عندما تتعقد الأعمال، يظهر مبدأ باريتو في إدارة الوقت كحل سحري، كما يصفه الكثيرون، فهو يساعد في زيادة التركيز، وتحسن الإنتاجية، وتحقيق الاستثمار الأمثل للوقت. فهو ما يحتاجه المدراء والموظفون في بيئات العمل الضاغطة، حيث تتنوع وتكثر المهام، والأحداث المفاجأة والمشتتات.
لا تكفي معرفة هذا المبدأ للاستفادة منه، لذا نقدم مجموعة من الطرق والنصائح العملية لنتعرف على كيفية تطبيقه بالشكل الأمثل، وما هي أبرز الأسرار الكامنة وراءه.
ماهو مبدأ باريتو في إدارة الوقت
يعرف مبدأ باريتو أيضا بقاعدة 80/20، وينص على أن 80% من النتائج، تأتي من 20% من الجهد المركز. أما بسياق الإدارة الفعالة للوقت، فهو يعني أن تركيزك على المهام الأكثر تأثيرًا، يسهم بشكل أكبر في تحقيق أهدافك العامة. الاستخدام الشائع لمبدأ باريتو يفترض أن 80% من عملك اليومي، يتم إنجازه في 20% من يومك (قد يهمك: تقنيات إدارة الوقت لأصحاب المشاريع المتوسطة والصغيرة).
استخدامات مبدأ باريتو عبر التاريخ
تم تقديم مبدأ باريتو (قاعدة 80/20)، لأول مرة من قبل الاقتصادي الإيطالي فيلفريدو باريتو في أوائل القرن العشرين. عندما لاحظ باريتو أن 80% من الأراضي في إيطاليا مملوكة لـ 20% من السكان، ثم لاحظ توزيعًا مماثلاً في مجالات أخرى، مثل الثروة والدخل.
- طور المستشار الإداري جوزيف إم جوران عمل باريتو في منتصف القرن العشرين. وطبق جوران هذا المبدأ على إدارة الجودة، مشيرًا إلى أن 80% من الأزمات غالبًا ما يكون سببها 20% من المشكلات.
- منذ ذلك الحين، تم اعتماد مبدأ باريتو على نطاق واسع في مختلف المجالات، بما في ذلك: الأعمال والاقتصاد والإنتاجية.
- لتحديد أولويات المهام، والأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى النتائج.
- استخدم هذا المبدأ لتحسين استخدام الموارد، وتحقيق أقصى استفادة منها.
سرعان ما تحول مبدأ باريتو إلى أداة قيمة لاتخاذ القرارات وحل المشكلات، مما يساعد الأفراد والمنظمات على تركيز جهودهم على أهم مجالات التحسين.
يمكنك الإطلاع على: التوازن بين العمل والحياة: كيف أحقق مايعرف ب Work-life balance
فوائد مبدأ باريتو (قاعدة 80/20)
أحد الأخطاء الشائعة التي يرتكبها الكثير من الأشخاص، عند الشعور بقلة الإنتاجية، وضغط العمل هو الاستجابة فقط للطلبات العاجلة، وطلبات اللحظة الأخيرة، ورسائل البريد الإلكتروني، والمهام الصغيرة الأخرى عند ظهورها. لتجنب الوقوع في هذا الفخ، من المهم التخطيط للمستقبل، وتحديد أولويات ما هو مهم حقًا بالنسبة لك لإنجازه كل يوم (اقرأ أيضا: ما هي مراحل التخطيط لمشروع). باستخدام قاعدة باريتو تستطيع تحقيق ما يلي:
- التركيز على المهام الأكثر أهمية: من خلال إدراك أن نسبة صغيرة من النتائج تؤدي إلى نسبة كبيرة من النتائج، يمكنك تحديد أولويات جهودك على المهام التي سيكون لها الأثر الأكبر.
- زيادة الإنتاجية: من خلال تحديد العوامل الأكثر أهمية التي تساهم في نجاحك، يمكنك تخصيص وقتك ومواردك بشكل أكثر كفاءة، مما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية.
- إدارة الوقت: يمكن لمبدأ باريتو أن يساعدك على تحديد المهام الأساسية والمهام الأقل أهمية. فمن خلال التركيز على 20% من المهام التي ستؤدي إلى 80% من النتائج، يمكنك إدارة وقتك بشكل أكثر فعالية.
