سيكولجية التداول هي مجال يستحق الاهتمام في عالم الأسواق المالية. حيث يتعلق الأمر بفهم كيفية الانضباط و إبعاد عاطفة التداول عن قرارات التداول. ويثير تأثير علم النفس على التداول اهتمام العديد من الأشخاص في هذا المجال. فمن المعروف أن التداول يتطلب اتخاذ قرارات سريعة وتحمل ضغوطات نفسية كبيرة.
لذلك فإن فهم العوامل النفسية يمكن أن يساعد المتداولين على تحقيق أداء أفضل ونتائج أكثر نجاحًا في عملياتهم التداولية. وفي هذا المقال سنتعرف على ماهية سيكولجية التداول، وما هو تأثير علم النفس على المتداولين.
ما هي سيكولجية التداول
يُعرف علم نفس التداول بأنه الدراسة التي تركز على الحالة العقلية والعواطف للمتداولين، والتي تلعب دورًا حاسمًا في تحديد نجاح أو فشل عمليات التجارة. ويهتم علم نفس التداول بتحليل سلوك المتداولين والصفات النفسية التي تؤثر على القرارات التي يتخذونها أثناء التداول في الأسواق المالية.
بالرغم من أن العوامل الأخرى، مثل الخبرة والمعرفة التجارية، لها تأثير على نجاح المتداول، إلا أن علم نفس التداول يعد عاملًا مهمًا يمكن أن يؤدي إلى النجاح أو الفشل في التجارة.
وبعض المشاعر والعواطف التي يواجهها المتداولون قد تكون مفيدة، في حين أن المشاعر الأخرى مثل العصبية والخوف والجشع قد تكون ضارة بنجاح التداول، وبالتالي ينبغي تسييرها بحكمة. وعادةً ما يتجنب المتداولون الذين يفهمون علم نفس التداول اتخاذ القرارات بناءً على العواطف أو التحيزات. فهذا يساعدهم على زيادة فرصهم لتحقيق أرباح أثناء التداول، وفي أسوأ الحالات، يمكنهم تقليل حجم الخسائر.
هل يلعب علم النفس دورًا في التداول
يلعب علم النفس دورًا كبير في التداول، ويتطلب فهمًا لتأثير المشاعر مثل الجشع والخوف، والقدرة على التحكم فيها لتحقيق نجاح في عمليات التجارة. ولمعرفة كيفية تأثير علم النفس على التداول إليكم أهم أساسيات هذا العلم التي تؤثر في قرارات المتداول وهي:
تأثير المشاعر
تختلف سيكولجية التداول من شخص لآخر وتتأثر بمشاعر المتداول وتحيزاته. والمشاعر الرئيسية التي قد تؤثر على نجاح أو فشل التجارة هي الجشع والخوف.
الجشع
يتم تعريف الجشع بأنه الرغبة المفرطة في تحقيق الأرباح، ويمكن أن يؤثر على عقلانية المتداول وحكمه. حيث من الممكن أن يدفع الجشع المتداول لاتخاذ قرارات غير مدروسة مثل شراء أسهم شركات غير مختبرة أو الاستثمار بدون فهم أساسي للسوق.
الخوف
هو العكس من الجشع ويدفع الناس للخروج من التجارة قبل الأوان أو يمتنعون عن اتخاذ مواقف محفوفة بالمخاطر بسبب المخاوف من الخسائر. يمكن أن يجعل الخوف المستثمرين يتصرفون بطريقة غير عقلانية ويبيعون بدافع الذعر خلال الأسواق الهابطة.
أهمية التحكم في العواطف
يلعب الخوف والجشع دورًا مهمًا في استراتيجية المتداول. وفهم كيفية التحكم في العواطف ضروري لتحقيق النجاح في التداول.
فهم سيكولجية التداول
يعتبر فهم سيكولوجية التداول والتحكم في العواطف مهمًا للمتداولين. حيث يمكن للمتداولين الذين يدركون المشاعر التي تؤثر على تداولاتهم أن يكونوا أكثر قدرة على توقع حركات السوق التي تنجم عن سلوك المتداولين الآخرين، وبالتالي يمكنهم تحقيق مزايا أكبر استنادًا إلى المعنويات المفيدة للسوق.
حيث ترتبط المشاعر بمعنويات السوق، والتي تعكس المزاج العام للسوق، وتتصف غالبًا بأنها صاعدة أو هابطة.
عندما تكون الأسعار في ارتفاع، فإن ذلك يعكس المشاعر الإيجابية (التفاؤل) في السوق. وعلى العكس من ذلك، عندما تكون الأسعار في انخفاض، فإن ذلك يشير عادة إلى معنويات سلبية في السوق.
