تأثير التضخم على القطاعات الاقتصادية: أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم

تأثير التضخم على القطاعات الاقتصادية: أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم

جدول المحتويات

شهد العديد من البلدان خلال السنوات الأخيرة ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم الاقتصادي. وكان لهذا الارتفاع في تكاليف المعيشة والأسعار العامة للسلع والخدمات تأثيرًل سلبيًا كبير على مختلف القطاعات الاقتصادية في هذه الدول.

كما انخفضت القوة الشرائية للمواطنين وتعرضت الشركات والمنشآت لضغوط مالية واقتصادية نتيجة هذه الزيادات في معدلات التضخم وقد كان لهذا الوضع آثار تراجع على الإنفاق الاستهلاكي والاستثماري على حد سواء. وسنتعرف في هذا المقال على أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم، وما هي تأثيراته على هذه القطاعات.

أسباب تأثر بعض القطاعات الاقتصادية بالتضخم

بشكل عام، يؤدي ارتفاع معدل التضخم إلى تغيرات اقتصادية واجتماعية في مختلف القطاعات. كما يؤدي إلى انخفاض قوة الشراء للأفراد والشركات، مما يؤثر سلبًا على النمو الاقتصادي ويزيد من عدم الاستقرار في الاقتصاد.
توجد عدة أسباب تفسر لماذا تتأثر بعض القطاعات بالتضخم بدرجة أكبر من غيرها، وبناءً على ذلك ذكرنا أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم. وهذه الأسباب والعوامل هي:

  • تكاليف المواد الخام والإمدادات: إن الصناعات التي تعتمد بشكل كبير على المواد الخام والإمدادات الخارجية هي الأكثر عرضة لآثار التضخم. فارتفاع أسعار هذه المدخلات يؤدي إلى زيادة كبيرة في تكاليف الإنتاج بالنسبة لهذه الصناعات.
  • الاعتماد على الطاقة: تتأثر الصناعات المكثفة للطاقة مثل التصنيع والنقل أكثر بالتضخم نظرًا لارتفاع تكاليف الوقود والكهرباء التي تشكل جزءًا كبيرًا من مدخلاتها.
  • القدرة على رفع الأسعار: يود لدى بعض الصناعات قدرة محدودة على رفع أسعارها لتعويض ارتفاع التكاليف، على سبيل المثال بسبب المنافسة الشديدة أو طبيعة الطلب على منتجاتها، وهذا يؤدي إلى تآكل هوامش الربح بشكل أكبر.
  • المنافسة الشديدة: يصعب على الشركات في القطاعات الأكثر تنافسية نقل ارتفاع التكاليف إلى المستهلكين عبر رفع الأسعار دون خسارة جزء من حصتها السوقية.
  • الطلب الحساس للأسعار: لا يمكن رفع أسعار بعض السلع والخدمات ذات الطلب الحساس للأسعار بسهولة دون أن يؤدي ذلك إلى فقدان العملاء.

أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم

شهدت العديد من الاقتصادات حول العالم ارتفاعًا ملحوظًا في معدلات التضخم، مما أدى إلى آثار سلبية واضحة على مختلف القطاعات الاقتصادية. حيث أثر ارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية بشكل كبير على القدرة الشرائية للمستهلكين، وفرض ضغوطًا على الشركات والمنشآت الاقتصادية. وأبرز القطاعات التي شهدت تأثرًا ملحوظًا بهذا الارتفاع في التضخم هي:

  • قطاع تجارة الجملة.
  • قطاع البناء والإنشاءات.
  • قطاع الإقامة والطعام.
  • قطاع النقل والتخزين.
  • قطاع الخدمات.

وفيما يلي شرح مفصل حول كل من القطاعات السابقة وتأثرها بالتضخم:

قطاع تجارة الجملة

هو قطاع يعتمد على بيع السلع والمنتجات من المنتجين أو الموزعين الكبار إلى التجار والشركات الأخرى بكميات كبيرة بدلاً من البيع مباشرة للمستهلكين النهائيين. وتعتبر حالة تجارة الجملة مؤشرًا مهمًا على الوضع الاقتصادي العام باعتبارها قطاعًا رئيسيًا في الاقتصاد.

قد أفاد 77% من المشاركين في قطاع التجارة الجملة وفقًا لاستطلاع رأس المال العامل في هذا العام أنهم يتوقعون رفع أسعارهم. وما هو أكثر أهمية، أفاد 36% منهم أنهم سيرفعون الأسعار بنسبة 6% أو أكثر.

ويرجع ذلك جزئيًا إلى ارتفاع تكاليف الأجور والطلب المتراكم على المنتجات بعد السنوات القليلة الماضية. فعلى سبيل المثال أفادت ألمانيا عن زيادة سنوية بنسبة 19.9% في أسعار تجارة الجملة في سبتمبر، مما يعكس ارتفاع تكاليف المواد الخام والمنتجات الوسيطة.