- اتخاذ قرارات أفضل: يساعدك فهم مبدأ باريتو على اتخاذ قرارات أفضل من خلال التركيز على العوامل التي سيكون لها التأثير الأكبر على أهدافك ونتائجك.
- تحسين إدارة الموارد: من خلال التركيز على العوامل الحيوية القليلة التي تؤدي إلى النتائج، يمكنك تحسين مواردك، مثل الوقت والمال والطاقة، لتحقيق أقصى قدر من الفعالية.
كيفية تطبيق مبدأ باريتو في إدارة الوقت
لتطبيق مبدأ باريتو لإدارة الوقت، ننصحك باتباع الخطوات التالية:
1- حدد النقاط الحيوية الأكثر أهمية
ابدأ بتحليل مهامك ومسؤولياتك (قد يساعدك الإطلاع على: ماهي مصفوفة إدارة الوقت وكيفية استخدامها)، حاول الإجابة عن هذه التساؤلات:
- ماهي المهام التي أقوم بها؟
- ماهي المهام الأكثر أهمية وتأثيرا على مستقبلي؟
- هل سأصل إلى القمة في مجال عملي، إن قمت بالتركيز على هذه الأعمال؟
قد تجد بعد الإجابة عن هذه التساؤلات، أن مشاريع محددة تؤثر بشكل كبير على إيراداتك وحياتك المهنية، أو أن العلاقات الرئيسية هي التي تفتح لك الأبواب للنجاح والازدهار، عندها سيساعدك التركيز عليها في تحقيق نتائج مبهرة.
يمكنك الإطلاع على: أهم نصائح و أسرار إدارة الوقت
2- تبسيط سير العمل
بمجرد تحديد المهام الحيوية، حاول تبسيط سير العمل الخاص بتلك المهام، فتخلص من المهام غير الأساسية التي قد تستهلك وقتًا ثمينًا، وخصص أفضل وقت في اليوم لقضاء ما لا يقل عن ساعتين في العمل على هذه المهام، ومن الإجراءات المساعدة في تبسيط المهام:
- تحديد وتخطيط سير العمل الحالي: ابدأ بفهم العمليات الحالية وتحديد أي اختناقات أو أوجه قصور ممكنة.
- تحليل المهام وتحديد أولوياتها: حدد المهام المتكررة أو التي تستغرق وقتًا طويلاً أو غير الضرورية وقم بإزالتها.
- أتمتة المهام المتكررة: استخدم أدوات التكنولوجيا والأتمتة لتبسيط المهام المتكررة، مثل: إدخال البيانات أو الإشعارات أو الموافقات.
- توحيد العمليات: وضع إجراءات ومبادئ توجيهية موحدة لإنجاز المهام. يمكن أن يساعد الاتساق في سير العمل في تحسين الكفاءة وتقليل الارتباك.
- تفويض المهام بشكل فعال: قم بتعيين المهام لأعضاء الفريق بناءً على مهاراتهم وخبراتهم.
- تنفيذ أدوات التعاون: استخدم أدوات التعاون مثل: برامج إدارة المشاريع، ومنصات الاتصال والتقويمات المشتركة لتسهيل العمل الجماعي وتبسيط الاتصال.
يمكنك الإطلاع على: شرح برنامج ClickUp: أداة ClickUp لإدارة المشاريع
3- وضع هامش زمني
فكر في تحديد الوقت لضمان التركيز على أهم مهامك. قم بجدولة فترات زمنية محددة للمهام الأساسية، وحماية هذه الفترات من الانقطاعات. من خلال إنشاء فترات زمنية مخصصة، يمكنك تقليل عوامل التشتيت وتحسين تركيزك وزيادة الكفاءة. لذلك قد تكون في الاجتماعات طوال اليوم، ولكن إذا تم تخصيص ساعتين على الأقل من يومك للمهام الأكثر أهمية، ستحقق أفضل النتائج مهام كنت منشغلا. يمكنك استخدام التقويم الخاص بك أو الحصول على المساعدة باستخدام تطبيقات تخصيص الوقت مثل: RescueTime أو ClockWise وغيرها.
كيفية تطبيق مبدأ باريتو في إدارة الوقت
4- تدرب على تحديد الوقت
خصص فترات زمنية محددة للعمل على المهام ذات الأولوية العالية، التي تتوافق مع العوامل الحيوية القليلة. فمن خلال تخصيص وقت مركز لهذه الأنشطة، يمكنك زيادة إنتاجيتك، وتحقيق نتائج أفضل في وقت أقل، يمكنك بعد فترة إنقاص الوقت المخصص لهذه المهمة تدريجيا.
