تُترجم عبارة “تحليل المشروع” بعملية تقييم شاملة لنقاط القوة والضعف في مشروع ما، بالإضافة لتقييم جدوى المشروع والموارد المطلوبة، فضلًا عن الفرص والتهديدات المحتمل مواجهتها. أي أنها وبعبارة أخرى، أسلوب متّبع في إنشاء خطة طوارئ لإدارة المشروع.
لذلك، فإن اختيار نموذج التخطيط الاستراتيجي يساعد وبشكل كبير كل من مديري المشاريع وحتى المؤسسات على حد سواء في تحديد المجالات التي تسلك فيها مشاريعهم أداءًا جيدًا، بالإضافة للمجالات القابلة للتحسين فيما بعد، وذلك من المنظورين الداخلي والخارجي.
الأمر الذي يساعد في زيادة فرص نجاح المشروع بشكل متزايد كما يساهم في تقليل المخاطر التي قد يواجهها، فضلًا عن تحسين عملية التخطيط. ويوضح لك مقالنا أهم استراتيجيات تحليل المشاريع المتّبعة، والتي على أساسها يتم تحديد نقاط الضعف والقوة لمشروع ما.
استراتيجيات تحليل المشروع
كما سبق وأشرنا في بداية مقالنا، تعتبر عملية تحليل المشاريع من الأدوات المستخدمة على نطاق واسع في إدارة المشاريع. حيث ينطوي تحليل المشروع على عملية شاملة ومتكاملة تتضمن تقييم وتدقيق لكل العناصر المختلفة، من تكاليف وجداول زمنية وموارد ومخاطر أيضًا، بهدف تحديد مختلف التأثيرات على الأهداف العامة للمشروع.
لهذا السبب، نقدم لك أهم التقنيات والاستراتيجيات المتبعة في تحليل المشاريع وهي:
- تحليل التكلفة أو ما يعرف بتحليل (العائد): تتضمن هذه الاستراتيجية مقارنة تكاليف المشروع بالفوائد المتوقع تحقيقها من أجل التأكد من أن الفوائد تفوق التكاليف.
- تحليل المخاطر: يقوم هذا التحليل على تحديد التهديدات ونقاط الضعف المحتملة التي يمكن أن تؤثر على المشروع، وبناءًا على تحليل المخاطر يتم تقديم أو تخفيف مستوى الضرر المتوقع أو المحتمل.
- تحليل SWOT: وهو تقنية مهمة في عملية التخطيط الاستراتيجي، حيث يتم من خلاله تقييم نقاط الضعف والقوة والفرص المتاحة، بالإضافة للتهديدات المحتملة للمشروع.
وهنا نشير إلى أن اختيار التقنية المناسبة للمشروع من بين الاستراتيجيات السابق ذكرها أعلاه، يعتمد على تفاصيل ونطاق والقطاع الخاص بالمشروع. أي بمعنى آخر، قد يكون اختيار تحليل SWOT خيارًا ممتازًا لك إن كان مشروعك من النمط التجاري.
وهذا ينطبق على مثالنا عن المنتج البرمجي (موقع تجاري الكتروني) والذي أشرنا إليه في مقال إدارة المشاريع، حيث ينتظر الموقع انطلاقه من قبل شركة برمجية، وهنا استراتيجية SWOT هي الأفضل، كون تحليل SWOT مفيد في تحديد الفرص والتهديدات في السوق.
تحليل التكلفة (العائد)
يوفر تحليل التكلفة الأدوات المناسبة والرؤى الجيدة التي تعمل على تشغيل المشروع بكفاءة عالية. حيث يعتبر كل من تعظيم القيمة وتلبية مصالح المشاركين في أي مشروع أهم العناصر الحيوية التي يشملها تحليل العائد (التكلفة)، والتي تضمن نجاح المشروع.
يتم إجراء تحليل التكلفة في مرحلة التخطيط، ويساعد تحليل المشروع من نمط (تحليل التكلفة) على فهم العلاقة بين التكاليف اللازمة لتنفيذ المشروع والفوائد المحتملة والمتوقع تحقيقها من قبل المشروع. وذلك عبر مقارنة كلا المفهومين لتحديد ما إذا كانت الفوائد تفوق التكاليف أو تحتاج لتعديل مناسب.
خطوات تحليل التكلفة
يتضمن تحليل التكلفة والعائد مجموعة من الخطوات هي:
- تحديد جميع التكاليف والفوائد المحتملة: وذلك بالنظر إلى العناصر الطويلة الأجل والقصيرة، والمباشرة وغير المباشرة، والملموسة وغير الملموسة.
- تخصيص قيمة نقدية للتكاليف: ومن ضمن ذلك إجمالي النفقات اللازمة لإنجاز المشروع، بدءًا من تكاليف التطوير والتشغيل، وصولًا للصيانة.
- تخصيص قيمة نقدية للفوائد: وتشمل هذه القيمة تقديرات بشأن عائدات المشروع مع مرور الوقت من حيث الأرباح، أو مكاسب الكفاءة، أو ما تم توفيره من التكاليف.
