ما هو التداول الكمي ومتى يمكن للمتداول استخدامه

جدول المحتويات

كانت القوة الحسابية والإحصائية شرطًا أساسيًا في التداول الكمي فيما سبق من سنوات. ولهذا السبب اُستخدم سابقًا تحليل الكم وبشكل حصري من قبل المستثمرين المؤسسيين الكبار وصناديق التحوط. لكن الذكاء الصناعي وما حمله من تطور كبير، مكّن أعدادًا متزايدة من المتداولين الأفراد من المشاركة أيضًا في هذا النوع من استراتيجيات التداول.

كما بُني هذا النوع من التداول على البحث والقياس لتجريد أنماط السلوك المعقدة إلى قيم عددية. بالإضافة للنماذج الرياضية والإحصائية القائمة على التحليل الكمي لتحديد الفرص وتنفيذها في التداول، ومن هنا استمدت هذه الاستراتيجية اسمها وأطلق عليها التداول الكمي.

ما هو التداول الكمي؟

يعرف هذا النوع من التداول بأنه استراتيجية قائمة على البحث والنماذج الرياضية والقياس، لتجريد أنماط السلوك المعقدة إلى قيم عددية بطريقة معاكسة للتحليل النوعي. حيث يقيّم التحليل النوعي الفرص بناءًا على عوامل ذاتية مثل الخبرة الإدارية أو قوة العلامة التجارية.

في حين، يستخدم التداول الكمي النماذج القائمة على البيانات لتحديد احتمالية حدوث نتيجة معينة، ويكتفي فقط بالأساليب الإحصائية والبرمجة للقيام بذلك. وبعد ما قدمته الأسواق الإلكترونية من توسع هائل، وكميات كبيرة من بيانات التداول، والأصول الجديدة والأوراق المالية، فقد جاءت الفرصة لاستخراج البيانات، والبحث والتحليل وأنظمة التداول الآلية.

ومن الأمثلة على تطبيق استراتيجية الكم في التداول استخدام نموذج برنامج يقوم بملاحظة الارتفاعات الكبيرة في حجم أسهم شركة Apple، والتي تتبعها بسرعة تحركات كبيرة في الأسعار. وهنا سيقوم البرنامج بالبحث عن هذا النمط عبر تاريخ سوق Apple بالكامل.

وفي حال وجد البرنامج أن النموذج قد أدى إلى تحرك صعودي بنسبة 95٪ من الوقت في الماضي، فسوف يتنبأ نموذجك باحتمالية بنسبة 95٪ لحدوث أنماط مماثلة في المستقبل.

التداول الكمي

تطور التحليل الكمي في التداول

يُنسب الفضل في التحليل الكمي للمستثمر (هاري ماركويتز) باعتباره أحد المستثمرين الأوائل الذين طبقوا النماذج الرياضية على الأسواق المالية. حيث نشر في مجلة أطروحته للدكتوراه والتي طبقت قيمة عددية على مفهوم تنويع المحفظة الاستثمارية .وفيما بعد ساعد ماركويتز كلًا من (إد ثورب) و(مايكل جودكين)، وهما مديران للصناديق، في استخدام أجهزة الكمبيوتر للمراجحة لأول مرة.

وفي فترة السبعينيات والثمانينيات وما حملته من تطورات، أصبح التحليل الكمي أكثر انتشارًا. وقد مكّن نظام تحويل الأوامر المعينة (DOT) بورصة نيويورك (NYSE) من تلقي الأوامر إلكترونيًا للمرة الأولى، كما قدمت محطات بلومبرج الأولى بيانات السوق في الوقت الفعلي للمتداولين.

وبحلول التسعينيات، أصبحت الأنظمة الخوارزمية أكثر شيوعًا وبدأ مديرو صناديق التحوط في تبني المنهجيات الكمية. بعد ذلك، ظهر التداول عالي التردد، وكان السبب في تعريف المزيد من الناس على مفهوم القياس الكمي. وبحلول عام 2009، تم تنفيذ 60٪ من تداولات الأسهم الأمريكية من قبل مستثمري التداول عالي التردد، الذين اعتمدوا على نماذج رياضية لدعم استراتيجياتهم.

الفرق بين التداول الكمي والتداول الخوارزمي

يعتمد المتداول الذي يستخدم التداول الخوارزمي أو المعروف باسم المتداول الخوارزمي على الأنظمة الآلية التي تحلل أنماط الرسم البياني، ثم تفتح وتغلق المراكز نيابةً عنه. في حين يستخدم المتداول الكمي الأساليب الإحصائية لتحديد الفرص، ولكن ليس بالضرورة تنفيذها. على الرغم من تداخل المفهومين مع بعضهما البعض، إلا أن كل منهما تقنية منفصلة عن الأخرى ولا يجوز الخلط بينهما.

