ذكرنا في مقالات سابقة، أنًّ المؤشًّرات هي إحصائيَّات تستخدم لقياس الظروف الحالية وكذلك للتنبؤ بالاتجاهات المالية أو الاقتصادية، وهي إمَّا مؤشرات اقتصادية أو فنية، والمؤشّرات الفنية في سياق التحليل الفني هي عبارة عن حساب رياضي يعتمد على سعر وحجم الصنف، حيث يتم استخدام النتيجة للتنبؤ بالأسعار المستقبلبة ولها أنواع وهي مؤشرات الاتجاه والتذبذب والأحجام ومؤشرات بيل ويليامز.
سنتعرف في هذا المقال على أحد مؤشرات الحجم وهو مؤشر الحجم الإجماليOBV.
ماهو مؤشر حجم التداول الإجمالي (OBV)
مؤشّر حجم التداول الإجمالي (OBV)، هو مؤشر فنّي يستخدم لقياس الزخم ويعتمد على تدفق الحجم ليعكس الضغط النسبي للشراء والبيع على الأصول المالية سواء كان هذا التدفق إيجابياً أو سلبياً، ويهدف هذا المؤشّر إلى توقع الاتجاه المحتمل لتغيرات الأسعار في المستقبل القريب، وبمفهوم آخر ،يقوم مؤشر OBV بتتبع زيادة أو انخفاض حجم التداول ليساعد في توقع حركات الأسعار المستقبلية.
قدم جوزيف جرانفيل هذا المؤشر لأول مرة في كتابه “مفتاح جرانفيل الجديد لأرباح سوق الأوراق المالية” عام 1963. تتمحور فكرة جرانفيل الأساسية حول أنّ الحجم يمثل القوة الرئيسية وراء حركة الأسواق، وقد صمّم مؤشر OBV ليتنبأ بحدوث تحركات كبيرة في الأسواق بناءً على تغيرات الحجم. ووصف توقعات OBV في كتابه بأنها “زنبرك ملفوف بإحكام”.
كما نوَّه إلى أنَّ حجم التداول قد يزداد بشكل كبير دون حدوث تغيير كبير في سعر السهم، وهذا يدل على أنَّ السعر سينقلب في النهاية إلى الارتفاع أو الانخفاض.
معادلة حساب مؤشر الحجم الإجمالي OBV
حيث أنّ:
OBV:مستوى حجم التوازن الحالي.
:مستوى حجم التداول الإجمال السابق.
Volume: أحدث قيمة لحجم التداول.
كيفية حساب مؤشر حجم التداول الإجمالي OBV
- إذا كان سعر الإغلاق الحالي أعلى من سعر الإغلاق السابق، فإن: OBV الحالي = OBV السابق + حجم التداول اليوم.
- إذا كان سعر الإغلاق الحالي أقل من سعر الإغلاق السابق، فإن: OBV الحالي = OBV السابق – حجم التداول اليوم.
- إذا كان سعر الإغلاق الحالي يساوي سعر الإغلاق السابق، فإن: OBV الحالي = OBV السابق.
إذا افترضنا أنَّ سعر ورقة مالية ارتفع في يوم ما، فيتم إضافة حجم التداول في ذلك اليوم إلى الإجمالي لمؤشر OBV،وعلى العكس من ذلك، عندما ينخفض سعر الورقة المالية في يوم آخر، يتم خصم حجم التداول في ذلك اليوم من الإجمالي لمؤشر OBV. وبالتالي، ينبغي أن يعكس اتجاه مؤشر OBV اتجاه السعر الحالي(سواء كان الإجمالي يرتفع أو ينخفض).
إنَّ حركة كبيرة في مؤشر OBV دون تغيير مقابل في السعر أو في اتجاه السعر،تعتبر تنبيهاً للمتداول بظهور تغيير محتمل في اتجاه السعر قريباََ، كما أنه لا حاجة لحساب حجم التداول الإجمالي يدوياََ كل يوم، حيث يمكن تحميل مؤشر حجم التداول الإجمالي على مخطط الشارت، والقيم الرقمية المطلقة لمؤشر OBV في وقت معين ليست بنفس أهمية حركة الاتجاه العامة لـ OBV، ويمكن بسهولة الإشارة إلى هذه الحركة باستخدام خط الرسم البياني.
