مستويات الدعم والمقاومة في تداول الفوركس مفهومان أساسيان في إطار التحليل الفني. كنا قد ذكرنا في مقالتنا السابقة استخدام مستويات الدعم والمقاومة في ضبط أوامر وقف الخسارة وجني الارباح. وبالتالي نستعرض معك اليوم بتفصيلٍ أكبر أهم النقاط حول هذه المستويات على اعتبار فهم ما تعنيه هذه المصطلحات وتطبيقاتها العملية أمر أساسيّ لقراءة مخططات الأنماط السعرية بشكلٍ صحيحٍ. ( اقرأ أكثر عن الانماط السعرية).
حركة الأسعار بين العرض والطلب
قبل الخوض في تفاصيل مستويات الدعم والمقاومة، لابد من فهم أمرٍ أساسيٍّ، وهو أن كِلا المفهومين يُوصّفان الحركة السعرية للأصل والتي تتغير حسب العرض والطلب. هنا نميِّز حالتين أساسيتين وحالة وسطية:
- ارتفاع السعر: ترتفع الأسعار عندما يكون الطلب أكبر من المعروض في السوق.
- انخفاض السعر: تنخفض الأسعار عندما يكون المعروض في السوق أكبر من الطلب.
- التوازن: يحدث في بعض الأحيان أن تتحرك الأسعار بشكلٍ جانبيٍّ. هنا يكون من العرض والطلب في حالة من التوازن.
للوهلة الأولى تبدو هذه المفاهيم والمصطلحات بسيطة أثناء اتّباع التحليل الفني في التداول وبالأخص في مرحلة تعلم التداول للمبتدئين، لكن في الحقيقة مسألة إتقان هذه المفاهيم في التطبيق العملي تحتاج لشهور وربما سنوات من الممارسة. الآن لندخل إلى صلب الموضوع ونبدأ مع مستويات الدعم.
ما هو الدعم؟ وماهي مستويات الدعم
كما أسلفنا فإن الأسعار تنخفض عند وجود فائض في المعروض في السوق وتفوقه على الطلب، وبالتالي يتخذ السعر الاتجاه الهبوطي. الآن وكلما انخفضت الأسعار أكثر، كلما أصبحت الفرصة متاحة للمتداولين الذين ينتظرون بشغفٍ لشراء “الأسهم”. لكن من المهم معرفة أن السعر لن يستمر بالهبوط وعند نقطة معينة (مستوى ما) سيعود ويرتفع نتيجة عودة الطلب للمستوى الذي يتطابق فيه مع العرض. ومع هذه العودة ستتوقف الأسعار عن الانخفاض. هذا مايعرف ب”الدعم”. بمعنى آخرٍ، هو المستوى الذي ارتدت عنده الأسعار للأعلى. في الانماط السعرية في التداول، يشكل الدعم منطقة على الرسم البياني للسعر تُعتبّر عن رغبة المشترين في الشراء. الآن لننتقل إلى المصطلح الآخر الهام وهو “مستويات المقاومة”.
ما هي المقاومة؟ وماهي مستويات المقاومة
مفهوم المقاومة عكس الدعم تمامًا. فالأسعار سترتفع عند وجود طلب أكبر من المعروض في السوق. ترتفاع الأسعار لتصل إلى نقطة ستطغى فيها رغبة البيع على رغبة الشراء. لماذا يحدث هذا؟
يحدث هذا لعدة أسباب منها أن المتداولين قرروا أن الأسعار مرتفعة كثيرًا أو قد ضربت هدفهم. ولكن الأكيد أن المتداول الفني سيرى بوضوح على تغلب العرض على الطلب في الرسم البياني للسعر. تسمى هذه النقطة التي يصل عندها السعر صعوديًا ب”مقاومة”.
الآن وبمجرد تحديد مناطق (أو مستويات) الدعم والمقاومة، يمكن للمتداول أن يتخذ هذه المستويات كنقاط دخول أو خروج محتملة للصفقات. لماذا؟
لدى وصول السعر إلى نقطة دعم أو مقاومة سابقة، فهناك احتمالية أن يقوم بأحد أمرين: الأول، يرتد السعر بعيدًا انطلاقًا من مستوى دعم أو مقاومة. الثاني، اختراق مستوى السعر والاستمرار في اتجاهه السابق حتى الوصول إلى مستوى الدعم أو المقاومة التالي.
