؟.
شرح مصطلح FOMO في التداول
يختصر مصطلح FOMO العبارات التالية (The Feer Of Missing Out) أي الخوف من فقدان الفرص. وهو استجابة عاطفية تحدث عندما يعتقد الشخص أن حياة الآخرين أفضل من حياته، وأنهم أكثر رضى ونجاحاً منه، فيزداد لديه الخوف من فقدان الفرص، ويتأثر بذلك حكمه المنطقي على الأمور وسلامة قراراته.
- استخدم هذا المصطلح للمرة الأولى في مطلع عام 2004، عندما بدأت المنصات القائمة على الصور تنتشر وتلقي أضواءها على حياة الناس.
- في عام 2013، تم تعريف FOMO بأنه “حالة الخوف التي يشعر بها المرء عند مقارنة نفسه بالآخرين، ولدى إحساسه بأن غيره بحصلون على تجارب مجزية وناجحة في الحياة ليست لديه”
أما في إطار التداول فيشير هذا المصطلح إلى الخوف الناتج عن الحالات التالية:
- الخوف من خسارة فرصة معينة لتحقيق المزيد من الأرباح (قد يهمك: طرق التعافي من الخسارة المالية في الاستثمار).
- الشعور أن غيرهم من المتداولين أكثر نجاحاً منهم.
- التركيز على نجاحات الغير بدلاً من العمل على تحسين أدائهم. بحيث تتأرجح المشاعر وتتأرجح معها قرارات التداول كما يلي: الحماس للدخول في الصفقة، ثم الخوف من الخسارة، وإغلاق الصفقة، ثم تبدأ حلقة جديدة عند إعادة الدخول في صفقة، مع ظهور مشاعر القلق وخيبة الأمل. يمكن أن يؤدي الأمر في النهاية إلى خسائر أكبر.
اقرأ المزيد عن: هل ChatGPT جاهز للتداول وإعطاء قرارات تداول ناجحة
ماهو مصدر الخوف من فقدان الفرص (FOMO) في التداول؟
إن جذور فومو العاطفية عميقة، متأصلة في حياتنا اليومية. وFOMO في التداول له جذور عاطفية عميقة. تنبع من حياتنا اليومية. وتزداد نتيجة عدة عوامل منها:
- وسائل التواصل الإجتماعي وما تعززه من إحساس بالنقص. من خلال التركيز على عرض الأمور بأبها صورها، وتصوير قصص نجاح الآخرين وحياتهم المثالية الخالية من العيوب.
- طبيعة التداول وما يتطلبه من اتخاذ قرارات سريعة، وما يولده من مشاعر وعواطف مختلفة كالخوف والغضب والجشع والغيرة خلال فترة قصيرة من الزمن. الأمر الذي يجعل تحقيق التوازن العاطفي في هذه الحالة أكثر صعوبة.
- كثرة المحفزات: هناك العديد من العوامل التي تساعد في تحفيز نوبة FOMO جديدة، كتلقي اتصال من متداول آخر أو إشعارات مواقع الأخبار الاقتصادية أو تلقي البريد الالكتروني.
- الأسواق المتقلبة: تساهم حركة الأسوق المالية في تعزيز التداول تحت تأثير حالة FOMO، والأمر ليس مقترن فقط بحركة الاتجاه. فسواء بحالة تكرار سلسلة من الانتصارات، أو الإصابة بمجموعة من الخسائر المتتالية، سيخيم القلق وسيكون التوتر سيد الموقف بحثاً عن الانتصار التالي (سيما في الأسواق كثيرة التقلبات) (قد يهمك: أفضل استراتيجيات إدارة رأس المال في فترات التضخم والتقلبات الاقتصادية).
- فالمتداول في هذه الحالة يعيش في حلقة مفرغة من المشاعر القائمة على فكرتين أساسيتين: الخسائر لا تدوم للأبد وينبغي عليّ كسر حلقة الخسائر فوراً بانتصار جديد. وأما في حال تكرار الانتصارات: لاشك أنني اليوم في أحسن حالاتي، لذا عليي متابعة سلسلة انتصاراتي.
- انتشار الأخبار والشائعات: قد يكون سماع شائعة معينة سواء على تويتر المالي (FinTwit#) أو في أحد المنتديات عاملاً سلبياً يثير القلق والتوتر الدائم، ويدفع المتداول إلى عقد صفقات متسرعة. لذا من المهم جداً، عدم أخذ محتوى وسائل التواصل الاجتماعي على محمل الجد، وتخصيص الوقت الكافي للبحث عن الأمور القيمة والملهمة.