مثال توضيحي عن مؤشر OBV
هذه قائمة تحتوي على سعر الإغلاق وحجم التداول لسهم ما على مدى 10 أيام:
- اليوم الأول: سعر الإغلاق يساوي 10 دولار، حجم التداول يبلغ 25،200 سهم
- اليوم الثاني :سعر الإغلاق يساوي 10.15 دولار، حجم التداول يبلغ 30،000 سهم
- اليوم الثالث: سعر الإغلاق يساوي 10.17 دولار، حجم التداول يبلغ 25،600 سهم
- اليوم الرابع: سعر الإغلاق يساوي 10.13 دولار، حجم التداول يبلغ 32،000 سهم
- اليوم الخامس: سعر الإغلاق يساوي 10.11 دولار، حجم التداول يبلغ 23،000 سهم
- اليوم السادس: سعر الإغلاق يساوي 10.15 دولار، حجم التداول يبلغ 40،000 سهم
- اليوم السابع: سعر الإغلاق يساوي 10.20 دولار، حجم التداول يبلغ 36،000 سهم
- اليوم الثامن: سعر الإغلاق يساوي 10.20 دولار، حجم التداول يبلغ 20،500 سهم
- اليوم التاسع: سعر الإغلاق يساوي 10.22 دولار، حجم التداول يبلغ 23،000 سهم
- اليوم العاشر: سعر الإغلاق يساوي 10.21 دولار، حجم التداول يبلغ 27،500 سهم
لاحظ عزيزي المتداول أنَّ الأيام الثانية والثالثة والسادسة والسابعة والتاسعة هي أيام تصاعدية، لذلك يتم إضافة حجم التداول لهذه الأيام إلى OBV، أمَّا الأيام الرابعة والخامسة والعاشرة فهي أيام هابطة، لذلك يتم طرح حجم التداول لهذه الأيام من OBV. وفي اليوم الثامن، لا تحدث أي تغييرات في قيمة OBV نظرًا لعدم تغيير سعر الإغلاق. بناءً على ذلك، يكون قيم OBV لكل من الأيام العشرة على النحو التالي:
- اليوم الأول OBV = 0
- اليوم الثاني OBV = 0 + 30,000 = 30,000
- اليوم الثالث OBV = 30,000 + 25,600 = 55,600
- اليوم الرابع OBV = 55,600 – 32,000 = 23,600
- اليوم الخامس OBV = 23,600 – 23,000 = 600
- اليوم السادس OBV = 600 + 40,000 = 40,600
- اليوم السابع OBV = 40,600 + 36,000 = 76,600
- اليوم الثامن OBV = 76,600
- اليوم التاسع OBV = 76,600 + 23,000 = 99,600
- اليوم العاشر OBV = 99,600 – 27,500 = 72,100
ما الذي يخبرك به مؤشر حجم التداول الإجمالي OBV
تعتمد نظرية OBV على التمييز بين الأموال الذكية التي يضخها المتداولون المخضرمون في السوق ( المستثمرون المؤسسون) والأموال التي يضخها المتداولون ذوي الخبرة الأقل (مستثمروا التجزئة) ، عندما تبدأ صناديق الاستثمار المشترك وصناديق التقاعد في شراء أسهم يبيعها مستثمروا التجزئة، يمكن أن يحدث زيادة في حجم التداول حتى لو أظهرت الأسعار استقراراََ نسبياً، في النهاية، يمكن لحجم التداول دفع السعر نحو الارتفاع وهنا يبدأ المستثمرون الكبار في البيع، ويبدأ المستثمرون الأصغر في الشراء.
على الرغم من أن مؤشر OBV يُرسم على مخطط الأسعار ويُقاس عددياً، إلا أنَّ القيمة الكمية الفردية الفعلية لهذا المؤشر ليست ذات أهمية وإنَّما يعتبر المؤشر نفسه تراكمياًً، ويبقى الفاصل الزمني ثابتاًً بواسطة نقطة بداية محددة، مما يعني أن القيمة الرقمية الحقيقية لـ OBV تعتمد بشكل كبير على تاريخ البدء. بدلاً من ذلك، يركز المتداولون والمحللون على حركة مؤشر OBV لوقت طويل حيث يحمل ميل خط OBV كل وزن التحليل.