والجدول التالي يبين الفروقات الهامة بينهما:

                                   التداول الكمي                          التداول الخوارزمي
يستخدم النماذج لتحديد الفرص، وفتح المراكز يكون يدويًا تنفيذ الأنظمة الخوارزمية بالنيابة عن المتداول
استخدام أساليب رياضية متقدمة الاعتماد على التحليل الفني التقليدي
يستخدم الكثير من مجموعات البيانات المختلفة تحليل الرسوم البيانية من البورصات فقط للعثور على مراكز جديدة

التداول الكمي والتداول الخوارزمي

التداول عالي التردد HFT

التداول عالي التردد هو تقنية تتضمن استخدام برامج الكمبيوتر لفتح وإغلاق عدد كبير من المراكز المختلفة خلال فترة قصيرة. ويرتبط غالبًا هذا المفهوم بالتداول الكمي، حيث يجب تحديد فرص HFT وتنفيذها على الفور، ولأن ذلك غير ممكن تنفيذه من قبل الإنسان يدويًا، تعتمد شركات HFT على المتداولين الكميين لبناء استراتيجيات للقيام بذلك نيابةً عنهم.

من هو المتداول الكمي؟

يختلف المتداول الكمي عن المستثمر التقليدي، نتيجة اتباعه منهجًا مختلفًا تمامًا في التداول، إليكم بعض الاختلافات بين متداولي النمطين:

  • بدلاً من الاعتماد على خبرته في الأسواق المالية، فإن المتداول الكمي هو بمثابة عالم رياضيات بكل معنى الكلمة. ولهذا السبب تبحث معظم الشركات التي توظف محللين كميين عن شهادة في الرياضيات أو الهندسة أو النمذجة المالية. لأنها تتطلب خبرة في استخراج البيانات وإنشاء أنظمة آلية .
  • كما يقوم المتداول الكمي بتخصيص استراتيجية حالية بمعدل نجاح مثبت. ولكن بدلًا من استخدام النموذج لتحديد الفرص يدويًا، يقوم المتداول الكمي ببناء برنامج للقيام بذلك نيابةً عنه. الأمر الذي يتطلب خبرة كبيرة في برمجة الكمبيوتر، بالإضافة إلى القدرة على العمل مع خلاصات البيانات وواجهات برمجة التطبيقات .(APIs) ولهذا السبب فإن معظم المحللين الكميين على دراية كبيرة بالعديد من لغات البرمجة، بما في ذلك C++ و Java وPython

بيانات يحتاجها المتداول الكمي

يعتبر السعر والحجم هما نقطتا البيانات الأكثر شيوعًا التي يتم فحصهما من قبل المتداولين الكميين. ولكن بالإضافة لذلك، فإن أي معلمة يمكن استخلاصها من قيمة عددية من الممكن دمجها في الاستراتيجية. مثلًا قد يقوم بعض المتداولين ببناء أدوات لمراقبة معنويات المستثمرين عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

مكونات أنظمة التداول الكمية

على الرغم من اختلاف أنظمة التداول التي يتم تطويرها من قبل المتداول الكمي لتحديد الفرص الجديدة، وفي كثير من الأحيان لتنفيذها أيضًا، إلا أن غالبيتها تحتوي عادةً على نفس المكونات وهي:

الاستراتيجية

يقوم المحلل الكمي قبل إنشاء النظام بالبحث في الاستراتيجية التي يريد اتباعها. وفي كثير من الأحيان، يأخذ هذا شكل فرضية. وفي حال وجود استراتيجية قائمة، فإن المهمة التالية هي تحويلها إلى نموذج رياضي، ثم تحسينها لزيادة العوائد وتقليل المخاطر. وعند هذه النقطة  سيقرر الكمي عدد مرات تداول النظام.

حيث تعمل الأنظمة عالية التردد على فتح وإغلاق العديد من المراكز كل يوم، بينما تهدف الأنظمة ذات التردد المنخفض إلى تحديد الفرص طويلة المدى.

الاختبار الخلفي Backtesting

يقوم الاختبار الخلفي بتطبيق الاستراتيجية على البيانات التاريخية، للحصول على فكرة عن كيفية أدائها في الأسواق الحية. ويستخدم الكمي غالبًا هذا الاختبار لتحسين النظام بشكل أكبر، في محاولة لحل  مكامن الخلل.

كما يعتبر الاختبار الخلفي جزءًا أساسيًا من أي نظام تداول آلي، ولكن النجاح في هذا الاختبار لا يضمن الربح عندما يكون النموذج حيًا. ومن الأسباب التي تؤدي إلى استمرار فشل الاستراتيجية التي تم اختبارها بالكامل نذكر البيانات التاريخية غير الدقيقة، أو تحركات السوق غير المتوقعة.

التنفيذ

يحتوي كل نظام على مكون التنفيذ، مهما كان نوعه بدءًا من الآلي بالكامل إلى اليدوي بالكامل. حيث تستخدم الاستراتيجية الآلية عادةً واجهة برمجة التطبيقات  (API) لفتح وإغلاق المراكز في أسرع وقت ممكن دون الحاجة إلى تدخل بشري. أما الدليل اليدوي فقد يستلزم قيام المتداول باستدعاء وسيطه لإجراء عمليات التداول.