اقرأ المزيد عن: ما هي أخطر عشرة أخطاء يرتكبها المتداولون وكيفية الابتعاد عنها
كيفية التغلب على حالات FOMO المرافقة للتداول
بداية، علينا أن نعلم أن حل مشكلة FOMO ليس حلاً سحريًا سريعًا، إنما هو عبارة عن سلسلة من الخطوات. تحتاج إلى الوقت والمثابرة (قد تحدث إنتكاسات بين الحين والآخر). لكن لاشك أن السعي الدائم والاستمرار بالتعلم من الأخطاء سيؤتي ثماره. والمبدأ الأساسي للحل هو من خلال ضبط عمليات التفكير، وتوجيهها نحو الاتجاه الصحيح. نستعرض فيما يلي أفضل خمس طرق للتعامل مع حالة FOMO وكيفية الإستفادة منها لتكون متداولاً أفضل:
امتلاك المعرفة الكافية بمصطلح FOMO في التداول
يبدأ حل المشكلة من خلال التعرف على مفهوم FOMO ومظاهره ونتائجه على عمليات التداول، يساعدك الفهم الكافي لهذا المفهوم في التعامل مع المشكلة، وملاحظة مظاهرها تمهيداً لحلها.
- يمكنك الاستفادة من المواقع التي تقدم كورسات مجانية في مجال الإدارة والاستثمار. حيث يخصص بعضها كورسات مجانية لتعلم أبرز المهارات اللازمة للتحكم بسيكولوجية التداول.
- قراءة الكتب المتعلقة بجني المال وتحقيق الثراء. يساعدك ذلك على اكتساب رؤية واقعية أكثر هدوءاً لعملية صنع القرار.
- يمكنك أيضا الإطلاع على مقالاتنا المتعلقة بمهارة اتخاذ القرار descicion making.
القبول
إن كانت تداولاتك تقع تحت تأثير ال FOMO من المفيد جدًا أن تقبل الأمر حتى تستطيع التعامل معه. فالإنكار والرفض يزيد من الوقت اللازم للتغلب على هذه الحالة. حيث يعتبر المتداولون أنهم في حالة سيطرة تامة على تداولاتهم، ولا يقبلون بوجود ما يعرف بالفوفو. مما يعني أن المتداول في هذه الحالة لن يغير من عاداته، وسيظل عالق في حلقة مفرغة من عدم الرضى والشعور بالإحباط.
الاستخدام المدروس لوسائل التواصل الاجتماعي
نعلم جميعاً أن وسائل التواصل الإجتماعي هي سلاح ذو حدين. فالظاهر المتعة والتسلية، والباطن مشاعر الغيرة والغضب وعدم الاستحقاق. يؤدي الاستخدام غير المدروس لها من قبل المتداولين إلى:
- فقدان الثقة بالنفس ما لم يملك المتداول الوعي الذاتي الكافي للوقوف في وجه الكم الهائل من محتوى “الحياة المثالية” و”النجاح المصطنع”. في السياق ذاته، تتزعزع ثقة المتداول بنفسه عندما يشعر أن غيره يملك الكثير من المعلومات ولديه الكثير من الفرص مقارنة بما لديه.
- التشتت والضياع تحت وطأة غزارة المحتوى، وكثرة النصائح والناصحين على حساب القيمة العلمية أو الفائدة.
- إضاعة الوقت في إعطاء الأهمية لمحتوى قد لا يكون الأفضل.
- الوقوع تحت تأثير الذعر من الخسارة والغيرة من نجاح الآخرين.إذ إن قرار التداول المبني على شعور الإحباط ومشاعر الغيرة والخوف لا يعول عليه.
نصائح لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المتداولين
للبقاء في حالة توازن عاطفي عند استخدام وسائل التواصل الاجتماعي. ننصحك باتباع النصائح التالية:
- الابتعاد عن المواقع ذات المحتوى المبالغ فيه التي تعد بأرباح خيالية، وتسلط الضوء على نجاحات قد تكون في كثير من الأحيان مشبوهة أو غير واقعية.
- عدم متابعة الشائعات ومروجيها من المؤثرين والقنوات والمواقع.