يُعتبر اختلاف الحجم والسعر مؤشرًا على العلاقة بين “الأموال الذكية” والجماهير المتباينة، مما يُمكن من تحديد فرص الشراء ضد الاتجاهات السائدة الخاطئة، على سبيل المثال، قد تقوم المؤسسات بدفع أسعار الأصول للأعلى، ثم تبيع عندما ينضم المستثمرون الآخرون إلى السوق، وبالتالي يُستخدم مؤشر OBV من قبل المحللين لتتبع نشاط المستثمرين الكبار والمؤسسات من خلال استخدام أرقام الحجم.
بعض استراتيجيات التداول على مؤشر الحجم الإجمالي OBV
بينما تحتوي العديد من المؤشرات الأخرى على عناصر معقدة مثل عبور خطوط متعددة أو رسوم بيانية معقدة، يتميز مؤشر OBV بالبساطة حيث يعتمد فقط على مخطط خطي واحد يركز على حجم التداول، ويمكن بسهولة اكتشاف الإشارات التي يقدمها هذا المؤشر واتخاذ القرارات المناسبة بناءً عليها.
في الاستراتيجيات المتقدمة، يتم دمج المؤشر مع خطوط الاتجاه أو المتوسطات المتحركة للحصول على إشارات مبكرة أو مؤكدة لاتخاذ المراكز.
رصد انعكاسات اتجاه رئيسية باستخدام تباين OBV الصاعد
في الرسم البياني للأسعار الأسبوعي أدناه، يمكن رؤية انعكاس صاعد كبير يمتد على مدى عدة أشهر، حيث قدم مؤشر OBV إشارة مبكرة بأنه يتم التحضير لعكس الاتجاه، سيتم وضع أمر شراء عند لمسة الثانية لخط الاتجاه، أدت الصفقة التالية إلى الحصول على مكسب يزيد عن 300%.
قياس قوة الاتجاه واستمراريته باستخدام OBV المتزايد
يمكن استخدام حجم التداول على الرصيد لتحديد قوة الاتجاه، وما إذا كان من المرجح أن يستمر هذا الاتجاه أم لا، يمكن للمتداولين مراقبة سلسلة من القيعان المتزايدة والقمم المتزايدة، مما يشير إلى استمرار اتجاه صاعد، أو سلسلة من القيعان المتناقصة والقمم المتناقصة التي تشير إلى أن اتجاه هابط، انتظار كسر التسلسل من القمم أو القيعان سيشير إلى أنَّ الاتجاه على وشك الانتهاء.
في المثال التوضيحي أدناه، تشير سلسلة من القمم المتزايدة والقيعان المتزايدة بعد وضع قاع إلى أن الاتجاه الصاعد قوي، وحتى يتم الوصول إلى قمة أو قاع أدنى، سيبقى الاتجاه سليماً.
تداول عكس اتجاه الاتجاه المبكر مع اختراقات خطوط الاتجاه OBV
يُعرف مؤشر OBV بلقب “مؤشر الأموال الذكية” لقدرته على تنبيه المتداولين بتحركات اللاعبين الكبار الذين يدخلون مواقف مبكرة في الأسواق، قبل حدوث تغييرات رئيسية في الاتجاهات أو اختراقات كبيرة، يمكن رؤية هذه الحركات على مؤشر OBV أحياناً قبل أيام من حدوثها.
عندما يخترق السعر أخيراً خط الاتجاه، يعتبر التاجر ذلك تأكيداً على إشارة مؤشر حجم التداول الإجمالي OBV، ويدخل في تداول استناداً إلى اتجاه الاختراق. في المثال ، يمكن رؤية الاختراق على مخطط OBV قبل أيام من رد فعل سعر الأصل على ضغط الشراء،كما يمكن رؤية كسر خط الاتجاه متعدد الأشهر على مخطط مؤشر OBV قبل أيام من رد فعل شموع السعر ودفع سعر الأصل عبر خط الاتجاه في الرسم البياني ، النتيجة كانت حركة قوية نحو الأعلى، مما أسفر عن عوائد تزيد عن 25%.
رسم خطوط الدعم والمقاومة باستخدام OBV
يمكن استخدام العديد من الأدوات لاكتشاف ورسم خطوط الدعم والمقاومة، والمؤشر OBV ليس استثناءً. يستجيب المؤشر لمستويات الدعم والمقاومة بشكل أسرع من السعر، مما يساعد التجار على فهم أفضل لمكان وضع نقاط الدخول والخروج.
