بعد أن قدمنا لكم سلسلة من المقالات المتتالية عن مفهوم إدارة المشاريع ومراحل التخطيط، بالإضافة لأهمية تحليل مشروع، ننتقل وإياكم في هذا المقال لبعض التقنيات التفصيلية بهذا الخصوص. لذا نبدأ بطريقة الشلال في إدارة المشروع أو ما يعرف بـ Waterfall Methodology.
حيث تعتبر إدارة المشاريع بطريقة الشلال منهجية طويلة الأمد، ذات صرامة وقدرة على تحسين العمليات وتكرارها للمشاريع المستقبلية. سيما وأنها تتبع نهجًا خطيًا في التسلسل عبر مراحل محددة بوضوح.
وفي مقالنا، سنعرفك أكثر على تقنية الشلال ومزاياها، ومتى ينصح باستخدامها، لضمان إنتاج المخرجات النهائية على النحو المنشود مع المحاولة المستمرة لعدم تجاوز الميزانية أو الجدول الزمني المحدد للمشروع.
طريقة الشلال في إدارة المشروع
تتطلب منهجية الشلال في إدارة المشاريع إكمال خطوات المشروع بشكل متسلسل عبر إنشاء خطة مفصلة له تتضمن المتطلبات والتوقعات، لتليها سلسلة من المراحل المتتالية تنتهي بمرحلة الصيانة. ومن ناحية أخرى، تعد طريقة الشلال في إدارة المشاريع من التقنيات التي تحمل وثائق ثقيلة، بحيث يتوجب على الفريق المعني بالمشروع إكمال كل مرحلة بالكامل ثم الانتقال للأخرى. وذلك على النقيض من تقنيات أخرى مثل Agile.
مراحل تقنية الشلال Waterfall
فيما يلي نستعرض لك المراحل الخمسة المرتبة في منهجية الشلال:
- التخطيط/ المتطلبات Planning.
- التصميم Design.
- التنفيذ Implementation.
- الاختبار/التحقق Testing .
- الصيانة Maintenance .
التخطيط
وهي المرحلة الأولى من خطوات طريقة الشلال في إدارة المشروع، وتعتبر الخطوة التحضيرية للمراحل اللاحقة. تبدأ هذه المرحلة بجمع معلومات ومتطلبات الإعداد المهمة حول المشروع إما من خلال المقابلات والاستبيانات، أو حتى عبر جلسات العصف الذهني.
وهنا من الأفضل أن يتم إشراك صاحب المصلحة (العميل أو الزبون) في عملية التخطيط للبحث في وجهات نظر متعددة من قبله ومن قبل فريق المشروع. كما تتضمن مرحلة التخطيط عملية مهمة للغاية وهي “تحديد التسليمات اللازمة” والتي سيحتاجها الفريق طوال عمر المشروع، وما يتطلبه إنتاجها.
حيث يتوجب على الفريق أن يضع “التسليمات المحددة” في قائمة الانتظار ليكون لدى الفريق فكرة واضحة لما يجب إنجازه، من أجل الاستمرار في المراحل اللاحقة. مع ضرورة تحديد دور كل شخص في الفريق وإشراك صاحب المصلحة.
تجدر الإشارة إلى ضرورة أخذ الوقت الكافي وبذل الجهد الكبير في مرحلة التخطيط وحتى في المراحل اللاحقة. لأن أي نقص أو خطأ سبحدث، سيجبر الفريق بالكامل للعودة إلى بداية المراحل من جديد لإصلاحه.
تجيب مرحلة التخطيط ضمن طريقة الشلال في إدارة المشروع عن السؤال (ماذا؟). مثلًا في مثال إطلاق موقع تجارة الكتروني، ستبدأ مرحلة التخطيط بالسؤال (ماذا سيقدم هذا الموقع وماهي وظيفته والغاية من إطلاقه؟).
التصميم
تتلخص مرحلة التصميم بتحديد تفاصيل المشروع عبر توضيح وتوثيق الجداول الزمنية والميزانية المتوقعة. حيث يتم في مرحلة التصميم تحديد كل الإجراءات اللازمة لحقيق النطاق المتفق عليه والترتيب المناسب أيضًا.
وتجيب مرحلة التصميم ضمن طريقة الشلال في إدارة المشروع عن السؤال (كيف؟). أي أنه في مثال موقع التجارة الالكتروني، سيكون السؤال في هذه المرحلة مثلًا (كيف سيتم اختيار لغة البرمجة المناسبة والمتطلبات اللازمة للأجهزة؟).
