الاستثمار والادخار هما مفهومان في مجال المال والاقتصاد. كلاهما يهدف إلى تحسين الوضع المالي للفرد أو المؤسسة، ولكن بطرق مختلفة. ولا بد من فهم هذين المفهومين ومعرفة مخاطر كل منهما وفوائده، من أجل الاستخدام الصحيح لتحقيق الهدف المالي المخطط له. وفي هذا المقال سنتعرف على أهم المعلومات حول الاستثمار والادخار والفرق بينهما، وكيفية تحديد ما هو الخيار الأمثل لاستخدامه من أجل الهدف المرغوب.
الاستثمار والادخار
الاستثمار والادخار هما مفاهيم اقتصادية مهمة تتعلقان بإدارة المال وتحقيق الأهداف المالية على المدى الطويل والقصير. إن فهم وممارسة هذين المفهومين بشكل مناسب يمكن أن يسهم في تحقيق الاستقرار المالي الشخصي والمؤسساتي، ويمنح الفرصة للنمو والتوسع في المستقبل.
ما هو الاستثمار؟
الاستثمار هو وسيلة لزيادة رأس المال الخاص بك على مر الزمن عن طريق وضع أموالك في أصول مالية مثل الأسهم، السندات، وصناديق الاستثمار المشتركة. ويتضمن الاستثمار تحمل بعض المخاطر، ولكنه يتيح أيضًا فرصًا لتحقيق عوائد أعلى على المدى الطويل. وهو وسيلة لتحقيق أهداف مالية طويلة الأمد، مثل تمويل تعليم الأطفال، أو الدفعة الأولى لشراء منزل، أو التقاعد. وبما أن الاستثمار يتضمن بعض المخاطر، فمن الضروري اختيار قواعد الاستثمارات الناجحة، التي تناسب أهدافك المالية وقدرتك على تحمل المخاطر والفترة الزمنية.
عمومًا، كلما استثمرت لفترة أطول، زادت المخاطر التي يمكنك تحملها، لأن لديك المزيد من الوقت للتعامل مع تقلبات سوق الأسهم.
مثال عن الاستثمار
مثال على ذلك هو استخدام خطة التقاعد 401(k)، حيث تعتبر من استراتيجيات الاستثمار الجيدة. وتتضمن خطة التقاعد 401(k) تخصيص جزء من دخلك للاستثمار في محفظة متنوعة من الأصول المالية، مثل الأسهم والسندات وغيرها، بهدف زيادة المدخرات الخاصة بك على مر الزمن. تعد خطة 401(k) نوعًا من حسابات التقاعد التي يقدمها أصحاب العمل لموظفيهم.
يمكن من خلالها المساهمة بنسبة مئوية من راتبك، وقد يُطابق صاحب العمل مساهمتك بمبلغ محدد. وعندها تُستثمر الأموال التي تتم المساهمة بها في الخطة في محفظة تتألف من صناديق الاستثمار المشتركة والأسهم والسندات المحددة من قِبل المسؤول عن الخطة.
إيجابيات الاستثمار
هذه بعض الإيجابيات الرئيسية للاستثمار، والتي تشمل:
تحقيق عوائد أعلى من المدخرات
يوفر الاستثمار فرصًا لتحقيق عوائد مالية أعلى من مجرد حفظ الأموال في حسابات التوفير، وذلك من خلال استثمارها في الأسهم، السندات، العقارات وغيرها من الأصول التي تنمو وتتزايد قيمتها مع مرور الوقت.
تحقيق الأهداف المالية طويلة المدى
يساعدك الاستثمار في تحقيق الأهداف المالية الطويلة مثل التقاعد أو شراء منزل، حيث يمكن أن تنمو للأصول المستثمرة بمرور الزمن وتوفر مبلغًا كبيرًا من الأموال لتحقيق تلك الأهداف.
تنويع المحفظة لتقليل المخاطر المالية
يقلل الاستثمار من المخاطر المالية من خلال توزيع الاستثمارات على مجموعة متنوعة من الأصول مثل الأسهم والسندات والسلع، حيث أن تراجع أداء واحدة من الأصول يمكن أن يعوضه تحسن أداء أصول أخرى في المحفظة.
عيوب الاستثمار
إليك بعض العيوب الرئيسية للاستثمار، والتي يجب أن يأخذ المستثمرون بها عند اتخاذ قراراتهم المالية:
خطر الخسارة وخاصة على المدى القصير
يشمل الاستثمار مخاطر مالية، وقد يتعرض المستثمرون لخسائر في قيمة أصولهم نتيجة لتقلبات السوق وظروف اقتصادية غير متوقعة، وخاصة على المدى القصير.