OBV مقابل خط التراكم/التوزيع
يتشابه حجم التوازن الإجمالي وخط التراكم/التوزيع في كونهما مؤشران لقياس الزخم، ويستخدمان الحجم لتوقع حركة “الأموال الذكية”. تختلف الصيغة المستخدمة لإنشاء خط التراكم/التوزيع (Acc/Dist) تماماً عن مؤشر تداول الحجم الإجمالي (OBV) و الاختلاف يكمن في أنًّ الحجم المتوازن الإجمالي يحسب عن طريق جمع الحجم في الأيام الصاعدة وطرحه في الأيام الهابطة، بينما تعتمد آلية خط التراكم/التوزيع على موقع سعر السوق الحالي مقارنة بنطاق تداوله الأخير وتضربه بحجم تلك الفترة والذي يعتبر أقل تعقيداً.
ماهو الفرق بين مؤشر حجم التداول الإجمالي OBV واتجاه حجم السعر
يشبه اتجاه حجم السعر (PVT) مؤشر حجم التداول الإجمالي OBV، من حيث أنه يقيس الحجم التراكمي ويزود المتداولين بمعلومات حول تدفق أموال تداول الورقة المالية، ولكن الاختلاف يكمن في أنّ مؤشر OBV ينظر إلى الحجم فقط وفقاً لما إذا كان الإغلاق أعلى أو أقل، في حين أنَّ PVT ينظر إلى مدى ارتفاعه أو انخفاضه ، ويساعد ذلك في تحديد اتجاه سعر الورقة المالية وقوة تغير السعر.
حدود مؤشر OBV
أحد العيوب الرئيسية لمؤشر حجم التداول الإجمالي OBV هو أنه يُعتبر أحياناً مؤشراً زائفاً، حيث يمكن أن يوفر تنبؤات حول الحركة السعرية، ولكن من الصعب تحديد مدى دقة هذه التنبؤات، وبالتالي، فإنه قد يولد إشارات كاذبة، ويمكن تعويض ذلك من خلال استخدام مؤشرات أخرى. يمكن إضافة خط المتوسط المتحرك إلى مؤشر OBV لاكتشاف اختراقات خط OBV، وبذلك يمكن التحقق من صحة اختراق السعر عندما يحدث اختراق في مؤشر OBV في نفس الوقت.
عند استخدام OBV يجب مراعاة أن زيادة كبيرة في حجم التداول في يوم واحد قد تؤدي إلى تشويش المؤشر لفترة طويلة،على سبيل المثال، قد تحدث أحداث غير متوقعة مثل إعلان الأرباح أو تحركات كبيرة للأموال في السوق، وقد تؤدي هذه الأحداث إلى تغيرات كبيرة في قيمة المؤشر دون أن تكون الزيادة في الحجم مؤشراً واضحاً على اتجاه السوق.
أين تكمن أهمية مؤشر الحجم الإجمالي OBV
الحجم يسبق السعر، هذه الفكرة كانت أساس عمل جوزيف جرانفيل على مؤشر OBV، وقام بإنشاء مؤشر OBV للإشارة غلى حالة ارتفاع الحجم بشكل كبير دون تغيير في السعر، يُعتبر ذلك إشارة إلى أن المستثمرين المؤسسيين وغيرهم من “الأموال الذكية” يتخذون مواقف قبل حدوث تغيير كبير في معنويات الجماهير.
عند دمجه مع خطوط الاتجاه، يمكن لمؤشر OBV غالباً أن يتنبأ بالحركات قبل حدوثها. يُمكن أيضاً استخدام هذه الأداة جنباً إلى جنب مع مؤشرات تحليل فني أخرى مثل المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم لتأكيد إشارات الدخول الآمنة، بفضل الاستراتيجيات الصحيحة، يُمكن للمتداول تحقيق مزيد من الأرباح من السوق مع تقليل المخاطر إلى الحد الأدنى المطلق.
وفي النهاية، أتمنى أن ينال هذا المقال إعجابك عزيزي المتداول وتذكر أنَّ مؤشر حجم التداول الإجمالي (OBV) هو أداة فنية مهمة تُستخدم في تحليل الأسواق المالية، يقوم هذا المؤشر بمراقبة حجم التداول واتجاهات الأسعار معاً، مما يساعد المستثمرين على فهم قوة الاتجاه الحالي للسوق.