بدأ تطبيق استراتيجيات التداول الخوارزمي في سوق الفوركس بالازدياد بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة. حيث يعتبر التداول الخوارزمي واحدًا من أكثر أساليب التداول فعالية ودقة في التنبؤ باتجاهات السوق واتخاذ القرارات التجارية المستندة إلى البيانات.
ويستخدم هذا النهج خوارزميات متقدمة وحسابية معقدة لتحليل الأنماط والتقلبات في سعر العملة، وذلك بهدف اتخاذ قرارات سريعة ومستنيرة في سوق العملات الأجنبية المتقلب. وفي هذا المقال سنتعرف على أهم الاستراتيجيات المستخدمة في التداول الخوارزمي في سوق الفوركس، تابعوا معنا.
استراتيجيات التداول الخوارزمي
استراتيجيات التداول الخوارزمي هي استراتيجيات تداول تعتمد على استخدام الحوسبة والتكنولوجيا الحديثة لاتخاذ قرارات التداول بشكل آلي وفقًا لمجموعة من القواعد والمعايير المحددة. تهدف هذه الاستراتيجيات إلى تحسين دقة وسرعة عملية التداول وتقليل تدخل العوامل البشرية. حيث تعتمد استراتيجيات التداول الخوارزمي على تحليل البيانات والمعلومات المتاحة بشكل آلي لاتخاذ قرارات التداول.
يتم تطبيق مجموعة متنوعة من الأدوات والتقنيات الرياضية والإحصائية والمحاكاة الحاسوبية لتحليل الأنماط والاتجاهات في الأسواق المالية وتوليد إشارات التداول. وتتضمن بعض الاستراتيجيات الشائعة للتداول الخوارزمي ما يلي:
- استراتيجيات تتبع الاتجاه.
- استراتيجية فرص التحكيم.
- استراتيجية إعادة موازنة صندوق المؤشرات.
- الاستراتيجيات المستندة إلى النمذجة الرياضية.
- استراتيجية الارتداد بناءً على المتوسط.
- استراتيجية متوسط السعر المرجح بحجم التداول (VWAP).
- استراتيجية النسبة المئوية للحجم (POV).
- استراتيجية التنفيذ الاقتصادي.
استراتيجيات تتبع الاتجاه
تعتبر استراتيجيات تتبع الاتجاه من بين استراتيجيات التداول الخوارزمي الأكثر شيوعًا، حيث تعتمد هذه الاستراتيجيات على متابعة الاتجاهات في المؤشرات الفنية. مثل مستويات الأسعار والاختراقات والمتوسطات المتحركة ومستويات الدعم والمقاومة البسيطة. وتكون هذه الاستراتيجيات سهلة التنفيذ باستخدام الحواسيب وتكون نسبياً ناجحة عند استخدام المؤشرات المناسبة.
وتعتمد عمليات التداول في هذه الاستراتيجيات على اكتشاف ومتابعة الاتجاهات الرئيسية في السوق، ويتم تنفيذ ذلك بشكل برمجي بسيط، من دون الحاجة إلى خوارزميات تنبؤية معقدة. كما تستخدم المتوسطين المتحركين لفترات زمنية محددة، مثل 50 يومًا و 200 يوم. حيث أنه من خلال استخدام المتوسطين المتحركين، يتم ملاحظة تغيرات في الأسعار وتحديد الاتجاهات العامة للسوق. ويعتبر تقاطع المتوسطات المتحركة لفترات زمنية مختلفة إشارة قوية لتغير الاتجاه.
على سبيل المثال، عندما يتقاطع المتوسط المتحرك لمدة 50 يومًا (متوسط قصير المدى) مع المتوسط المتحرك لمدة 200 يوم (متوسط طويل المدى) من الأسفل إلى الأعلى، فإن ذلك يعتبر إشارة لبدء اتجاه صاعد. على العكس من ذلك، عندما يتقاطع المتوسط لمدة 50 يومًا مع المتوسط لمدة 200 يوم من الأعلى إلى الأسفل، فإن ذلك يعتبر إشارة لبدء اتجاه هابط.
استراتيجية فرص التحكيم
فرص التحكيم هي استراتيجية الشراء في سوق معين بسعر أقل والبيع في سوق آخر بسعر أعلى في نفس الوقت. حيث توفر هذه الاستراتيجية أرباحًا خالية من المخاطر، ولكنها تكون صعبة للمتداول البشري لتنفيذها بسبب توافر فرص التحكيم لفترات زمنية قصيرة جدًا، قد تكون محصورة في ثوانٍ فقط. ومع ذلك، فإن الخوارزميات تكون فعالة جدًا في تنفيذ هذا النوع من الاستراتيجية، حيث يمكنها إجراء التداولات على الفور ووضع مئات أو آلاف الصفقات في الدقيقة. يمكن أن تكون هذه الاستراتيجية وسيلة فعالة لتحقيق أرباح خالية من المخاطر.