الانضباط والالتزام لاتخاذ القرارات المالية الصائبة
يتطلب الاستثمار مستوى عالٍ من الانضباط والالتزام في اتخاذ القرارات المالية الصائبة، حيث يجب على المستثمرين أن يقوموا بتحليل السوق والأصول المحتملة واتخاذ القرارات المناسبة وفقًا لأهدافهم المالية.
آفاق زمنية أطول لتحقيق العائد المرجو
يتطلب الاستثمار وقتًا أطول لتحقيق العائد المالي المرجو، خاصة عند الاستثمار في أصول طويلة الأجل مثل العقارات أو صناديق الاستثمار. يجب أن يكون المستثمرون على استعداد للاستثمار لفترات طويلة وتحمل التقلبات القصيرة الأجل في السوق.
ما هو الادخار؟
يحفظ الأشخاص الأموال للاستخدام في عمليات الشراء وللطوارئ. يعتبر الادخار جزءًا أساسيًا من التخطيط المالي الشخصي، حيث يتم تخصيص الأموال للاستفادة منها في المستقبل. يمكن اعتبار ذلك مثل وضع النقود في صندوق، ولكن بدلاً من صندوق فعلي، يمكن استخدام حساب توفير أو شهادة إيداع (CD) التي تحقق عائدًا مع مرور الوقت. يمكن توفير الأموال لأغراض مختلفة، مثل شراء شيء جديد، أو السفر في عطلة، أو إنشاء صندوق طوارئ لتغطية النفقات غير المتوقعة.
يعتبر التوفير وسيلة ممتازة لتحقيق الأهداف المالية القصيرة الأجل والاستعداد للظروف غير المتوقعة، مثل إصلاح السيارة أو تكاليف الرعاية الصحية. من خلال التوفير بانتظام، يمكنك بناء وسادة مالية تساعدك على تجاوز الأوقات الصعبة. عادةً ما تكون الحسابات التوفيرية ذات مخاطر منخفضة، مما يعني أن أموالك آمنة، ولكن أيضًا أن أسعار الفائدة التي تحصل عليها منخفضة.
اقرأ أيضًا: أفضل كتب تعلم الاستثمار وجني المال
مثال عن الادخار
أحد الأمثلة التوضيحية للتوفير هو تخصيص جزء من بدل أو راتبك شهريًا لحساب التوفير. لنفترض أنك ترغب في توفير 1000 دولار لشراء جهاز كمبيوتر محمول جديد، ولديك مدة عشرة أشهر لتحقيق هذا الهدف. عن طريق تخصيص 100 دولار كل شهر، يمكنك تحقيق هدفك دون الحاجة لدفع فائدة على قرض أو بطاقة ائتمان.
بالإضافة إلى ذلك، يمكنك استخدام التحويلات التلقائية لضمان استمرار التوفير بدون الحاجة لتذكر القيام بذلك يدويًا.
إيجابيات الادخار
الادخار له العديد من الفوائد، منها:
يبني صندوق الطوارئ
يمكن استخدام الادخار لإنشاء صندوق طوارئ يساعد في التعامل مع الأحداث غير المتوقعة، مثل فقدان الوظيفة أو الأعطال الطارئة في المنزل. يوفر هذا الصندوق الاحتياطي حماية مالية وراحة نفسية.
تمويل الأهداف القصيرة الأجل
يمكن استخدام الادخار لتحقيق الأهداف القصيرة الأجل، مثل شراء البقالة، أو شراء هاتف جديد، أو التمتع بعطلة قصيرة. يوفر التوفير السيولة اللازمة لتحقيق هذه الأهداف دون الحاجة إلى اللجوء إلى قروض أو انتظار فترة طويلة.
حد الخسارة الأدنى
عندما تودع المدخرات في البنوك، فإنها تحمى بواسطة FDIC (مؤسسة تأمين الودائع الفيدرالية) في الولايات المتحدة. هذا يعني أنه حتى في حالة إفلاس البنك، ستكون المدخرات محمية وسيتم استعادتها بشكل كامل حتى الحد الأقصى المحدد.
عيوب الادخار
ومع ذلك، هناك بعض العيوب التي يجب مراعاتها، مثل:
عوائد أقل بكثير
يتعرض الاستثمار لتقلبات سوقية وعدم استقرار، مما يؤدي إلى عوائد أقل من المتوقع أو حتى خسارة الأموال المستثمرة.
تأثره بالتضخم
يفقد الاستثمار قوته الشرائية مع مرور الوقت في حالة حدوث ارتفاع في معدلات التضخم، مما يقلل من قيمته الحقيقية.
تكاليف الفرصة البديلة
عندما تستثمر في أصول آمنة ذات عوائد منخفضة، فإنك تفقد الفرصة للاستثمار في أصول أكثر خطورة ولكن ذات عوائد محتملة أعلى. قد تفوتك الفرصة لتحقيق عوائد أكبر.