- المقارنة بين إجمالي التكاليف والفوائد: وذلك عبر حساب القيمة الصافية للفوائد على التكاليف. وفي حال كانت القيمة إيجابية، عادةً ما يعتبر المشروع قابل للنمو.
كيف يؤثر تحليل التكلفة والعائد على نتائج المشروع؟
يعد تحليل التكلفة والعائد عنصر حاسم في وضع المشروع على طريق النجاح عبر تأثيره على نتائج المشروع بعدة طرق. حيث أنه ومن خلال تعظيم قيمة المشروع، سيؤدي تحليل التكلفة والعائد الذي يتم إجراؤه بشكل جيد إلى مشاريع قادرة على تقديم قيمة أكبر مما تستهلكه. الأمر الذي يؤثر بشكل مباشر على النتائج المالية للمشروع، وبشكل إيجابي في كثير من الأحيان.
تحليل المخاطر
لا يوجد مشروع محصّن بالمطلق من المخاطر. لذلك، يعتبر مفهوم تحليل المخاطر نقطة محورية في إدارة المشروع للسيطرة على المخاطر والتقليل منها قدر المستطاع، عبر تحديد وتقييم العوامل التي من الممكن أن تعرض نجاح المشروع للخطر.
تتنوع المخاطر بشكل عام، ومن الممكن أن تبدأ بتجاوز التكاليف، وتغييرات الموارد، وزحف النطاق، لتصل إلى المشاكل والثغرات التقنية أو التكنولوجية. تساعد استراتيجية تحليل المخاطر في تحديد حجم حالات عدم اليقين أو الشكوك، مما يسهل إدارتها.
كما تعمل هذه الاستراتيجية كدليل لاتخاذ قرارات مستنيرة. عندما يتخذ مديرو المشاريع قرارات مدعومة ببيانات وتحليلات ملموسة، فإن النتائج تميل إلى زيادة احتمالية النجاح.
خطوات تحليل المخاطر
فيما يلي تفاصيل الخطوات المتبعة في هذا التحليل:
- تحديد المخاطر: وتعد الخطوة الأولى وهي اكتشاف المخاطر المحتملة. ويمكن القيام بذلك عبر جلسات العصف الذهني، أو استشارة الخبراء، أو من خلال فحص تجارب المشروع.
- تقييم المخاطر: وتعقب عملية تحديد المخاطر، عبر الانتقال إلى تقييم احتمالية هذه المخاطر وتأثيرها المحتمل، ويتم ذلك عادةً عبر مصفوفة الاحتمالية والتأثير.
- تصنيف المخاطر :وذلك بالاعتماد على نتائج خطوة التقييم، وهنا يتم تصنيف المخاطر بناءًا على احتماليتها وتأثيرها. تساعد هذه الخطوة في تحديد أولويات المخاطر.
- تطوير استراتيجيات الاستجابة: يمكن أن يتم ذلك من خلال تجنب المخاطر أو نقلها أو تخفيفها، أو قبولها.
- المراقبة والمراجعة: تستلزم المراقبة المستمرة للمخاطر، وإجراء مراجعات منتظمة لمواكبة التغييرات المحتملة.
سلبيات تحليل مخاطر المشروع
على الرغم من الفوائد المحتملة لإجراء تحليل المخاطر على المدى البعيد، إلا أن هذا النوع من تحليل المشروع تأتي مع مجموعة من التحديات نذكر منها:
- التقليل من المخاطر: في كثير من الأحيان، تميل فرق المشروع إلى التقليل من التأثير المحتمل للمخاطر التي يمكن أن تؤدي إلى آثار سلبية.
- تحديد غير كامل للمخاطر: يمكن القول أنه من المستحيل تحديد جميع المخاطر، لذلك فإن التحديد غير الكامل للمخاطر يمكن أن يسبب عقبات غير متوقعة.
- نقص الخبرة: يمكن أن يصبح تحليل المخاطر غير فعال في حال لم تتم الاستعانة بمتخصصين ذوي خبرة، مما يؤدي إلى نتائج غير صحيحة.
- مشكلات الاتصال: في حال فقدان التواصل المناسب، فإن التحديد والتحليل المثاليين غير كافيين، فقد تكون هناك استجابات غير مناسبة للمخاطر.
أسلوب SWOT في تحليل المشروع
إن تحليل مشروع قائم يستلزم اختيار الأسلوب الاستراتيجي لتحديد العناصر الأربعة التالية: نقاط الضعف، نقاط القوة ،الفرص المتاحة ،التهديدات الممكنة. ولعلّ نموذج SWOT في تحليل المشاريع هو أبرز هذه الأساليب المستخدمة لهذه الغرض.
حيث يرمز SWOT اختصارًا إلى Strengths, Weaknesses, Opportunities, Threats. ويساعد تحليل SWOT المتبع في إدارة المشاريع على تحسين عملية التخطيط لمشروع والتي سبق وأشرنا إليها بشكل مفصل في مقال سابق، كما أنه يقلل من احتمالية مواجهة المخاطر ويزيد من فرص نجاح المشروع.