مستويات الدعم والمقاومة في الرسم البياني
الدعم والمقاومة ليسا حكرًا على فترة زمنية معينة أو مكان معين من الرسم البياني، بل يمكن إيجادهما في جميع فترات الرسوم البيانية للحركة السعرية للأصل. سواء كانت الفترة أسبوعية أو يومية أو شهرية. قد لاتتفاجئ إذا قلنا لك أنه يمكنك تحديد مستويات الدعوم والمقاومة في الأطر الزمنية الصغيرة مثل دقيقة واحدة أو خمس دقائق مثلًا.
لكن هنا يجب الانتباه أنه كلما طالت الفترة الزمنية، زادت أهمية الانتباه للدعم و المقاومة. الآن ولتحديد لتحديد مستويات الدعم (أو المقاومة)، عليك إمعان النظر في الرسم البياني لإيجاد توقف كبير في(قاع) انخفاض السعر (أو ارتفاعه مثلًا: “قمة”). من ثم ننتظر لمعرفة هل سيتوقف السعر و/أو يعكس اتجاهه عندما يقترب من هذا المستوى.
من المهم فهم أن التحليل الفني لا يُعتبر علمًا دقيقًا بحد ذاته! ففي بعض الأحوقات ينخفض سعر الأصل إلى مستويات مادون “مستوى الدعم” أو حتى أنه قد ينعكس قبل الوصول لمستوى الدعم السابق. ونفس الشيء بالنسبة لمستويات المقاومة، فقد يعكس السعر اتجاهه قبل الوصول لمستوى المقاومة السابق أو حتى ينكسر فوقه. في كل من الحالتين السابقتين، يحتاج متداول الفوركس للمرونة الكافية في تفسير أنماط النماذج السعرية أمامه.
مثال على مستويات المقاومة
إن كنت متداولًا نشطًا فمن المؤكد أن اختبرت تلك الحالة التي توقف فيها سعر الاصل لدى وصوله لمستوى معيّن. على سبيل المثال، افترض أنك تحتفظ بمركز سهم ما في الفترة مابين شهري مارس إلى نوفمبر وكنت تتوقع زيادة قيمة السهم.
الآن لنتفترض أنك لاحظت أن السعر فشل في تجاوز مستوى 39 دولارًا عدّة مرات على مدار أكثر من شهر، بالرغم من أنه حقق اقترابًا وشيكًا أكثر من مرة من التحرك فوق هذا المستوى.
في حالة كهذه، يطلق بعض المتداولين على مستوى السعر القريب من 39 دولارًا “مستوى مقاومة”. انظر الرسم البياني أدناه، كما تلاحظ، تعتبر مستويات المقاومة كسقف للسعر، لأن مستويات الأسعار هذه تمثل مناطق يتوقف عندها عن الارتفاع.
مثال على مستويات الدعم في التداول
يمكن ملاحظة مستويات الدعم هي الأخرى من الرسم البياني عند الوصول للتوازن. بمعنى آخر، ارتفع الطلب ليصل إلى مطابقة العرض. في هذه الحالة يتوقف انخفاض سعر الأصل، أي أن السعر وصل إلى حدّه الأدنى. كما نلاحظ من الرسم البياني أدناه، يمثل الخط الأفقي المتواجد أسفل السعر “أرضية للسعر”.
تشير الأسهم الزرقاء (أسفل الخط الأزرق الأفقي) إلى أن السعر قد لامس هذا المستوى 4 مرات فيما سبق. يمثل هذا المستوى الذي يمنع انخفاضات أكثر للسعر “مستوى الدعم”.
مصدر الصورة
فهم خطوط الاتجاه TrenLines
إن كان هناك مايمكن ملاحظته أكثر من غيره في الرسوم البيانية السابقة فهو أن المستوى الثابت في حالتي الدعم/المقاومة يمنع سعر الأصل من الارتفاع أو الانخفاض، ويعتبر هذا المستوى أحد أكثر أشكال الدعم / المقاومة انتشارًا بين أوساط المتداولين. لكن من المعروف أن سعر الأصول المالية تتجه بشكلٍ عامّ أعلى و أسفل طوال الوقت. هنا تكمن أهمية مايرعف ب”الاتجاه وخطوط الاتجاه” عند التعامل مع الدعم والمقاومة.