عدم التوافق مع الأهداف المالية القصيرة الأجل
في بعض الأحيان، قد يكون الاستثمار غير مناسب لتحقيق الأهداف المالية القصيرة الأجل، حيث قد يكون هناك حاجة ملحة للسيولة أو الوصول إلى الأموال في وقت قريب.
الفرق بين الادخار والاستثمار
بستخدم الاستثمار والادخار في الحديث والتخطيط المالي. وعلى الرغم من أنهما يهدفان إلى تحقيق أهداف مالية، إلا أنهما يختلفان في الطريقة التي يتم بها تحقيق هذه الأهداف والمخاطر المرتبطة بها. ولمعرفة الفرق بين الادخار والاستثمار نبين لكم أوجه الاختلاف التالية بينهما:
الفرق من حيث مدى الأهداف المحققة
- الادخار: يعتبر حساب الادخار (التوفير) وسيلة مناسبة لتحقيق الأهداف الصغيرة والقصيرة المدى في المستقبل القريب، مثل توفير المال لشراء كميات كبيرة أو لمواجهة حالات الطوارئ.
- الاستثمار: يساعدك الاستثمار في تحقيق الأهداف طويلة المدى، مثل تكاليف تعليم الطفل أو التخطيط للتقاعد.
الفرق بين الادخار والاستثمار من حيث الوصول إلى النقد
- الادخار: يوفر حساب الادخار إمكانية الوصول إلى الأموال النقدية عندما تحتاج إليها بسهولة ويسر، مما يضمن توفر السيولة المالية في حالات الضرورة.
- الاستثمار: يستغرق الوصول إلى الأموال عند الاستثمار وقتًا أطول مقارنةً بحساب التوفير، اعتمادًا على نوع الاستثمار الذي تقوم به.
الفرق من حيث حد المخاطرة
- الادخار: يقدم حساب التوفير حماية لأموالك من خلال تأمينها بواسطة مؤسسة التأمين التي يتعامل معها البنك المودوع عنده.
- الاستثمار: لا يضمن العائد وينطوي دائمًا على مخاطر. قد تتعرض لخسارة جزئية أو كلية للأموال المستثمرة.
الفرق من حيث كسب الفائدة
- الادخار: يمكنك كسب الفائدة على أموالك من خلال إيداعها في حساب التوفير. ومع ذلك، يجب العلم أن حسابات التوفير عادة ما تحقق عائدًا أقل من الاستثمارات الأخرى.
- الاستثمار: تتمتع الاستثمارات بإمكانية تحقيق عوائد أعلى من حساب التوفير. يمكنك تحقيق مكاسب إضافية من خلال الاستثمار في أنواع مختلفة من الأصول مثل الأسهم أو العقارات.
ما هو الأفضل الادخار او الاستثمار
لا يمكن تحديد ما هو الأفضل الادخار او الاستثمار، حيث يعتمد الاختيار على عوامل متعددة تتعلق بالأهداف المالية الشخصية والتحمل للمخاطر والظروف المالية الفردية.
إذا كنت تبحث عن الأمان والاستقرار المالي، فإن الادخار يمكن أن يكون الاختيار الأمثل لك. يمكنك وضع جزء من دخلك في حسابات مصرفية أو صناديق التوفير التي توفر سيولة مرنة وتسمح لك بالوصول إلى أموالك في أي وقت. حيث يعتبر الادخار خيارًا أكثر أمانًا، لا تتعرض لمخاطر كبيرة ولا تتأثر بتقلبات السوق.
من ناحية أخرى، إذا كانت لديك أهداف مالية طويلة الأجل مثل التقاعد أو تحقيق عائد مالي أعلى، فقد يكون الاستثمار الخيار الأمثل. من خلال الاستثمار، يمكنك وضع أموالك في أصول مختلفة مثل الأسهم والعقارات والسندات وصناديق الاستثمار وغيرها، بهدف تحقيق عائد مالي أعلى على المدى الطويل.
ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن الاستثمار ينطوي على مخاطر مالية، وقد يتعين عليك قبول تقلبات السوق واحتمالية خسارة جزء من رأس المال.
لذا، من الأجدر أن تقوم بتقييم وضعك المالي وأهدافك الشخصية ومدى تحملك للمخاطر قبل اتخاذ قرار بين الاستثمار والادخار. قد يكون الجمع بين الادخار والاستثمار أفضل خيار، حيث يمكن استخدام الادخار لتأمين الاحتياجات الضرورية والاستثمار لتحقيق الأهداف المالية الطويلة الأجل.
في نهاية هذا المقال، تعرفنا على الفرق بين الادخار والاستثمار وأهم المعلومات حول هذين المصطلحين. ونؤكد في الختام على دراسة الهدف المالي المخطط له، قبل اختيار الوسيلة سواء كانت ادخار أو استثمار.