وبشكل عام إن هذه الزيادات المتوقعة في أسعار تجارة الجملة تشير إلى الضغوط التضخمية في الاقتصاد الأوسع نطاقًا والتي ربما تنعكس على المستهلكين النهائيين في شكل ارتفاع أسعار السلع والخدمات.

قطاع تجارة الجملة
قطاع تجارة الجملة

قطاع البناء والإنشاءات

واجه قطاع البناء والإنشاءات العديد من التحديات الصعبة في الفترة الأخيرة، ويعتبر من أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم حيث لم يتأثر قطاع آخر بالدرجة ذاتها التي تأثر بها.

حيث أفاد نحو 75% من المهنيين في مجال البناء في استطلاع للرأي أنهم ينوون رفع الأسعار، وأكد 14% منهم توقعهم ارتفاعًا بنسبة تتراوح بين 6% و10%، بينما خطط 13% لزيادة بنسبة 11% أو أكثر.

وقد طال هذا التأثير كافة جوانب الاقتصاد من ارتفاع تكاليف المواد إلى مشكلات سلسلة التوريد ونقص المساكن وتحديات التوظيف. بل إن الحرب بين روسيا وأوكرانيا أضافت المزيد من الضغوط، حيث انخفضت أنشطة البناء في الاتحاد الأوروبي بنسبة 2.2% منذ فبراير.

وعلى الرغم من بعض الإشارات الإيجابية، كانخفاض نقص المعروض في المملكة المتحدة في سبتمبر وتمكن طاقم العمل من استئناف المشاريع المتأخرة، إلا أن الطلبات الجديدة في ذلك البلد وفقًا لمؤشر مديري المشتريات للبناء كانت الأضعف منذ يونيو 2020.

قطاع البناء والإنشاءات
قطاع البناء والإنشاءات

قطاع الإقامة والطعام

سيضطر الناس في النهاية وعلى عكس الفئات الأخرى إلى الأكل دائمًا. خيث يمكنهم تقليل الكميات وتغيير إلى بدائل أقل تكلفة، ولكن سيظل هناك حد أدنى من الطلب لن يختفي.

توقع 74% من المستجيبين في قطاع الإقامة والطعام رفع الأسعار على العملاء بشكل عام. وكان هذا القطاع من بين القطاعات التي توقعت رفع الأسعار بشكل كبير، حيث توقع 21% من القائمين على القطاع أنهم سيرفعون الأسعار بنسبة تتراوح بين 6% و10%، بينما قال 9% إنهم سيرفعون الأسعار بأكثر من 10%.

بلغ تضخم أسعار الأغذية في الاتحاد الأوروبي في سبتمبر حوالي 16% وفي المملكة المتحدة 14.6% على أساس سنوي. مما ضم قطاع الإقامة والطعام إلى قائمة أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم. وساعدت السلع الأساسية مثل الحليب والخبز واللحوم والبيض في دفع هذه الزيادات.

كما توجد عدة عوامل تدفع نمو أسعار الأغذية، حيث ارتفعت أسعار الدواجن بشكل حاد بسبب تفشي انفلونزا الطيور على مستوى العالم. في الوقت نفسه أدت الحرب بين روسيا وأوكرانيا إلى تقليل العرض المتاح من القمح وزيت عباد الشمس من بين محاصيل أخرى.

وبالنسبة لقطاع الإقامة، يشعر المسؤولون عن السياحة بالقلق بشأن تأثير ارتفاع تكاليف الطاقة قبل نهاية العام، لكن هناك عدة دول خاصة في الجنوب تشهد مستويات أعلى من الأعمال من المسافرين الدوليين، لا سيما السياح الأمريكيون الذين يستفيدون من ارتفاع قيمة الدولار. وتلاحظ منظمة السياحة العالمية أن عدد السياح الدوليين قد يصل إلى 80% من مستويات ما قبل الجائحة.

قطاع الإقامة والطعام
قطاع الإقامة والطعام

قطاع النقل والتخزين

خطط 73% من المستجيبين في قطاع النقل والتخزين لرفع أسعارهم، كما خطط حوالي 23% لرفع الأسعار بنسبة تتراوح بين 6% و10%، وهي واحدة من المجموعات الأكبر التي تخطط لمثل هذه الزيادات.

أفادت شركة BNP Paribas Real Estate أن معدلات الشواغر للمستودعات الأوروبية كانت أقل من 4% خلال النصف الأول من العام. كما ارتفعت الأجور الرئيسية في الوقت نفسه بنسبة 12% على أساس سنوي.