العناصر الأربعة في تحليل SWOT
يركز منهج SWOT في تحليل المشروع على النقاط الأربعة التالية:
- نقاط القوة: وهي العوامل الداخلية التي يمكن التحكم بها وتحدد نجاح المشروع. حيث تشمل نقاط قوة المشروع أي جانب يزيد احتمالية النجاح مثل متطلبات المشروع التفصيلية، والعملاء المشاركين، وبرنامج إدارة المشروع القوي، وأعضاء الفريق ذوي الخبرة. مثلًا، بالنسبة لمشروع إطلاق موقع تجارة الكتروني فقد تكون نقاط القوة متمثلة بإتاحة طرق دفع متعددة، مع خدمة التوصيل خلال يوم واحد.
- نقاط الضعف: تشمل العوامل الداخلية التي قد تصعب تحقيق النجاح. على سبيل المثال، إذا لم يعمل أعضاء الفريق معًا بشكل مسبق، وكان العديد من الأعضاء جددًا وعديمي الخبرة. ومن نقاط الضعف الداخلية الأخرى نذكر تخصيص الموارد بشكل عام، أو عدم رؤية التقدم، أو انفصال أصحاب المصلحة (العملاء أو الزبائن)، أو نقص تمويل المشروع. مثلًا تعتبر ارتفاع تكاليف التوصيل وضعف خدمة الزبون، بالإضافة لمحدودية طرق الدفع نقاط ضعف بالنسبة لموقع تجارة الكتروني.
- الفرص: هي عوامل خارجة عن السيطرة يمكن أن تساعد المشروع على النجاح. كما يمكن أن تكون فرصًا حالية موجودة الآن ولكن لم يتم الاستفادة منها بعد، أو فرصًا مستقبلية من المرجح أنها قد تحدث. وبالإسقاط على مثال الموقع الالكتروني للتجارة، قد تتمثل الفرص بالاهتمام المتزايد للمستهلكين ببعض المنتجات المعروضة ضمن الموقع.
- التهديدات: هي العوامل الخارجية التي قد تضر بالمشروع في حال حدوثها. وبشكل مشابه للفرص، يمكن أن تكون التهديدات حالية أو مستقبلية. في مثالنا عن موقع التجارة الالكتروني، قد تكون التهديدات متمثلة بزيادة أسعار المواد الخام أو السياسة الضريبية، أو إضافة منتجات جديدة، وحتى ظهور منافسين جدد.
ما هي العناصر الهامة التي يجب مراعاتها في تحليل المشاريع؟
تعتبر كل من أهداف المشروع، والمهام والأنشطة المخططة، والموارد والتكاليف اللازمة، والجدول الزمني للإنجاز، والمخاطر والتحديات المحتملة، والفوائد والنتائج المتوقعة من أهم العناصر الواجب مراعاتها عند تحليل المشروع.
ما هو دور الاعتبارات المالية في تحليل المشاريع؟
للاعتبارات المالية دورًا حيويًا في تحليل المشروع عبر إعلام عملية صنع القرار، وتحديد جدوى المشروع، وتقدير الاستثمار المطلوب، وإعداد الميزانية، وتقييم الربحية المحتملة أو ما يعرف بـ (عائد الاستثمار).
كيف يمكن أن يؤثر تقييم المخاطر على نتائج تحليل المشروع؟
يمكن أن يؤثر تقييم المخاطر بشكل كبير على تحليل المشروع من خلال تحديد التهديدات ونقاط الضعف المحتملة التي يمكن أن تقوض نجاح المشروع. فضلًا عن ذلك، فهو يساعد في وضع استراتيجيات خطط التخفيف ويساعد في اتخاذ القرار، الأمر الذي يزيد احتمالية تحقيق أهداف المشروع.
ما هي الأساليب المستخدمة للتحليل الشامل للمشروع؟
من ضمن الأساليب المستخدمة عادةً في إجراء تحليل شامل للمشروع دراسة الجدوى، وتحليل SWOT، وتحليل التكلفة والعائد، وتحليل المخاطر. كما يمكن استخدام تقنيات أخرى مثل طريقة المسار الحرج (CPM)، وتقنية تقييم ومراجعة البرامج (PERT).
في الختام: نؤكد أن تحليل المشروع هو بمثابة العمود الفقري لإدارة المشاريع الفعالة. وكلما كان الفريق المتخصص في عملية التحليل ذو خبرة أكبر، كلما انعكس ذلك إيجابيًا على تقدم المشروع.
وفضلًا عن الأنماط الثلاثة في تحليل المشاريع من تحليل المخاطر وتحليل العائد واستراتيجية SWOT والسابق ذكرها في مقالنا، هناك استراتيجيات أخرى مفيدة نذكر لك منها: تحليل القيمة المكتسبة EVA، بالإضافة لتحليل صاحب المصلحة. وبتكامل هذه التحاليل بعضها مع بعض يمكن مراقبة أداء الميزانية والمشروع وتحديد المخاطر، وتسهيل اتخاذ القرارات.