كما أن العواطف يمكن أن تؤثر على حركة الأسواق بطرق مختلفة. على سبيل المثال، عندما يسيطر الخوف على المتداولين، قد يبدؤون في بيع أصولهم بشكل هستيري، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بشكل حاد. وبالمثل، عندما يسيطر الجشع على المتداولين، قد يقومون بشراء أصول بشكل مبالغ فيه، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل مفرط. يمكن أيضًا أن تؤدي المشاعر الأخرى مثل الإثارة والأمل والاكتئاب والإحباط إلى اتخاذ قرارات غير واعية أو متسرعة، وبالتالي تؤثر على حركة السوق.
اقرأ أيضًا: ماهو التداول الفوري في سوق الفوركس
نصائح لتعزيز سيكولجية التداول
نشر الخبير النفسي في التداول Steve Ira Present على موقع tradingpsychologyhelp عن كيفية الوقوف في وجه مخاطر التأثيرات النفسية على التداول. وإليكم أهم النصائح التي تم ذكرها:
وضع خطة
يساعدك وضع خطة تداول واضحة على الحفاظ على التركيز والانضباط. ويجب أن تحدد أهدافك، ومستوى المخاطرة الذي تقبله، ومتى تدخل أو تخرج من الصفقات.
إدارة المخاطر
استخدام أدوات مثل أوامر وقف الخسارة يساعدك على السيطرة على الخسائر المحتملة ويقلل من التأثير العاطفي.
مواصلة التعلم
يتغير السوق باستمرار. كلما تعلمت أكثر، زادت قدرتك على التكيف واتخاذ قرارات أفضل.
الوعي والانتباه
يجب أن تكون واعيًا لمشاعرك وأفكارك وممارسة الانتباه الذهني. ذلك يساعدك على التفكير بوضوح واتخاذ قرارات مدروسة.
تسجيل التداولات
يساعدك تسجيل تفاصيل التداول وتحليلها على فهم دوافعك العاطفية والتعلم من أخطائك ونجاحاتك.
تأثير التحيز على التداول
عندما يكون المتداول متحيزًا، فإن ذلك يؤثر على قدرته على اتخاذ القرارات الصحيحة أثناء التداول، حيث يتم تحديد الموقف مسبقًا بدلاً من اعتماد التحليل المنطقي. ويمكن أن يعوق التحيز الحكم السليم ويجعل المتداول يتصرف بناءً على العواطف والرغبات الشخصية بدلاً من الاعتماد على التحليل الأساسي للأصول.
ومن المعتاد أن يقوم المتداول بتداول الأصول التي حققت نجاحًا في الماضي، أو قد يتجنب تداول أصول لديها سجل سابق من الخسائر. فيتعين على المتداولين فهم هذه التحيزات والتغلب عليها لاتخاذ قرارات مدروسة ومنضبطة عقليًا.
بصفة عامة، يجب على المتداولين أن يكونوا على دراية بالتحيزات التي يمكن أن تؤثر على قراراتهم التجارية وأن يعملوا على تجاوزها من خلال الاعتماد على التحليل الهادئ والمنطقي وتقييم الأصول بناءً على معايير محايدة وواقعية.
أنواع التحيزات التي تؤثر على التداول
يساعد فهم أنواع التحيزات المحتملة المتداولين على التعرف عليها وتجنبها، ويشجعهم على اتخاذ قرارات تداول أكثر عقلانية ومنطقية استنادًا إلى التحليل الفني والأساسي للأسواق. وهذه الأنواع هي:
التحيز السلبي
يجعل المتداول أكثر انحيازًا نحو الجانب السلبي للتجارة وينظر بشكل أقل إلى الجوانب الإيجابية والسلبية للتجارة. وقد يؤدي هذا التحيز إلى التخلي عن استراتيجية تداول كاملة عندما يكون ما يحتاجه المتداول هو إجراء تعديلات بسيطة لتحقيق الربح.
مغالطة المقامر
يتمثل في الاعتقاد الخاطئ بأن حدثًا معينًا أقل احتمالًا أو أكثر احتمالًا لحدوثه بناءً على أحداث سابقة. وعلى الرغم من أن احتمالية حدوث هذا الحدث لا تتأثر بالأحداث السابقة، إلا أن المتداول قد يفترض أن الاتجاه سيستمر على أساس ارتفاع سعر أصل معين.
تحيز الوضع الراهن
يحدث عندما يعتقد المتداول أن الصفقات أو الاستراتيجيات القديمة لا تزال صالحة في السوق الحالية. وقد يمنع هذا التحيز المتداول من استكشاف فرص جديدة ذات صلة بالسوق الحالية وقد يحد من قدرتهم على التداول باستخدام استراتيجيات أكثر فعالية ومناسبة.