التنفيذ
وهي المرحلة التي تحتاج لوقت أكبر كونها خطوة تنفيذية لما تم تخطيطه وتوثيقه. تبدأ هذه المرحلة بالترميز وتحقيق مراحل تطوير المنتج وإصداره. مع التنويه إلى ضرورة توثيق الأنشطة باستمرار لأن حفظ السجلات الجيدة للاستخدام الداخلي أو الخارجي هو أمر مفيد وضروري. خصوصًا إذا أراد العميل دليل ما على تنفيذ مهمة معينة كان قد طلبها من الفريق. بالإضافة إلى قدرة هذه السجلات على تسهيل الوصول لنقاط معينة تفيد الفريق المطوّر في مشاريع مستقبلية مثلًا.
الاختبار
بعد الانتهاء من الخطوات الثلاثة السابقة تأتي مرحلة الاختبار للبحث عن أي مشاكل في التسليمات الناتجة عن مرحلة التنفيذ. مثلًا، في مثال موقع التجارة الالكتروني قد تكون هناك بعض الأخطاء البرمجية، وكون طريقة الشلال في إدارة المشروع تقنية صارمة نوعًا ما، فإن مرحلة الاختبار فيها تعتبر مرحلة قصيرة نسبيًا.
ولكن يجب إنشاء عملية للعثور على المشكلات والإبلاغ عنها للحفاظ على سير المشروع بسلاسة. وإن كانت الخطة الأصلية تسير بشكل جيد، ستحتاج معالجة المشكلات لوقت قصير للغاية.
الصيانة
تلعب مرحلة الصيانة دورًا في إضافة تعديلات طفيفة على المنتج المطلوب، إما لتحسين الأداء أو لدعم أي مشكلات أو عيوب. علمًا أنه غالبًا ما تكون هذه العيوب متمثلة ببطء في الموقع (موقع الكتروني للتجارة)، أو عيب في الانتقال من صفحة لأخرى مثلًا. ونذكّر بأهمية توثيق كل ما يتم نقاشه والتأكد من حفظه لسهولة العثور عليه عند بدء المشروع التالي.
مزايا تقنية الشلال Waterfall
على الرغم من أن تسلسل خطوات طريقة الشلال في إدارة المشروع تجعل منها تقنية غير مرنة بعض الشيء، إلا أن هناك نواحٍ إيجابية لهذه التقنية نذكر منها:
- تسريع وقت التدريب للأعضاء الجدد في الفريق: على الرغم من أهمية التواصل بين الأفراد الجدد للفريق مع الأعضاء البقية، إلا أن مراجعة وثائق المشروع تمنح هؤلاء الأعضاء الجدد أساس متين من ناحية المعرفة. أي أنه لا حاجة للحصول على إجابات لأسئلتهم من قبل زملائهم. (يمكنك الاطلاع أيضًا على: أهم استراتيجيات تنظيم الوقت)
- الاحتفاظ بالمعرفة داخل المنظمة: لأن استراتيجية الشلال تعتمد مبدأ التوثيق فذلك مصحوب بفائدة كبيرة من ناحية الاحتفاظ بمعارف وخبرة الموظفين حتى ولو غادروا الفريق. أي أنه لا قلق من دخول شخص جديد للعمل لأنه ستمكن من تعلم خصوصيات وعموميات مسؤولياته بسهولة.
- سهولة إدارة المشاريع: نتيجة تسلسل الخطوات ووضوحها في منهجية الشلال، لا يطلب من الفريق سوى اتباع المراحل وفق تسلسلها. والمطلوب فقط معرفة ما الذي يتم العمل عليه، ومن يقوم به، وإلى أي مهمة ينتمي بغض النظر عن حجم الفريق.
- التقليل من الوقت اللازم لإنجاز المشاريع: المشاريع التي تعتمد استراتيجية الشلال في إدارتها تقلل من الوقت المخصص لإنجاز المشروع، كونها تعتمد على نفس المراحل وتفاصيلها العامة على اختلاف أصحاب المصلحة (العملاء)، أو حتى اختلاف السياقات. ببساطة يمكن تكرار نفس المراحل لإكمال مشاريع مماثلة نوعًا ما. ومع الإشارة إلى أهمية التوثيق في نمط الشلال، فإن الوثائق تساعد في تسريع العمل الجديد وإدراك المشاكل المحتملة التي من الممكن أن تسبب التأخير، كما تساعد الوثائق أيضًا في كيفية علاج هذه المشاكل.
- سهولة قياس التقدم في المشروع: القائمون على تقنية الشلال يعلمون بالضبط الجدول الزمني وعدد المهام التي اكتملت، وما التسليمات التي قُدمت. بالتالي يحتاجون فقط لبعض الحسابات وتحديد المسار الصحيح، والإجراءات التصحيحية في حال الخروج عن الجدول الزمني. كما يمكن عرض نسبة واضحة من الاكتمال من خلال مخطط دائري لتوصيل الحالة إلى الإدارة بسرعة. يتم أيضًا استخدام مخططات جانت بشكل متكرر في تقنية الشلال لإظهار حالة الجدول الحالي، بما في ذلك علاقات التبعية بين الأنشطة.