ومن المنطقي أن تكاليف التخزين قد ارتفعت حيث ازدادت التجزئة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة والتي تعتمد على المستودعات من 19% من التجزئة في فبراير 2020 إلى 38% في يناير 2021. وحاول المزيد من تجار التجزئة في الوقت نفسه زيادة مخزوناتهم لمراعاة تأخيرات سلسلة التوريد والشحن.

وقد شهد قطاع النقل والتخزين نموًا هائلاً في السنوات الأخيرة، بنسبة 88% بين عامي 2011 و2021، وفقًا لعدد المنشآت التجارية.

وفيما يتعلق بالنقل، ارتفعت تكلفة الشحن في بداية هذا العام حيث حاولت الشركات تلبية الطلب المكبوت وتكوين المخزون في حالة حدوث المزيد من تأخيرات الشحن أو إغلاقات متعلقة بـكوفيد-19. ونتيجة لذلك ارتفعت تكلفة شحن البضائع بشكل كبير.

ولكن في الأشهر الأخيرة انخفضت الأسعار جزئيًا لأن العديد من مشاكل سلسلة التوريد تحل نفسها، ولأن هناك طلبًا أقل على الشحنات. يحذر بعض الخبراء أن هذا قد يكون علامة أخرى على حدوث ركود وشيك.

قطاع النقل والتخزين
قطاع النقل والتخزين

قطاع الخدمات

هذا البند يشمل المهنيين في الخدمات الذين لا ينخرطون في مجالات الرعاية الصحية أو التعليم أو الخدمات العلمية أو المهنية أو الفنية. على سبيل المثال، يندرج تحت هذا البند مهن إصلاح المعدات والرعاية البيطرية والتنظيف الجاف. توقع حوالي 74% من هؤلاء المهنيين زيادات في الأسعار المرتبطة بارتفاع معدلات التضخم.

لقد ساهمت الزيادة في الطلب ونقص العمالة إلى جانب المطالبات المتزايدة برفع الأجور في تغذية الضغوط التضخمية، مما أضاف هذا القطاع إلى قائمة أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم.

أفادت وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات) بأن قطاع الخدمات كان ثالث أكبر مساهم في ارتفاع معدلات التضخم السنوي في منطقة اليورو.

قطاع الخدمات
قطاع الخدمات

الحلول المناسبة لمواجهة التضخم

يجب ملاحظة أن الحلول المناسبة لمواجهة التضخم قد تختلف من بلد لآخر، وتعتمد على الظروف الاقتصادية والسياسية لكل بلد. وفيما يلي أفضل هذه الحلول:

  • سياسة الاقتصاد النقدي: يمكن للبنوك المركزية تنفيذ سياسات نقدية متشددة مثل رفع أسعار الفائدة للحد من الإنفاق وتقليل الطلب، مما يساهم في تقليل التضخم.
  • سياسة المالية: يمكن للحكومات تنفيذ سياسات مالية متوازنة ومحكمة للحد من الإنفاق العام وتقليل العجز المالي، وهذا يساهم في تقليل الضغط على الأسعار.
  • تعزيز الإنتاجية: يمكن للحكومات والشركات العمل على تعزيز الإنتاجية وتحسين الكفاءة في استخدام الموارد، مما يساهم في تقليل التكاليف والضغط على الأسعار.
  • تنظيم الأسواق: يمكن للحكومات تنفيذ سياسات لتنظيم الأسواق ومكافحة الاحتكار والتلاعب بالأسعار، مما يساهم في ضمان توازن العرض والطلب وتقليل التضخم.
  • تعزيز الاستثمار: يمكن للحكومات تشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية وتوفير بيئة ملائمة للأعمال، مما يساهم في زيادة الإنتاج وتقليل الضغط على الأسعار.
  • تعزيز التوازن التجاري: يمكن للحكومات العمل على تحقيق التوازن التجاري وتقليل الاعتماد على الواردات، مما يساهم في تقليل الضغط على الأسعار.

في نهاية هذا المقال وبعد أن تعرفنا على أكثر 5 قطاعات تأثرا بالتضخم، يمكن القول أنه في ظل استمرار ارتفاع معدلات التضخم في العديد من الاقتصادات، فإن القطاعات الاقتصادية المختلفة ستظل تواجه تحديات كبيرة. يتطلب هذا الوضع من الحكومات والمؤسسات الاقتصادية اتخاذ تدابير فعالة لمعالجة أسباب التضخم ودعم القطاعات الأكثر تضررًا. كما يستوجب على المستهلكين والشركات إعادة النظر في استراتيجياتهم المالية والإنفاقية للتكيف مع هذه الظروف التضخمية.

مشاركة
Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn
Telegram

اترك تعليقاً

Scroll to Top