5- حافظ على عقلية النمو
اعتنق عقلية النمو والتطور المستمر، وكن منفتحًا على التعلم والتكيف أثناء تطبيق مبدأ باريتو في حياتك اليومية وروتين عملك. ابحث باستمرار عن فرص لتحسين الكفاءة والفعالية بناءً على التعليقات والنتائج التي تحصل عليها.
أمثلة عملية عن كيفية استخدام مبدأ باريتو في إدارة الوقت
يمكن تطبيق قانون باريتو في حالات استخدام مختلفة لتحسين سير العمل وصنع القرار. فيما يلي بعض الأمثلة على كيفية استخدام مبدأ باريتو:
- إدارة علاقات العملاء: حلل بيانات العملاء لتحديد أفضل 20% من العملاء الذين ينتجون 80% من إيراداتك. مع التركيز على تقديم خدمة استثنائية، وبناء علاقات قوية مع هؤلاء العملاء الرئيسيين لدفع نمو الأعمال.
- تطوير المنتجات: حدد 20٪ من الميزات أو الوظائف التي تحظى بتقدير كبير لدى المستخدمين، ثم استثمر الموارد في تحسين هذه الميزات.
- المبيعات والتسويق: حدد أفضل 20% من المنتجات أو الخدمات التي تولد 80% من إيرادات مبيعاتك. خصص ميزانيتك ومواردك التسويقية للترويج لهذه المنتجات عالية الأداء لزيادة المبيعات والربحية إلى الحد الأقصى.
- إدارة المشاريع: حدد 20٪ من المهام الهامة التي تساهم في نجاح مشروعك، ثم ركز على إكمال هذه المهام في الوقت المحدد، وفي حدود الميزانية لضمان نجاح المشروع وتقديم القيمة لأصحاب المصلحة.
- إدارة المخزون: حدد أعلى 20% من المنتجات التي تمثل 80% من حجم مبيعاتك. ثم قم بإعطاء الأولوية لمستويات المخزون، وإدارة سلسلة التوريد لهذه المنتجات ذات الطلب المرتفع لتجنب نفاد المخزون، وتحسين معدل دورانه.
- مراقبة الجودة: التركيز على معالجة 20% من مشكلات الجودة التي تؤدي إلى 80% من شكاوى العملاء أو عيوبهم.
آراء الخبراء في قانون باريتو
لاقى قانون باريتو الإشادة والتأييد من قبل العديد من الخبراء والأخصائين، فهو على حد وصف بعضهم حجر الزاوية، والأداة القوية نحو إهمال التوافه والتركيز على النقاط الأساسية، لذا نستعرض مجموعة من آراء الخبراء والباحثين بهذا المبدأ:
- “مبدأ 80/20 هو حجر الزاوية في الحياة القائمة على النتائج. سوف يغير حياتك.” – ريتشارد كوخ، مؤلف ورجل أعمال.
- “مبدأ 80/20 ليس صيغة سحرية، ولكن يمكنه أن يساعدك على التركيز على المجالات التي يمكنك من خلالها تحقيق أفضل النتائج.” – تيم فيريس، مؤلف ومذيع بودكاست
- “مبدأ باريتو هو أداة قوية لتحديد أولويات جهودك والتركيز على ما يهم حقا.” – بريان تريسي، مؤلف ومتحدث تحفيزي
- “مبدأ 80/20 هو المفتاح لتحقيق المزيد بجهد أقل. ركز على القلة الحيوية وتجاهل الكثرة التافهة.” – جاك كانفيلد، مؤلف ومدرب النجاح
- “يعلمنا مبدأ باريتو أن نركز على 20% من الأنشطة التي تنتج 80% من نتائجنا. إنه يغير قواعد اللعبة فيما يتعلق بالإنتاجية.” – توني روبنز، مؤلف ومدرب حياة.
يمكنك الإطلاع على: أهم استراتيجيات تنظيم الوقت لإنجاز الأعمال
خلاصة القول، إن مبدأ باريتو في إدارة الوقت استراتيجية هامة، وأداة حاسمة للتركيز على أكثر الأهداف أهمية، إلا أن نجاح المسعى مرتبط بتحليل دقيق لكل من النتائج والمهام، وهنا لابد من إجراء جلسات عصف ذهني منطقية وغير متحيزة قبل تحديد أي المهام تقع ضمن فئة ال 20%، وأيها تقع ضمن ال 80%.