ففي حالة المقاومة، تكون حركة السوق صعودية (نحو الأعلى) بالزامن مع تباطؤ حركة السعر ومن ثم العودة نحو خط الاتجاه. أما عندما يتحرك السعر عكس الاتجاه الحالي يتشكل مايُطلق عليه “رد الفعل”. يشبه رد الفعل في التداول ردود الفعل البشرية إلى حدٍّ كبيرٍ، فهي تحدث لأسباب فجائية وغير متوقعة.
يحدث رد الفعل في التداول تبعًا لمجموعة كبيرة ومتنوعة من الأسباب: جني الأرباح، الشك وعدم اليقين فيما يتعلق بحالة معينة في السوق ستحدث المدى القريب لقطاع معين من الاقتصاد. نتيجة لهكذا أوضاع، تتعرض حركة السعر الناتجة لتأثير مايسميه المتداولون “الهضبة“. تشكل الهضبة انخفاض طفيف مؤقت في سعر الأصل، مما يؤدي إلى تشكيل قمة “قصيرة المدى”.
بالمقابل، يولي العديد من المتداولين أهمية لخط الاتجاه المتشكل تحت الدعم والذي يعتبر تاريخيًا السند الأكبر الذي يمنع السعر من الانخفاض بشكلٍ كبير.
مثال على خطوط الاتجاه في التداول
بالنظر إلى الرسم البياني أدناه، نلاحظ كيف أن خط الاتجاه وفّر دعمًا لأحد الأصول لسنوات عديدة:
بالمقابل، عندما يكون السوق هبوطيًا، سيولي المتداولون اهتمامًا لسلسلة القمم المتراجعة وسيحاولون خلق ربط بين هذه القمم و خط الاتجاه. هنا وعند اقتراب السعر من خط الاتجاه، سيشهد المتداولون تعرض الأصل لضغط بيع كبير وفي هذه الحالة قد يفكرون في الدخول في “مركز قصير”.
لماذا؟
هنا سيلعب تاريخ سعر الأصل دورًا مهمًّا وستبرز أهمية خطوط الاتجاه، لأنه في الماضي، دفعت هذه المنطقة السعر للأسفل.
هنا يبرز سؤال مهم:
متى يعتبر خط الاتجاه مفيدًا؟
كي يكون خط اتجاه ما مفيدًا، يجب أن يلمس السعر هذا الخط ثلاث مرات على الأقل.
ملاحظة 1: أحيانًا، يلامس السعر خط الاتجاه عدة مرات في فترات زمنية أطول ويعود ذلك لوجود خطوط اتجاه أقوى.
ملاحظة 2: في حالة الاتجاه الصعودي يُرسم خط الاتجاه أسفل السعر. أما في حالة الاتجاه الهبوطي يُرسم خط الاتجاه فوق السعر.
خلاصة
في النهاية، يجب التأكيد على التحليل الفني ماهو إلا أسلوب لمحاولة تحديد السعر المستقبلي للأصل ما (أو السوق ككل). هذا لايعني أنه كافٍ، فقد يستخدم بعض المتداولين التحليل الأساسي والفني معًا في تداولاتهم. فالتحليل الأساسي وسيلة لتحديد ماذا تشري والتحليل الفني لتحديد متى تشري. لاتنسى أنه كما في أيّ تخصص تدرسه، يتطلب الأمر منك العمل والاجتهاد حتى تصبح خبيرًا فيه.
أسئلة شائعة: FAQS
1. هل تختلف أهمية مستويات الدعم والمقاومة لدى التداول على فترات مثل 15 دقيقة؟
لاتختلف أهمية مستويات الدعوم والمقاومات مع اختلاف الأطر الزمنية فهي مهمة دومًا. لكن مايمكن قوله هو هذه المستويات قد تمتد لفترات أطول في التدولات الطويلة الأجل أكثر من تلك القصيرة الأجل. فمثلًا مستويات الدعوم المتشكلة مع شموع شهرية قد تدوم شهور، وبالتالي من المهم إعطاء أهمية أكبر للمستويات الطويلة الأجل.
2. كيف أجد مستوى الدعم والمقاومه في تداولات الخيارات الثنائية؟
يتم تداول الخيارات الثنائية BINARY OPTIONS على أساس السوق الأساسي. وبالتالي، سيرسم متداولو الخيارات الثنائية خطوط السوق الأساسي. فمثلًا، إذا كنت تتداول خيارات ثنائية على الذهب، فستجد مستويات دعم ومقاومة على السعر الفوري للذهب لتحديد استراتيجيتك الثنائية.