- البحث عن المواقع ذات المحتوى التعليمي الهادف.
- مراقبة الوقت الذي يتم قضاءه على مواقع التواصل الإجتماعي، والتأمل في الحالة العاطفية والمشاعر التي تولدها متابعة كل قناة. فالحل ليس بعزل نفسك عن الآخرين، إنما بأن تكون أكثر انتقائية.
تطوير سيكولوجية التداول الخاصة بك
لما كانت عواطف التداول عامل مسيطر على قرارات البيع والشراء. كان لابد من النظر إليها عن كثب والتعامل معها على عدة مستويات أحدها الدراسة السيكولوجية. وعليه كان لابد من رؤية وجهة نظر علم النفس بالأمر، وكيف يمكن الخروج من حلقة الذعر والندم التي يسببها الخوف من فقدان الفرصة. فعند خسارة فرصة معينة. سيدخل المتداول في صراع داخلي مبني على الندم. “لاشك أن غيري من المتداولين قد استغلوا الفرصة” “لقد قمت بإضاعة فرصة ربح كبيرة جدا”. تقود الاعتقادات السابقة المتداول نحو قرار جديد مندفع (قد لا يكون الأفضل) لدخول صفقة جديدة خوفا من تكرار حالة الندم. فالتداول العاطفي أمر محفوف بالمخاطر، لما يسببه من تكرار دوري لمجموعة من العمليات دخول صفقة، الذعر، ثم البيع، والندم.
اقرأ المزيد عن: شرح مفهوم تقييم الاستثمار: كيف يمكنك معرفة مدى سرعة استرداد أموالك المستثمرة
الاحتفاظ بمجلة التداول
يعد استخدام مجلة التداول عاملاً هاماً جداً في وصول المتداولين إلى الاستقرار العاطفي. وذلك نتيجة العوامل التالية:
- الاحتفاظ بسجل لكامل الصفقات التي قمت بإجرائها، يزيد الشعور بالرضى والاستحقاق لديك.
- إن إضافة خانة تقييم للحالة العاطفية المرتبطة والمؤثرة في عملية التداول يعتبر عامل هام جداً لمراقبة الاستقرار العاطفي وتأثيره على قرارات المتداول.
- يعزز استخدام مجلة التداول الوعي الذاتي ويساعد المتداول في تكوين شخصية التداول الخاصة به من خلال فهم العوامل الداخلية والخارجية المؤثرة عليه والعمل على حلها، فهي أداة مثالية للتأمل الذاتي.
مراقبة الإشارات التحذيرية
قد تظهر لديك بعض الإنذارات المسبقة التي تدل على سيطرة التوتر والخوف من عدم انتهاز الفرص. فعندما تجد نفسك بحالة توتر وتشتت دائم، أو عندما تكون بحالة مراقبة دائمة وغيرة شديدة من نجاحات الغير. اعتبر هذه المظاهر إشارات تحذيرية، وسارع في الانتقال إلى خطوات الحل. من المؤشرات الهامة أيضاً:
- الشعور بالغيظ عند رؤية نجاحات باقي المتداولين، واتخاذ قرار مباشر بإجراء صفقة معينة.
- أن تكون الحالة المسيطرة عليك أثناء التداول هي التوتر والانفعال الدائم.
اقرأ المزيد عن: دور الذكاء الاصطناعي AI في إدارة الاستثمار
إدارة المخاطر المرتبطة بعمليات التداول
إن تقييم المخاطر وإدارتها عامل هام لوضعك على الاتجاه الصحيح في التداول، سيما إن كنت ميال للخوف والقلق. فهو الضامن الأساسي لعدم خروجك عن نطاق السيطرة. يسمح لك بأن تقي استثماراتك من الضياع والتلاشي بفعل القرارات المفاجأة. من أبرز تقنيات إدارة المخاطر: تنويع الاستثمارات، الاستشارة المهنية، تقليل حجم المراكز في البدية وغيرها.
خلاصة القول، يتعلم المتداولين الخبراء ماهية مصطلح FOMO في التداول، وكيفية توظيفه لبناء سيكولوجية تداول متينة تواجه تأرجح العواطف وتقلبات الأسواق المالية. تساعد هذه المعرفة المتداولين في أن يصبحوا أكثر مرونة وهدوءاً في اتخاذ قراراتهم مما يزيد فرصهم بالنجاح ويقلل الخسائر المحتملة.