سلبيات تقنية الشلال
النواحي السلبية التي سنذكرها فيما يلي لا تقلل أبدًا من فعالية طريقة الشلال في إدارة المشروع، لكنها من الأسباب التي تجعل هذه الطريقة غير ملائمة لجميع أنواع المشاريع. ومن النقاط السلبية نذكر لك:
- طريقة الشلال لا تتكيف مع التغيير: تفتقر طريقة الشلال إلى المرونة، وهو الاختلاف الصريح بين منهجيات الشلال والمنهجيات الرشيقة. حيث يتبع Waterfall نهجًا منظمًا للغاية وتدريجيًا لإنتاج منتج نهائي. وفي حالات السيناريوهات السيئة، قد يضطر الفريق إلى بدء المشروع بأكمله من المرحلة الأولى. وهذا ما يعتبر مكلفًا للغاية من حيث الميزانية ورضا العملاء، ومعنويات الموظفين على حد سواء.
- الحاجة للكثير من التخطيط: لأن منهجية الشلال تتطلب معرفة جميع تفاصيل المشروع مقدمًا، فيجب استخدام جهود شاملة وواسعة النطاق للتخطيط. بدءًا من المقابلات المتعمقة وحتى جلسات العصف الذهني المتعددة، أي الحصول على أكبر قدر ممكن من المعلومات من أكبر عدد ممكن من الأشخاص لتجنب فقدان أي تفاصيل ذات صلة قد تؤثر على المشروع في مراحل لاحقة.
- لا يُسمح بالعمل على عدة مراحل في وقت واحد: لا تسمح طريقة الشلال في إدارة المشروع بالتنقل بين المراحل، على عكس أسلوب Agile. أي لا يمكن تقصير الجدول الزمني للمشاريع من خلال العمل في وقت واحد على مهام متعددة. ونتيجة العلاقات التابعة بين المهام فيجب إتمام كل مرحلة على حدة قبل الانتقال للمرحلة التالية.
حالات الاستخدام المناسبة لطريقة الشلال
تعد طريقة الشلال في إدارة المشروع مناسبة تمامًا للمشاريع التي يمكن التخطيط لها من البداية إلى النهاية حتى قبل أن تبدأ، بالإضافة للمشاريع التي لا تتطلب العمل على مراحل متعددة في نفس الوقت.
فضلًا عن المشاريع التي يكون فيها المنتج والعملية محددين بوضوح. لذلك، تعتبر الصناعات الدوائية وعمليات البناء من المشاريع التي تناسبها منهجية الشلال بشكل كبير. كما اُعتمدت منهجية الشلال لفترات طويلة في المنتجات البرمجية، وفيما بعد تم ادمج بينها وبين تقنيات أخرى تتمتع بالمرونة في مجال البرمجيات. أما الحالات التي لا تناسبها منهجية الشلال فهي المشاريع التي تتطلب العمل على مراحل أو مهام مختلفة في وقت واحد، أو تلك التي تملك حالة نهائية غير واضحة.
تقنية الشلال لمشروع موقع تجارة الكتروني
بالحديث عن المثال الذي اعتمدناه كمشروع وهو إطلاق موقع الكتروني للتجارة، فإن اعتماد الفريق على طريقة الشلال في إدارة المشروع يتلخص بدايةً بجمع المتطلبات اللازمة لإطلاق الموقع وتحليل تلك المتطلبات، مثلًا ماذا سيعرض هذا الموقع وما هو الغرض منه؟.
ويلي ذلك مرحلة التخصيص والتصميم، وهنا يتجه الفريق لتصميم UI/UX. وعند الانتهاء ينتقل المشروع لمرحلة الـ Coding أو البرمجة، لينتهي المطاف بالمشروع لمرحلة التكامل أو الاختبار وهنا بالتحديد يتم إجراء أنواع متعددة من الاختبارات البرمجية لكشف الثغرات أو الأخطاء، وحتى اختبارات المستخدم التجريبية لمعرفة رضا العميل على التسليم النهائي للموقع شكلًا ووظيفةً.
في ختام مقالنا ننوه: إن منهجية الشلال في إدارة المشروع تضيف الدقة والهيكلية لأي مشروع كان، لكن ذات الوقت قد لا تكون هي الاستراتيجية الأنسب لكل مشروع. أي على كل فريق قائم بإدارة مشروع ما أن يلحظ المعايير التي ذكرناها كي يحدد التقنية المناسبة.
فعملية إدارة المشروع لا تقتصر على اختيار منهجية واحدة فقط، بل يمكن أيضًا للفرق الدمج بين عدة تقنيات كالشلال وAgile على سبيل المثال، وذلك في حال كان المشروع بحاجة لبعض المرونة إضافةً للهيكلية.