استراتيجية إعادة موازنة صندوق المؤشرات
إعادة موازنة صندوق المؤشرات هي استراتيجية يتم فيها تعديل محفظة صندوق المؤشرات لمطابقة الأصول الموجودة فيه مؤشر المرجع المحدد، حيث يتاح للمتداولين الخوارزميين فرصة مشابهة للتحكيم من خلال استغلال عملية إعادة الموازنة هذه عن طريق استهداف الأصول التي يجب شراؤها قبل فترة إعادة الموازنة بشكل مباشر. ويفضل تنفيذ مثل هذه الاستراتيجيات باستخدام الخوارزميات للحصول على أفضل توقيت وأسعار أفضل.
الاستراتيجيات المستندة إلى النمذجة الرياضية
تتضمن الاستراتيجيات المستندة إلى النمذجة الرياضية مجموعة من النماذج الحسابية، مثل استراتيجية التداول ذات الدلتا المحايدة، والتي أثبتت كفاءتها في التداول عبر مواقع متعددة لتعويض الدلتا الإيجابية والسلبية. تعرف الدلتا على أنها النسبة التي تقيس تغيير سعر الأصل بالنسبة للتغيير المقابل في سعر المشتقات المرتبطة به، مثل العقود الآجلة أو الخيارات. يتم التركيز على تحقيق توازن عام للدلتا من خلال تنظيم المراكز المفتوحة بحيث تتعادل مجتمعة إلى الصفر. وبالطبع، فإن استخدام خوارزمية قادرة على حساب هذه القيم بسهولة وتنفيذ أوامر متعددة في نفس الوقت يعد الخيار الأمثل.
استراتيجية الارتداد بناءً على المتوسط
تعتمد استراتيجية الارتداد بناءً على المتوسط على الفرضية أن الأسعار العالية والمنخفضة للأصول هي ظواهر مؤقتة، وأن سعر أي أصل سيعود إلى المتوسط في النهاية. إذا تمكن المتداول من تحديد نطاق للسعر وتنفيذ خوارزمية بناءً على ذلك، فإن التداولات ستُفتح تلقائيًا في أي وقت يتجاوز فيه السعر الحدود العلوية أو الدنيا للنطاق الطبيعي. يتم استخدام هذه الاستراتيجية للاستفادة من التقلبات المؤقتة في الأسعار واستغلال فرص الارتداد التي تحدث عندما يتخطى السعر الحدود النسبية للنطاق.
استراتيجية متوسط السعر المرجح بحجم التداول (VWAP)
تعد استراتيجية متوسط السعر المرجح بحجم التداول (VWAP) شائعة الاستخدام بين الصناديق التي تحتاج إلى شراء كمية كبيرة من عملة معينة دون التأثير على سعرها. وتعمل الخوارزمية على تقسيم الطلبات الكبيرة إلى أجزاء أصغر. ومن ثم تنفيذها باستخدام بيانات الحجم التاريخية. والهدف النهائي هو تنفيذ كل أمر قريبًا من متوسط السعر المرجح بحجم التداول، وهناك أيضًا استراتيجية مشابهة تستخدم إطارات زمنية متعددة وتسمى استراتيجية متوسط السعر المرجح بالوقت. يتم استخدام هذه الاستراتيجية لتنفيذ الطلبات على مدار فترات زمنية محددة بشكل متساوٍ، بهدف الحصول على سعر تنفيذ متوسط يعكس التقلبات الزمنية.
استراتيجية النسبة المئوية للحجم (POV)
تعتبر استراتيجية النسبة المئوية للحجم (POV) استراتيجية أخرى من استراتيجيات التداول الخوارزمي تهدف إلى تنفيذ طلب كبير على شكل أجزاء صغيرة، بهدف الحفاظ على استقرار متوسط السعر. حيث تقوم الاستراتيجية بإرسال أجزاء صغيرة من الطلب الكلي وفقًا لحجم محدد ومعلمات السعر، حتى يتم تنفيذ الأمر بالكامل. هذا يساعد على تجنب التأثيرات السلبية التي يمكن أن يسببها إجراء طلب كبير على السوق. بواسطة تقسيم الطلب إلى أجزاء صغيرة قابلة للتنفيذ بشكل مستمر، يمكن تحقيق توازن أفضل بين تنفيذ الصفقة وتأثيرها على سعر الأصل.