أما أنظمة HFT مؤتمتة بالكامل بطبيعتها، أي لا يستطيع المتداول البشري فتح وإغلاق المراكز بسرعة كافية لتحقيق النجاح.

من أهم أجزاء التنفيذ هو تقليل تكاليف المعاملات، حيث تشمل العمولة والضرائب والانزلاق والفارق. يتم استخدام خوارزميات متطورة لخفض تكلفة كل صفقة، لأنه وحتى الخطة الناجحة يمكن أن يتم إسقاطها إذا كان فتح وإغلاق كل مركز يكلف الكثير.

إدارة المخاطر

تعتبر إدارة المخاطر مطلب ضروري لأي شكل من أشكال التداول. يعد تخصيص رأس المال مجالًا مهمًا لإدارة المخاطر، وهو أمر معقد خاصة عند التعامل مع الاستراتيجيات التي تستخدم الرافعة المالية.

وينبغي للاستراتيجية المؤتمتة بالكامل أن تكون محصنة ضد التحيز البشري، وهذا فقط في حال تركها منشئها بمفردها.

مكونات أنظمة التداول الكمية

إيجابيات وسلبيات التداول الكمي

نبين لك قائمة بأهم مزايا وعيوب التداول القائم على التحليل الكمي:

الإيجابيات:

  • يمكّن تداول الكم من تحليل عدد هائل من الأسواق عبر نقاط بيانات لا حدود لها.
  •  إزالة العاطفة من عملية الاختيار والتنفيذ، تساعد في تخفيف بعض التحيزات البشرية التي يمكن أن تؤثرغالبًا على التداول، نتيجة اتخاذ القرارات المدعومة بالبيانات.

السلبيات:

  •   جودة النماذج والأنظمة تكون بجودة الشخص الذي أنشأها. خاصةً وأن الأسواق المالية غالباً ما تكون غير قابلة للتنبؤ بها، كما أنها ديناميكية باستمرار، والنظام الذي يحقق الربح في يوم ما قد يصبح سيئ في اليوم التالي.

استراتيجيات التداول الكمية

يستخدم المتداولين الكميين عدد كبير من الاستراتيجيات، تتراوح بين البسيطة إلى المعقدة جدًا، وفيما يلي ستة أمثلة شائعة:

  1. الارتداد المتوسط: نظرية مالية تفترض أن الأسعار والعوائد لها اتجاه طويل الأجل، وأي انحرافات ينبغي أن تعود في نهاية المطاف إلى هذا الاتجاه. سوف يقوم الكمي بكتابة التعليمات البرمجية التي تجد الأسواق ذات متوسط ​​طويل الأمد، وتسلط الضوء عليها عندما تنحرف عنها. إذا تباعدت، فسيقوم النظام بحساب احتمالية تجارة قصيرة مربحة، وإذا تباينت للأسفل، فسوف تفعل الشيء نفسه بالنسبة لمركز طويل.
  2. اتباع الاتجاه أو تداول الزخم : يعد اتباع الاتجاه أحد أكثر الاستراتيجيات وضوحًا، حيث يسعى فقط إلى تحديد حركة السوق المهمة عند بدايتها ومتابعتها حتى نهايتها.
  3. المراجحة الإحصائية: المراجحة الإحصائية تعمل على أساس أن مجموعة من الأسهم المماثلة يجب أن تؤدي أداءًا مماثلاً في الأسواق. إذا كانت أي أسهم في تلك المجموعة تتفوق أو تقل عن المتوسط، فإنها تمثل فرصة للربح.
  4. التعرف على الأنماط الخوارزمية : بناء نموذج يمكنه تحديد متى ستقوم شركة مؤسسية كبيرة بإجراء تجارة كبيرة، حتى تتمكن من التداول ضدها. يُعرف أيضًا باسم التشغيل الأمامي عالي التقنية.
  5. التعرف على التحيز السلوكي : استراتيجية تستغل المراوغات النفسية لمستثمري التجزئة.
  6. تداول قواعد EFT : تسعى هذه الاستراتيجية إلى الاستفادة من العلاقة بين المؤشر والصناديق المتداولة في البورصة (ETFs)  التي تتبعه. وعند إضافة سهم جديد إلى المؤشر، غالبًا ما يتعين على صناديق الاستثمار المتداولة التي تمثل هذا المؤشر شراء هذا السهم أيضًا.

في ختام مقالنا ننوه:

وظيفة المتداول الكمي والامتيازات المرتبطة بها مربحة للغاية، إلا أن الأشخاص المؤهلين لهذا المجال شديد التنافسية يحتاجون إلى مهارات ومعرفة رياضية كبيرة. عادةً ما يحتاج التداول الكمي لأشخاص بمعدل نجاح جيد، وبصرف النظر عن كل البنية التحتية والمهارات والمعرفة اللازمة، يحتاج المتداول إلى أن يملك العقلية الصحيحة ليكون ناجحا كميًا.

 

 

 

مشاركة
Facebook
Twitter
Pinterest
LinkedIn
Telegram

اترك تعليقاً

Scroll to Top