استراتيجيات تحسين سيكولجية التداول
وجدت استراتيجيات عديدة من أجل تحسين وتدريب قدرة المتداول على التحكم وضبط الذات والمشاعر عند أخذ قرارات التداول والاستثمار. وإليك أكثر هذه الاستراتيجيات فائدة:
- تحسين الجانب النفسي لعملية التداول.
- التعرف على سمات الشخصية.
- إعداد خطة التداول.
- إجراء البحوث.
تحسين الجانب النفسي لعملية التداول
يمكن للمتداولين تعزيز جوانبهم النفسية في عملية التداول من خلال التعرف على عواطفهم وتحيزاتهم وسماتهم التي قد تؤثر في نجاح أو فشل التجارة.
التعرف على سمات الشخصية
ينبغي على المتداولين أن يحددوا بدقة سمات شخصيتهم في وقت مبكر ويخططوا لكيفية التغلب على السمات السلبية أثناء التداول النشط، وذلك لتجنب اتخاذ قرارات عشوائية بدون تحليل فني قوي. علاوة على ذلك، ينبغي على المتداولين تحديد السمات الإيجابية التي يمكن أن تساعدهم في اتخاذ قرارات مدروسة أثناء تواجدهم في السوق.
إعداد خطة التداول
يتم استخدام خطة التداول كدليل لعملية التداول، ويجب أن تركز على الأهداف التي يرغب المتداول في تحقيقها، ونسبة المخاطرة مقابل المكافأة، والاستراتيجية التي تناسبه بشكلٍ أفضل. على سبيل المثال، يمكن للمتداول أن يلتزم بفترات زمنية محددة للتداول يوميًا، وتحديد أهداف الربح، وتعيين وقف الخسارة للتخلص من العواطف في العملية.
وعند إعداد خطة التداول، يجب على المتداولين أن يأخذوا في الاعتبار عوامل محددة مثل العواطف والتحيزات التي قد تؤثر على قدرتهم على الالتزام بالخطة.
إجراء البحوث
يجب على المتداولين أن يخصصوا وقتًا كافيًا قبل الاستثمار في الأسهم أو التكنولوجيا أو الشركات لإجراء البحوث ومراجعة الفرص. ويجب أن يكونوا على دراية بالأخبار الحالية، ويقوموا بدراسة المخططات، وقراءة المجلات التجارية، وإجراء تحليل للصناعة. وفي حالة الإمكان، يجب على المتداولين حضور الندوات والمؤتمرات عبر الإنترنت للمشاركة والتفاعل مع المتداولين الآخرين والمحترفين الماليين. هذا يوفر لهم فرصة لاستكشاف أفكار جديدة وتبادل الخبرات والمعرفة في مجال التداول.
تأثير شعور الخوف على التداول
الخوف هو عاطفة شائعة ترتبط بالتعامل مع المخاطر والمواقف غير المألوفة. في سوق المال، يمكن أن يتسبب الخوف في تأثير سلبي على قرارات المستثمرين وتصرفاتهم. على سبيل المثال، قد يتجنب المستثمرون الدخول في المخاطر أو يقللون من نسبة المخاطرة في الاستثمارات خوفًا من الخسارة. قد يؤدي ذلك إلى تفويت فرص محتملة للربح أو تقليل العائدات الإجمالية.
من الجانب الآخر، يمكن أن يؤثر تحكم المستثمرين في الخوف ومواجهتهم له على نسبة المخاطرة. فعلى سبيل المثال، المستثمرون الذين يتحكمون جيدًا في الخوف ويستطيعون التعامل معه بطريقة مناسبة قد يكونون أكثر عرضة لاتخاذ قرارات استثمارية مدروسة وتحمل مخاطر أعلى. قد يؤدي ذلك في بعض الأحيان إلى فرص لتحقيق عوائد أعلى.
ومع ذلك، يجب ملاحظة أن العلاقة بين الخوف ونسبة المخاطرة معقدة وتعتمد على العديد من العوامل الأخرى، مثل الشخصية الفردية للمستثمر والمعرفة والخبرة في التداول.
في ختام هذا المقال، يمكننا الاستنتاج أن سيكولجية التداول تلعب دورًا حاسمًا في نجاح المتداولين في الأسواق المالية. وفهم العواطف والعوامل النفسية التي تؤثر على قرارات التداول يمكن أن يساعد المتداولين على تحقيق توازن أفضل واتخاذ قرارات مدروسة بناءً على تحليل موضوعي للأسواق.