استراتيجية التنفيذ الاقتصادي
تهدف استراتيجية التنفيذ الاقتصادي إلى تقليل تكلفة تنفيذ الأوامر من خلال ضبط حجم الأوامر استجابةً لتقلبات السبريد، عندما يزداد السبريد (فارق السعر بين سعر الشراء وسعر البيع)، يقلل الاستراتيجية من حجم الأوامر المرسلة، بينما عندما يكون السبريد أقل، فإنها تزيد من حجم الأوامر. هذا النهج يهدف إلى المحافظة على تكلفة تنفيذ الأوامر منخفضة عن طريق زيادة الأحجام عندما يكون السبريد ضيقًا وتقليلها عندما يكون السبريد واسعًا. بالتالي، يمكن للمتداول تحقيق تنفيذ أفضل للأوامر وتقليل التكاليف الناتجة عن السبريد المرتفع.
ما وراء خوارزميات التداول التقليدية
بالإضافة إلى الخوارزميات التقليدية، هناك فئة خاصة من الخوارزميات التي تبحث عن فرص تداول معكوسة لصفقات قائمة بالفعل. تقوم هذه الخوارزميات بتحديد أوامر شراء أو بيع كبيرة تنفذ بشكل حسابي، ثم تسعى للعثور على طرق لتنفيذ هذه الأوامر من خلال شراء عملات بأسعار أقل وبيعها للخوارزمية بأسعار أعلى. يشار إليها في بعض الأحيان باسم “خوارزميات التداول عالية التركيز”. وإن هذه الخوارزميات تهدف إلى الاستفادة من الفروقات في الأسعار بين الأصول المختلفة في الأسواق المالية.
فعلى سبيل المثال، إذا كانت هناك فرصة لشراء عملة بسعر منخفض في سوق وبيعها بسعر أعلى في سوق أخرى، فإن الخوارزمية ستسعى للاستفادة من هذه الفرصة من خلال تنفيذ صفقات سريعة ومحسوبة. وتعتبر هذه الخوارزميات عالية التقنية وتعمل على الجبهة الأمامية للتداول، حيث تعتمد على تكنولوجيا متطورة وقدرات حسابية قوية لتحليل البيانات واتخاذ القرارات التداولية بسرعة فائقة. تساعد هذه الخوارزميات على تحقيق ربحية أعلى وتحقيق فوائد تجارية متقدمة في بيئة التداول السريعة والديناميكية.
المتطلبات الفنية للتداول الخوارزمي
تعد عملية تنفيذ خوارزمية التداول الخطوة الأخيرة في إنشاء استراتيجية تداول خوارزمية لسوق العملات الأجنبية، وقبل تنفيذ الخوارزمية بشكل فعلي، يجب إجراء اختبار رجعي شامل للتحقق من إمكانية تحقيق الربحية. كما يجب أن يتم التذكير بأنه بمجرد تشغيل نظام التداول الخوارزمي، سيستمر في العمل بغض النظر عما إذا كانت التداولات مربحة أم خاسرة.
لذلك، التحدي الحقيقي يكمن في تحويل الاستراتيجية المفكرة إلى برنامج حاسوبي قادر على التداول بنجاح في سوق الفوركس. وعلى الرغم من أن الأغلبية لن يقوموا بإنشاء خوارزميات تداول الفوركس الخاصة بهم، إلا أنه من المفيد أن يكون لديك معرفة حول كيفية بنائها وكيفية عملها. وقد تجد نفسك في بعض الأحيان تستثمر مع تاجر أو شركة خوارزمية، وإذا اخترت إنشاء خوارزمية خاصة بك، فإليك المتطلبات الأساسية:
- معرفة في برمجة الكمبيوتر، أو القدرة على توظيف مبرمج ما. قد يستخدم البعض أيضًا برامج جاهزة مسبقًا.
- الوصول إلى منصة تداول تدعم التداول الخوارزمي، مثل MT5.
- الحصول على تغذية بيانات السوق الحية.
- وجود طريقة لإجراء اختبارات للنظام قبل تشغيله بشكل فعلي.
- توفر بيانات تاريخية دقيقة لإجراء اختبارات تاريخية للنظام.
وفي نهاية هذا المقال، يمكن القول أن استراتيجيات التداول الخوارزمي في سوق الفوركس تعتبر أداة قوية وفعالة تعزز القدرة على اتخاذ قرارات مبنية على الأدلة والبيانات الكمية. ومع استمرار التقدم التكنولوجي في تطوير الخوارزميات وزيادة القدرات الحسابية، يمكن أن تصبح هذه الاستراتيجيات أكثر تعقيدًا وتطورًا. مما يوفر فرصًا للمتداولين في سوق العملات الأجنبية لتحقيق نتائج أفضل وأكثر ربحية.
